رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشاهد وطنية من انتخابات المصريين فى الخارج

شيء كبير تغير داخل المصريين، حتى الموجودين منهم خارج البلاد.. شيء قبع في أعماق نفوسهم وملأ قلوبهم، بأن البلد الذي نشأوا على أرضه وتربوا بين ربوعه، جدير بالمساندة والاصطفاف حول قيادته، لأنهاـ أي القيادةـ كانت صمام الأمان الذي حفظ لهم هذا البلد، ومنع عنه غائلة السطو والاستلاب، الذي دفع بالبعض منهم، أيام حكم الإخوان، إلى الفرار إلى دول أوروبا والولايات المتحدة، هربًا من الذين قبضوا على بلدهم بالحديد والنار مدة عام، وظنوا أنهم جالسون على عرشه لألف عام، لولا هبَّة الشعب، التي انتصر لها جيشنا العظيم، ووقفة الرجال التي وقفها المشير- آنذاك- عبدالفتاح السيسي، وقال جملته الشهيرة (أي مروءة ممكن نعيش بيها، كجيش، لما الشعب المصري يعيش مُروَّع وخايف.. إحنا نروح نموت أحسن).. منذ تلك اللحظة، أدرك الشعب المصري أنه يرتكن خلف قائد يحب بلاده، مخلص لشعبها، مستعد أن يفتديها، حريص على بنائها والنهوض بها، مهما كانت التحديات.. فتمسك الشعب به، وبادله حبًا بحب وإخلاص بإخلاص، وتحمل معه فاتورة إصلاح اقتصادي صعب، وما زال يتحمل، غير مُتبرم أو غاضب، حتى في أحلك اللحظات التي تمر بها البلاد.
وإذا كانت المواقف تكشف معادن الرجال، وتُبرهن على صدق الولاء والانتماء.. فتعالوا نرى كيف يحتفي المصريون، في أصقاع الأرض، من أقصاها إلى أقصاها، بفعاليات الانتخابات الرئاسية التي بدأت إجراءاتها في الخارج، يوم أمس الجمعة، لندرك أن هذه الانتخابات فرصة مواتية أمام المواطن المصري المُغترب، للتعبير عن حبه لبلاده، وتجديد الثقة في قيادتها، التي ما فتئت تهتم بشئونهم وترعى مصالحهم عبر الحدود، وهو ما لم يكن يحدث من قبل.. إنه زمان المواطن المصري في كل مكان، الذي يشعر بكينونته وقيمته، ويدرك أن بلاده في ظهره، متى ما ألمت به ضائقة.
على أنغام (تسلم الأيادى)، حرص المئات من أبناء الجالية المصرية فى أمريكا على الذهاب إلى مقار القنصليات المصرية فى جميع أرجاء الولايات المتحدة، للإدلاء بأصواتهم، حيث شهدت صناديق الاقتراع إقبالًا كثيفًا على التصويت، وحمل المصريون صور الرئيس عبدالفتاح السيسى، تعبيرًا عن تأييدهم له.. وفى ميلانو الإيطالية، حرص أبناء الجالية المصرية على الذهاب إلى مبنى القنصلية العامة المصرية هناك، رغم سوء حالة الطقس من البرد القارس والأمطار، للإدلاء بأصواتهم.. كذلك الحال فى النمسا، فبرغم الأمطار والأجواء الباردة، توافدت أعداد كبيرة من أبناء الجالية المصرية للإدلاء بأصواتهم، وعقب التصويت، نظموا وقفة تضامنية مع فلسطين، تعبيرًا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطينى، واتساقًا مع الموقف الرسمي المصري المساند للقضية، المدافع عن حق الشعب الأعزل في تقرير مصيره، وموقف القيادة المصرية الرافض للتهجير القسري لأبناء فلسطين من أراضيهم، سعيًا من دولة الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية. 
كانت نيوزيلندا أول دولة فتحت فيها السفارة المصرية أبوابها أمام الناخبين، حيث يوجد فرق توقيت بين مصر ونيوزيلندا بمقدار إحدى عشرة ساعة كاملة، حيث تقع نيوزيلندا فى جنوب غرب المحيط الهادئ وتتكون من جزيرتين رئيسيتين، بجانب مجموعة جزر صغيرة وعاصمتها ويلينجتون.. بعدها فتحت القنصليات أبوابها فى 137 سفارة وقنصلية فى 121 دولة حول العالم أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم.. وتشهد سفارات وقنصليات مصر فى أوروبا وأمريكا إقبالًا من الناخبين الذين جاءوا للإدلاء بأصواتهم، وسط توقعات أن تشهد تلك السفارات إقبالًا متزايدًا يومى العطلة، السبت والأحد، حيث تم توفير كل سبل الرعاية للمنتخبين، لا سيما في ظل ظروف الطقس الصعبة وسقوط الثلوج خلال أيام العملية الانتخابية الثلاثة، وتم توفير أماكن انتظار داخل السفارة تكفي لكل أعداد للناخبين الراغبين في الإدلاء بأصواتهم.. وقد حرص الناخبون على اصطحاب أبنائهم خلال الإدلاء بأصواتهم، إيمانًا بأهمية المشاركة فى العملية الانتخابية، بهدف دعم مؤسسات الدولة وتثبيت ركائز النظام الديمقراطي، حاملين أعلام مصر ولافتات دعم وتأييد، وصور الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ورغم بُعد المسافة بين مقر إقامته ومكان لجنة الانتخاب، بما يعادل ثلاث ساعات ونصف الساعة من السفر، سافر الأب كيرلس من مدينة كورك جنوب أيرلندا إلى مقر السفارة المصرية فى دبلن للإدلاء بصوته، مؤكدًا أن سفره وإدلاءه بصوته فى الانتخابات واجب وطنى مُلزم به كل محب لوطنه، وأن المسافات لا ينبغي أن تُثنى المصريين عن أداء هذا الواجب، لأن كل مصري لديه واجب يقوم به لاختيار الرئيس الذى يرى أنه سيدفع مصر إلى الأمام وإلى التطوير، وأعرب عن أمله أن يُصوت المصريون فى الانتخابات التي ستحدد الرئيس القادم، داعيًا إلى التعاون وبذل الجهود، حتى تظل لمصر الريادة، مؤكدًا أيضًا أن أبناء المصريين فخورون ببلدهم ويريدون لها كل الخير.. إن السفر للإدلاء بالتصويت هو أقل ما يمكن تقديمه لمصر.. كذلك حرص الراهب القس إيرينئوس البراموسي، النائب البابوی في دولة قبرص، على الإدلاء بصوته، في أول أيام التصويت، ليفاجأ بعدد كبير من المواطنين حاملين أعلام مصر، يصطفون أمام المقر الانتخابي، مثلما هو الحال أمام جميع البعثات الدبلوماسية والقنصلية، إيمانًا منهم بأهمية مشاركتهم في هذا العرس الديمقراطي الذي كفله لهم الدستور.. وفى ذات السياق، واصل المصريون بروسيا التوافد على مقر السفارة المصرية بموسكو للإدلاء بأصواتهم في الاستحقاق الانتخابي الأهم، رغم برودة الجو القارص هناك.
على مدار أمس واليوم، كانت هناك مشاهد تدل على وطنية المصريين فى الخارج وحبهم لبلدهم.. فرغم برودة الجو فى بعض الدول ووصولها إلى تحت الصفر، حرص، حتى كبار السن، على المشاركة لتحديد مستقبل البلاد من خلال الاستحقاق الانتخابى.. فهذا مواطن مصري من ذوي الهمم يحرص على المشاركة والإدلاء بصوته فى قنصلية مصر فى نيويورك.. وفى فنلندا، استقبل السفير المصرى هيثم صلاح، وساعد ناخب مُسن على صعود سلالم السفارة المصرية فى هلسنكي للإدلاء بصوته.. جاء المواطن رغم صعوبة حركته، ورغم برودة الجو التي وصلت درجة الحرارة فيه إلى سالب 6 وسقطت الثلوج.. قال المواطن للسفير إنه كان سيأتى للإدلاء بصوته حتى وإن كان يزحف، فهذا أقل شيء يمكن عمله وتقديمه لبلادنا، وقال إن مصر لها أبناء يحافظون عليها ويحمونها ويأمنونها ويحرسونها، فمصر بناسها الشرفاء الوطنيين الذين يحبونها.. بينما وجهت أكبر سيدة، ضمن المشاركين فى عملية التوصيت بالانتخابات الرئاسية المصرية فى مسقط، رسالة شكر وتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى، لما قام به من أجل مصر، من حفظ للأمن والأمان والاستقرار، وقالت إن الرئيس السيسى (هو اللى حمينا.. ربنا يخليك لينا يا حبيبى ويطول فى عمرك ويخليك لوطنك ولولادك كل المصريين، مسلمين ومسيحيين).
●● وبعد..
فقد أكد الناخبون أن مشاركتهم في تصويت المصريين بالخارج تُعد مساهمة بسيطة لتلبية نداء الوطن، وتقديم رسالة للرأي العام العالمي، بأن المصريين في الداخل وكذلك الخارج حريصون على دعم مسيرة الاستقرار لاستكمال عملية التنمية الشاملة التى تشهدها البلاد، والتي يشعر بها حتى أبناء الجاليات المصرية بمختلف دول العالم عند عودتهم.. وما اصطحابهم لأبنائهم خلال الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة إلا إيمانًا منهم بأهمية المشاركة في العملية الانتخابية، وضرورة تعليم أولادهم قيم الولاء والانتماء للبلد الذي نشأوا فيه وتربوا من خيره، وأنه من المهم دعم مؤسسات الدولة وتثبيت ركائز النظام الديمقراطي.. تلك هي مصر، وهؤلاء هم أبناء مصر المربوطين بحبل سُري مع وطنهم، حتى ولو باعدت المسافات بينهم وبينه.. أما لماذا كان إصرارهم على اختيار عبدالفتاح السيسي لمدة رئاسية جديدة.. فذلك حديث المقال القادم.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.