رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اغتيال أطفال غزة فى اليوم العالمى للطفولة

ستظل الجرائم الوحشية لأطفال غزة التى ترتكبها القوات الإسرائيلية، وصمة عار فى وجه منظمة الأمم المتحدة المنوط بها تنظيم العلاقات بين الدول، فبالأمس وصل عدد القتلى من الأطفال فى غزة إلى ٥٦٠٠ طفل؛ نتيجة العمليات العسكرية التى قامت بها القوات الإسرائيلية، وتدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك فى اليوم العالمى لحقوق الطفل، أمس الأول، ٢٠ نوفمبر.

وستظل وصمة عار فى جبين المجتمع الدولى الذى لم يستطع أن يُصدر قرارًا فى مجلس الأمن بوقف غزو قطاع غزة وقتل الفلسطينيين، حيث إن غالبية القتلى من الأطفال والنساء بنسبة ٧٣٪، ويتم ضرب المنازل بالقنابل وهدمها على رءوس ساكنيها، كما تقوم إسرائيل باستهداف المدارس التى يحتمى فيها الفلسطينيون مع أبنائهم، ويتم قطع الكهرباء والوقود واقتحام المستشفيات، فى سابقة تاريخية لم يشهدها العالم من قبل.

حيث مات الأطفال الرُضع فى الحضّانات نتيجة قطع الكهرباء عنها، كما تتم ممارسة أبشع سياسات التجويع وقطع المياه والكهرباء والوقود، وعرقلة وصول قوافل المساعدات والأغذية والاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين، الذين يواجهون الموت والخراب والجوع فى كل لحظة، والذين تتهدم منازلهم فيضطرون للنزوح هربًا من القصف إلى الجنوب بعد اجتياح الجيش الإسرائيلى غزة.

كل هذا يتم تحت بصر وسمع العالم، وتستمر الولايات المتحدة فى إمداد إسرائيل بالأسلحة والجنود؛ غير مبالية بالغضب الذى يجتاح المدن الكبرى فى مختلف أنحاء العالم وفى شوارع المدن الكبرى بها.

ورغم نداءات المنظمات الدولية، بوقف مهاجمة المستشفيات من قبل الجيش الإسرائيلى، إلا أن إسرائيل تستمر فى تنفيذ مخططاتها الإجرامية، ويا له من فشل ذريع للمجتمع الدولى، الذى لم يستطع إصدار قرار بإرغام إسرائيل على وقف القتال ووقف الجرائم الدموية التى تمارسها ضد الأطفال جهارًا نهارًا بلا توقف.

ورغم أن العالم يحتفل باليوم العالمى لحقوق الطفل، فإن الطفل الفلسطينى يفتقر إلى أبسط حقوقه فى الحياة والاستقرار، بل إن قطاع غزة ينعى أطفاله الذين قُتلوا فى العمليات العسكرية، ومن سخريات القدر أن يحتفل العالم باليوم العالمى للطفل فى ٢٠ نوفمبر، بينما الطفل الفلسطينى تُسلب حقوقه ويُقتل ويتم هدم بيته، ولا يجد أى حقوق له فى ظل وحشية تمارسها إسرائيل عليه، ولا يجد من ينقذه.

وكانت منظمة الأمم المتحدة قد أعلنت أن يوم ٢٠ نوفمبر هو موعد الاحتفال بيوم الطفل العالمى، وذلك فى عام ١٩٥٤، باعتباره مناسبة عالمية يحتفل بها العالم فى هذا اليوم من كل عام، لتعزيز الترابط الدولى وإذكاء الوعى بين أطفال العالم وتحسين أحوالهم، وهو تاريخ مهم، حيث تم اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل فى عام ١٩٥٩، كما أنه أيضًا تاريخ اعتماد الجمعية العامة لاتفاقية حقوق الطفل فى عام ١٩٨٩. ومنذ عام ١٩٩٠ يحتفل العالم باليوم العالمى للطفل؛ بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل وللاتفاقية المتعلقة بها، ويمكن للأمهات وللآباء وللمشتغلين وللمشتغلات فى مجالات التعليم والطب والتمريض والقطاع الحكومى، وناشطى المجتمع المدنى وشيوخ الدين والقيادات المجتمعية المحلية والعاملين فى قطاع الأعمال وقطاع الإعلام، فضلًا عن الشباب، وكذلك الأطفال أنفسهم، أن يضطلعوا بأدوار مهمة لربط يوم الطفل العالمى بمجتمعاتهم وأممهم، ويتيح اليوم العالمى للطفل لكل منّا نقطة وثب ملهمة للدفاع عن حقوق الطفل وتعزيزها والاحتفال بها، وترجمتها إلى نقاشات وأفعال لبناء عالم أفضل للأطفال.

إلا أن السؤال الآن الذى يتبادر إلى ذهنى هو: أين حقوق الطفل الفلسطينى الذى يتعرض لجرائم إبادة؟، وأين هو هذا العالم الأفضل الذى يتم بناؤه للطفل الفلسطينى؟، إن الموقف يتفاقم، بل إن جيش الاحتلال الإسرائيلى قد كشف عن انتقاله إلى المرحلة الثانية من التوغل البرى فى قطاع غزة تزامنًا مع تصعيد استهدافه المستشفيات فى شمال قطاع غزة، وقالت منظمة العفو الدولية إنها تدعو للتحقيق بجرائم الحرب فى غزة، وإن القوات الإسرائيلية قد أظهرت لا مبالاة تقشعر لها الأبدان إزاء الخسائر الكارثية التى لحقت بالمدنيين بسبب قصفها المستمر بلا توقف قطاع غزة، وحثت منظمة العفو الدولية، أمس الأول، المدعى العام بالمحكمة الجنائية الدولية على اتخاذ إجراءات فورية وملموسة لتسريع التحقيق فى جرائم الحرب بقطاع غزة، وفى تقديرى أنه لا بد من اتخاذ المجتمع الدولى إجراءات جادة وفورية لوقف عمليات القتل الجماعى، وضرورة إدراج إسرائيل فى قائمة العار لانتهاك حقوق الأطفال.

لقد طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى المجتمع الدولى بأن يقوم بمسئولياته، وطالب بالوقف الفورى للحرب الدائرة فى قطاع غزة، ووقف التهجير القسرى للفلسطينيين، ويقوم بجهود حثيثة لتوصيل المساعدات إلى أهالى غزة من الفلسطينيين الذين يتعرضون لمجازر دموية فى كل لحظة، ويقف الشعب المصرى يدًا بيد مع الرئيس عبدالفتاح السيسى داعمًا ومساندًا للشعب الفلسطينى ورافضًا التهجير القسرى، ومطالبًا بالحقوق المشروعة له وبوقف الاعتداءات الوحشية على أهل قطاع غزة، وتواصل مصر جهودها الحثيثة لوقف القتال الفورى أملًا فى حل القضية الفلسطينية وباستئناف المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل، والوصول للحل الذى لا حل سواه، وهو إعلان حل الدولتين، دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية.

ولعل الضغوط الدولية واندلاع المزيد من المظاهرات فى المدن الكبرى فى أنحاء العالم ومواقف أكثر تشددًا من الدول العربية والإسلامية، وبروز دور أكبر للصين وروسيا فى مواجهة الصلف الإسرائيلى والغرور الأمريكى- قد يسفر كل هذا عن تراجع الدعم الأمريكى التام لإسرائيل، والضغط على نتنياهو للتوقف عن جرائم الحرب المروعة التى بلا شك لا بد أنها ستسفر قريبًا عن إدانته واتخاذ إجراءات ضده على كل الجرائم البربرية والاعتداءات الوحشية التى يرتكبها هو وزبانيته ضد أطفال فلسطين.