رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الفخ» التاريخى.. كيف ينجو «فيتوريا» بالفراعنة فى تصفيات المونديال؟

فيتوريا
فيتوريا

«مجموعة منتخب مصر سهلة وفى المتناول، وعدم صعودنا للمونديال هيبقى تهريج»، هذا التصريح يخص الكابتن وليد صلاح الدين، نجم الأهلى ومنتخب مصر سابقًا، المحلل الذى يحظى بثقة كبيرة من المتابعين لما له من خبرات وتجارب ورؤى فنية تتمتع بالعمق فى الطرح ورصد جوانب لا يراها سوى لاعب كبير مثله، وذلك قبل ساعات من انطلاق مشوار المنتخب فى تصفيات مونديال ٢٠٢٦ بمباراتى جيبوتى وسيراليون، الخميس، والأحد المقبل. 

ورغم محاولته فى نهاية حديثه تأكيد ضرورة عدم الاستهانة، وكلمات الاستهلاك الإعلامى على شاكلة أن كل شىء وارد فى كرة القدم، فإن رأيه العام يحمل قدرًا كبيرًا من «التعالى»، الذى ينذر بالخطر التاريخى الذى دومًا ما نقع فيه، فنكون ضحية لمنتخب لم تكن له سوابق فى عالم كرة القدم الإفريقية قبل أن يعلن عن وجوده فقط بتعطيلنا. الأكثر غرابة من ذلك هو عدم إدراك طبيعة المنافسة على البطاقة المؤهلة بالتحديد حين قلل من كل المنتخبات التى رآها ضعيفة وسهلة للغاية.

صحيح أن جيبوتى وسيراليون وإثيوبيا منتخبات سهلة وفى المتناول، ويمكن الفوز عليها بأهداف كثيرة ذهابًا وإيابًا، لكن طبيعة المنافسة فى إفريقيا بسنواتها الأخيرة تقوم على طرفين فحسب، بينما يلعب البقية دور «الكومبارس»، وتكون قضيتك الأساسية مع منافس رئيسى واحد، قادر على أن يفوز مثلك على كل هذه المنتخبات الصغيرة، وتقتصر الأمور كلها على مواجهته معك.

سيكون الصراع بين منتخب مصر ونظيره بوركينا فاسو، والأخير فى سنواته الأخيرة بمنافسات إفريقيا لم يعد مصنفًا كمنتخب صغير أو متوسط بل صار من الكبار، وندًا للجميع يصل للأدوار الختامية ويخرج بصعوبة بالغة.

بوركينا فاسو أيضًا لديه من المحترفين ما هو أكثر منا، فأصبح منتخبًا قويًا قادرًا على الوصول لأبعد نقطة، وتشبع محترفوه، خلال السنوات الأخيرة، بالخبرات والمواقف التى تجعلهم جاهزين الآن للتعلم من دروس الماضى، وتجنب الخيبات التى حرمتهم من التتويج بالبطولات أو الوصول للمونديال، وكل الخوف أن يأتى موعد جنى الثمار على حسابنا، لدينا موروث ثقيل من الحزن فى هذا السياق، ولا داعى للاستشهاد به فجميعنا نحفظه، بكواليسه المريرة.

على النقيض من حديث وليد صلاح الدين أعجبنى رأى هوبير فيلود، المدير الفنى لمنتخب بوركينا فاسو، وأخافنى فى نفس الوقت حين قال إن منتخب مصر صاحب التاريخ الكبير مهيمن على الكرة الإفريقية، فى محاولة إلى صرف الانتباه عن الفخ الذى يعده لنا، وعن فرصته التى يؤمن بها بمزاحمتنا وسرقة البطاقة منا.

والأكثر إعجابًا قوله إن غينيا وسيراليون وإثيوبيا منتخبات لم تعد كما كانت، لقد تطورت وظهرت بشكل أكثر ندية فى بطولات أمم إفريقيا الأخيرة.

يبدو «فيلود» أكثر فطنة من وليد صلاح الدين، ومن غالبية الرأى العام المصرى الذى دومًا ما يقلل من المنافس قبل أن يتفاجأ بسيناريوهات لم تكن فى الحسبان، فالأول يعرف جيدًا، أنه وفى طريقه للانشغال بمنتخب مصر لا يجب أن يستهين بأى من تلك المنتخبات، فربما يكون تعثر واحد فى أى من تلك الملاعب كفيلًا بقتل فرصه.

لم يتعال مدرب بوركينا فاسو، الخبير بكواليس الكرة فى القارة السمراء، وهو ما يجب أن يؤمن به روى فيتوريا حديث العهد بالكرة الإفريقية وطبيعة منافساتها.

علينا أن نحتاط تمامًا فى كل مواجهة، وأن نلعب بـ١٠٠٪ مما لدينا، وأن نفوز فى كل مرة، وأن نبحث عن أكبر عدد من الأهداف لربما يكون الأمر محددًا لطبيعة بطل المجموعة، أو حتى فى حالة الوصافة والاحتياج للعبور عبر المقعد المخصص فى ملحق القارات، لا قدر الله.

ربما تكون رسالة الاستهتار الأولى، التى تغلب على قطاع كبير، مقلقة، لكن المطمئن فى الأمر هو انعزال فيتوريا عن الصورة العامة التى يصنعها سواء الإعلام أو الجمهور.

تستطيع أن تلمس ذلك فى اختياراته الجادة، فهو لم يبحث عن تجريب «أوفا» أو غيره من لاعبى الدورى المتألقين مؤخرًا، ولم تهمه خلافات الزمالك مع فتوح.

يمكننا أن نستخلص مدى جديته، فهو لا يرى مثل تلك المواجهات مجالًا للتجريب، مهما كانت الفجوات والفوارق، وأن أى عثرة قد لا تكون هناك فرصة لتعويضها لاحقًا.

لم يشغله مستقبل فتوح فى الزمالك أو الأهلى، وهل سيكون جاهزًا لأمم إفريقيا المقبلة أم لا، بل كان يعنيه شىء واحد فقط: «ماذا أفعل الآن، وكيف أكون فى أقوى صورة أمام سيراليون وجيبوتى؟»، حتى لو رآهما كثيرون خصمين فى المتناول ومواجهتهما فى غاية السهولة، فإن الشخص المسئول مثل فيتوريا لا يذهب لهذا المنهج، ويعى مدى خطورته.

رسالته القوية التى جاءت من بداية المعسكر ومع الانطلاقة يجب أن تكون لنا أولًا، وأن يعيها كل اللاعبين وجميع إدارات الأندية، واتحاد الكرة، نحن لسنا ذاهبين إلى نزهة فى إثيوبيا أو سيراليون وغينيا وجيبوتى، بل ينتظرنا تحدٍ كبير فى كل هذه البلدان، وينتظرنا خصم عنيد لديه الطموح الكبير فى بوركينا فاسو.