رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تنتصر لفلسطين برفض التهجير وإعلان حل الدولتين

إن موقف مصر التاريخى الفاعل والواضح والداعم على كل المستويات للقضية الفلسطينية وحل الدولتين ورفض التهجير قد أسفر، فى تقديرى، عن عدة نتائج مبدئية وأساسية واضحة أمام العالم أجمع، رغم استمرار الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة، والتى تشاركها الولايات المتحدة.

فقد أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن موقف مصر الرسمى عدة مرات منذ اندلاع طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر الماضى، وفى كل لقاءاته واتصالاته اليومية بقادة ورؤساء وملوك وكبار المسئولين من كل أنحاء العالم، بل ولمن حضروا إلى القاهرة لتبادل وجهات النظر معه حول القتال الدائر فى قطاع غزة، وفى تخريج دفعات جديدة من الكليات والأكاديميات العسكرية، وفى قمة القاهرة للسلام، وفى قمة الدول العربية والإسلامية بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية.

وهناك إصرار وجهود من القيادة السياسية المصرية لتوصيل المساعدات الإنسانية من خلال قوافل الإغاثة وسيارات نقل الأغذية والأدوية والاحتياجات الضرورية من خلال معبر رفح المصرى إلى غزة، وأيضًا يمارس الرئيس المصرى دورًا محوريًا فى مفاوضات الإفراج عن الرهائن، والمطالبة بهدنة لتوصيل المساعدات والوقود والمياه للفلسطينيين الذين يواجهون القتل والتجويع والقصف الوحشى وجرائم حرب تدينها كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية.

من ناحية أخرى، يتفاقم موقف المدنيين الفلسطينيين، حيث تتصاعد العمليات العسكرية وقتل المدنيين الذين بلغ عددهم حتى الأمس ما يزيد على ١١ ألف شهيد منهم أكثر من ٤٦٠٠ طفل وأكثر من ٣٠٠٠ امرأة، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية عن أن هناك طفلًا يموت كل ١٠ دقائق من جراء القصف الإسرائيلى الشرس والمتواصل على غزة، وينزح الآلاف إلى الجنوب هربًا من الموت والقصف المتواصل على كل شىء، المساكن والمستشفيات والمدارس، وليس هناك أمامهم ملاذ من القصف الوحشى المتواصل ليلًا ونهارًا.

ويواصل نتنياهو التشديد على استمرار توسيع الهجمات والقصف للشمال والجنوب أيضًا، لتوفير الأمن لإسرائيل، ضاربًا بعُرض الحائط كل الضغوط والنقد الدولى الذى تواجهه إسرائيل، وذلك قبل تزايد الضغوط المتوقعة فى تقديرى من جراء المظاهرات المناهضة لإسرائيل فى المدن الغربية الكبرى وفى مختلف أنحاء العالم.

وقد رصدتُ بعض النتائج الأولية التى أسفر عنها الموقف المصرى الفعال والواضح، لدعم الفلسطينيين، منذ بدء القتال فى ٧ أكتوبر الماضى على كل المستويات الدولية كالتالى:

أولًا: إعادة حل الدولتين إلى قلب الأحداث مرة أخرى بعد أن تراجعت المطالبات بذلك، وتصدر حل الدولتين فى الصحف الكبرى والمواقع وفى تصريحات بعض كبار المسئولين والرأى العام العالمى فى الدول الغربية الداعمة لإسرائيل فى حربها الوحشية على الفلسطينيين فى قطاع غزة.

ثانيًا: كشف مخطط إسرائيل الشيطانى الهادف لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، حيث أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن رفضه القاطع والواضح التهجير القسرى لأهل غزة وتصفية القضية الفلسطينية، وهكذا بدأت أصوات سياسيين ومسئولين تعلو برفض التهجير القسرى، والذى رفضه الفلسطينيون، وإعلان ذلك من خلال الرئيس محمود عباس «أبومازن»، الذى أكد تمسك الفلسطينيين بأرضهم، ورفض التهجير فى قمة القاهرة للسلام، وفى قمة الرياض العربية والإسلامية.

ثالثًا: اندلاع مظاهرات ملايينية فى الشوارع ضد الاحتلال الإسرائيلى وممارسات إسرائيل وتحرير فلسطين وحل الدولتين، وذلك فى المدن الغربية الكبرى الموالية لإسرائيل، وهكذا ظهر تناقض سافر بين دعم رؤساء الدول الغربية لإسرائيل، وعدم اتخاذ مواقف ضد ممارسات إسرائيل الوحشية على المدنيين.. وبين اتجاهات الشعوب فى أنحاء العالم ورفض الرأى العام العالمى للاعتداءات الوحشية لإسرائيل.

رابعًا: بدأت بوادر خلافات تظهر بين الولايات المتحدة وإسرائيل نتيجه اتساع رقعة الصراع والإبادة المعتمدة للمدنيين وقصف المستشفيات، وزيادة عدد الشهداء من المدنيين الفلسطينيين، واندلاع المظاهرات ضد إسرائيل فى مدن أمريكية كبرى مثل لوس أنجلوس ونيويورك وواشنطن. وأكد أنتونى بلينكن، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، رفض الولايات المتحدة الأمريكية التهجير القسرى للفلسطينيين، وأكد فى مؤتمر فى طوكيو مؤخرًا عدم احتلال إسرائيل قطاع غزة مرة أخرى.

خامسًا: الموقف المصرى ومطالبات الرئيس السيسى باللجوء إلى الحل السياسى بإيجاد وسيلة لإعادة المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل، ووقف الحرب الفورى بلا قيد أو شرط، بما قد يفتح طريقًا لاستئناف المفاوضات السياسية مرة أخرى.

سادسًا: إن المواقف الإنسانية والجهود الحثيثة التى يبذلها الرئيس السيسى لتوصيل المساعدات الإنسانية من خلال معبر رفح قد أسفرت عن قوافل مساعدات من كل أنحاء العالم، وما زال يواصل يوميًا الجهود الإنسانية لتوصيل المياه والوقود والأدوية والأغذية من خلال معبر رفح، ويطالب بالضغط الدولى على إسرائيل، لتسهيل توصيل المساعدات الكافية للفلسطينيين الذين يتعرضون للتصفية لقضيتهم المشروعة.

إن موقف مصر ما زال قويًا ومتواصلًا وصلبًا فى دعم القضية الفلسطينية، التى تُعد بالنسبة لمصر وللشعب المصرى قضية القضايا، والتى يقف فيها الشعب المصرى مؤيدًا وداعمًا لموقف القيادة السياسية الثابت والمتواصل.. وقد تشهد الأيام المقبلة هدنة لفتح ممرات آمنة لتوصيل المزيد من المساعدات الإنسانية لشعب يواجه الموت فى كل لحظة من عدو بربرى يتجاهل كل القوانين والمواثيق الدولية وأبسط حقوق الإنسان.