رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بكل وضوح.. وغموض!

الأمين العام لـ«حزب الله» اللبنانى، الذى ظل مختفيًا عن الأنظار منذ ٧ أكتوبر الماضى، ظهر فى الثالثة عصر أمس، الجمعة، ليلقى خطابًا طويلًا، نسبيًا، جرى الترويج له منذ الأحد الماضى بإعلانات تشويقية، جعلتنا ننتظر شيئًا آخر غير تكرار ما سبق أن أعلنه مسئولون فى «الحزب» عن استعدادهم القتالى، و«الهجمات المحسوبة»، و«نجاحهم فى إبقاء القوات الإسرائيلية مشغولة على الحدود». وربما كان الجديد الذى أضافه الأستاذ أو «السيد» حسن نصرالله هو إشارته إلى أن «العدو يغرق فى رمال غزة»!

بـ«كل شفافية ووضوح وغموض»، حسب وصفه، أشار «نصرالله» إلى أن «انتصار غزة هو مصلحة وطنية مصرية وأردنية وسورية، وأولًا وقبل كل الدول هو مصلحة وطنية لبنانية»، وأكد أن «انتصار غزة يعنى انتصار الشعب الفلسطينى وانتصار الأسرى فى فلسطين، وكل فلسطين والقدس وكنيسة القيامة وشعوب المنطقة، وخصوصًا دول الجوار». ثم قام بتعظيم قيمة المناوشات المحدودة، التى تقوم بها قواته فى منطقة الحدود، التى نعرف، ويعرف الجميع، أنها لا تتناسب مع قدرات تلك القوات، التى ظل يهدّد بها إسرائيل لسنوات، ولا تتسق، أيضًا، مع تهديداته بالتدمير الشامل والكامل، الساحق والماحق، التى لم نجد لها ترجمة على الأرض، منذ سنة ٢٠٠٦، إلا فى مناوشات شبيهة بتلك التى تحدث هذه الأيام!

هذه المناوشات، أو «هذه العمليات على الحدود وفى مزارع شبعا»، بحسب نصرالله، «أوجدت حالة من الذعر والقلق لدى العدو الإسرائيلى، وأيضًا لدى الأمريكيين، من إمكانية أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافى، وأن تتدحرج إلى احتمالات واسعة». كما قال الأمين العام لحزب الله اللبنانى، أو الإيرانى، إن «هذا الخوف يجعل العدو يحسب خطواته جيدًا باتجاه لبنان»، و«يضبط إيقاعه»، مشددًا على أن «دماء الشهداء تقول للعدو إنك سترتكب أكبر حماقة فى تاريخ وجودك؛ إذا ما فتحت جبهة لبنان». ولعلك تعرف، ولعله يعرف أيضًا، أن لبنان، دولة وشعبًا وجيشًا، لا يستطيع أن يتحمل أعباء أى مواجهة، فى ظل معاناة اللبنانيين من تأثيرات الانهيار المالى الكارثى المستمر منذ أربع سنوات على الأقل. 

يوصف الأمين العام لـ«حزب الله» اللبنانى بأنه «الصوت القائد» فى التحالف المعروف باسم «محور المقاومة»، المدعوم من إيران، والموالى لها، والذى يضم فصائل عراقية شيعية، أطلقت النار على القوات الأمريكية فى سوريا والعراق، ويضم أيضًا الحوثيين فى اليمن، الذين دخلوا فى الصراع بإطلاق طائرات مُسيّرة، دون طيار، سقطت اثنتان منها فى طابا ونويبع، ووعدنا «نصرالله»، فى خطاب أمس، بأنها ستصل «فى نهاية المطاف» إلى إيلات، وإلى القواعد العسكرية الإسرائيلية فى جنوب فلسطين!

كلام أكثر سخونة، أطلقه الأستاذ «حجة الإسلام كاظم صديقى»، فى خطبة الجمعة بالعاصمة الإيرانية طهران، التى قال فيها إن «قائد الثورة الإسلامية رسم الطريق لمحاربة فظائع وجرائم الكيان الصهيونى سيئ الصيت، ولن يفوّت أى فرصة لمواجهة الكيان، ويدعم بشكل كامل من يقف أمام الظالمين». واستبق «خطيب الجمعة المؤقت» فى طهران، خطاب «نصرالله»، بتوجيه «سلام الله» إلى «جبهة المقاومة» و«شعب لبنان»، وأيضًا إلى «شعب اليمن الذى يزداد قوة كل يوم عن ذى قبل». كما وصف «قوات الحشد الشعبى» فى العراق بأنها «لهيب غضب الله للقضاء على الكيان الصهيونى»، مؤكدًا أن «كل يوم تضاف مجموعة جديدة إلى جبهة المقاومة لمواجهة الصهاينة العنصريين». ثم أعرب عن أمله، هو الآخر، فى أن «تقوم جميع الدول الإسلامية، كما قال قائد الثورة الإسلامية العظيم، بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيونى، وطرد سفراء هذا الكيان المزيف، والبدء بمقاطعته بصورة شاملة»!.

.. وتبقى الإشارة إلى الأستاذ حسن فضل الله، القيادى بـ«حزب الله»، حين سُئل فى ٢٢ أكتوبر الماضى، عن سبب عدم ظهور «نصرالله»، أجاب بأن الرجل يتابع الوضع فى غزة «لحظة بلحظة.. وساعة بساعة» ويشرف على «المعركة فى لبنان»، وبـ«كل شفافية ووضوح وغموض»، أيضًا، وصف عدم تحدثه علنًا، حتى ذلك الوقت، بأنه جزء من إدارته المعركة!.