رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ألمانيا.. الـ«20».. وإفريقيا

سلسلة قرارات تهدف إلى مساعدة الشركات الألمانية على الانخراط فى السوق الإفريقية، ووعود باستثمار ٤ مليارات يورو فى الطاقة الخضراء، أعلن عنها المستشار الألمانى أولاف شولتس، خلال قمة «مجموعة العشرين للشراكة مع إفريقيا»، التى أقيمت فى برلين، أمس الأول الإثنين، بمشاركة قادة وممثلى ١٢ دولة إفريقية، وعدد من قيادات الاتحاد الإفريقى، الذى صار فى سبتمبر الماضى عضوًا دائمًا فى المجموعة.

يتنافس غرب العالم وشرقه على النفوذ والموارد والفرص الاقتصادية فى ثانى أكبر قارات العالم من حيث عدد السكان، وأكثرها فقرًا. ومنذ توليه منصبه، أواخر ٢٠٢١، زار «شولتس»، القارة الإفريقية عدة مرات وأجرى محادثات ثنائية، مع عدد من زعماء دول القارة. ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مسئولين حكوميين ألمان أن إفريقيا يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا فى مساعدة بلادهم على تنويع سلاسل التوريد، بشكل أفضل، وتأمين العمالة الماهرة والحد من الهجرة غير الشرعية وتحقيق التحول الأخضر.

ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «جان جوريس» الفرنسية، أشارت إلى أن ألمانيا تسعى إلى انفتاح أكبر مع الدول الإفريقية، من أجل «قطع الصلة بالماضى الاستعمارى، وتصحيح التوازن غير المتكافئ للقوى بين القارتين». وأكدت الورقة أن أوروبا ستحتاج إلى الغاز الطبيعى الإفريقى لسنوات طويلة مقبلة. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن ألمانيا خصصت نحو ٢٦٠ مليار يورو، أو ٢٧٥ مليار دولار، للتعامل مع المخاطر المباشرة لأزمة الطاقة الناتجة عن الأزمة الأوكرانية. ويتوقع تقرير نشرته وكالة الأنباء الألمانية، أن تصل تكلفة تقليل آثار الصدمات المستقبلية، بحلول سنة ٢٠٣٠، إلى أكثر من تريليون دولار.

إلى جانب حاجتها إلى الطاقة، تسعى ألمانيا، إلى ربح أوراق سياسية عبر «مزاحمة روسيا» فى المناطق التى تشهد أوضاعًا أمنية «هشة»، حسب «معهد أبحاث السلام فى فرانكفورت»، PRIF، الذى أشار، فى تقرير، إلى أن الدعم الروسى لإفريقيا، يغطى بشكل أساسى ثلاثة مجالات هى الأسلحة والمخابرات والدعاية، وذكر أن روسيا قامت، منذ سنة ٢٠١٥، بتوقيع اتفاقيات عسكرية مع ١٩ حكومات إفريقية.

فكرة شراكة مجموعة العشرين مع دول إفريقيا، أطلقتها المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، سنة ٢٠١٧، خلال رئاسة ألمانيا المجموعة، وتهدف إلى تحسين فرص الاستثمار والتجارة بين الجانبين، وتعزيز دور إفريقيا كموقع للاستثمار، ودعم التنمية المستدامة فى القارة السمراء. ووقتها، أى سنة ٢٠١٧، عملت عدة وزارات ألمانية على تطوير خطط مشتركة لتعزيز التعاون، غير أن عدم وجود استراتيجية شاملة ومتماسكة لدى الحكومة الاتحادية، جعل تلك الخطط مجرد حبر على ورق!.

السنة الماضية، وصل حجم التجارة الألمانية مع إفريقيا إلى ٦٠ مليار يورو، أو ما يعادل ٦٥.٤ مليار دولار، وهو رقم صغير قياسًا بحجم تجارتها مع آسيا، لكنه يزيد بنسبة ٢١.٧٪ على سنة ٢٠٢١. وخلال اجتماعه بقادة وممثلى دول القارة، قبيل انطلاق القمة، شدّد المستشار الألمانى على ضرورة زيادة استثمارات الشركات الألمانية فى إفريقيا، وأكد أن القارة لديها إمكانات هائلة، وبإمكانها أن تصبح «موّردًا رئيسيًا» للهيدروجين الأخضر، الذى تحتاجه بلاده بشدة خلال السنوات المقبلة لتحقيق الحياد الكربونى.

أيضًا، تعهد المستشار الألمانى، خلال مؤتمر صحفى مشترك، بأن تصبح بلاده شريكًا طويل الأمد وموثوقًا للدول الإفريقية. وردًا على سؤال بشأن الوجود الصينى القوى فى القارة، قال موسى فقيه محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، إن الصين «ربما كانت أكثر جرأة، وربما كانت لديها رؤية أشمل وربما كانت تثق فى إمكانات إفريقيا». ثم أكد أن «القارة منفتحة على تكوين شراكات مختلفة»، وطالب الجانب الألمانى بأن يضع ثقته فى دول القارة، وأن يفرض شروطًا أقل، حتى نتمكن، معًا، من تهيئة الظروف الملائمة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر لديها ١٤٤٤ شركة ألمانية، تعمل فى مجالات الصناعة، السياحة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، و.... و... وفى ختام فعاليات الدورة السادسة للجنة الاقتصادية المصرية الألمانية المشتركة التى استضافتها برلين، أواخر الشهر الماضى، جرى الإعلان عن بدء عملية التفاوض بشأن إنشاء منطقة صناعية ألمانية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.