رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بيت الأمة

2 جنيه ونص لحمة، 3 جنيه لوازم أكل، 2 جنيه مصاريف المطبخ ولوازم العيد، 40 قرش مكواة، 30 قرش لبن الحليب، 15 قرشًا للخبز، 40 قرشا بياض نحاس + شوية نثريات. الإجمالى 12 جنيه ونص.
طبعا دا رقم فلكي، لحمة بـ اتنين جنيه ونص يعني صاحب هذا المنزل يقيم الولائم والعزومات، فضلا عن إنه هو وأسرته بـ ياكلوا لحمة كل يوم، وإن كان مش واضح لي إذا كان دا لـ اللحم البقري بس، ولا كل أنواع اللحوم بـ ما في ذلك الفراخ وخلافه، لـ إنه مفيش بند هنا لـ الدواجن، ولا هو ما كانش أساسا بـ ياكل فراخ؟
نسيت أقول لـ حضرتك إنه الميزانية دي كانت ميزانية مستشار في محكمة الاستئناف، اسمه سعد زغلول، كان عايش مع مراته السيدة صفية فهمي، اللي المصريين هـ يعرفوها بـ اسم "صفية زغلول"، وهـ تبقى أم المصريين.
سعد باشا سجل الميزانية دي في مذكراته، بـ اعتبارها مصاريف البيت، في رمضان الموافق لـ سنة 1901، يعني من 122 سنة، فـ لك أن تتخيل حجم الميزانية دي النهاردا يبقى عامل إزاي؟
زغلول وقتها كان عنده 40- 41- 42 سنة كدا، تاريخ ميلاده مش معروف، بس هو بين 1858- 1860، وارد مركز مطوبس غربية، درس في الكتاب بعدين الأزهر. في الأزهر اهتم بـ الشأن العام عن طريق الأفغاني ومحمد عبده، اشتغل الأول كاتب في "الوقائع المصرية"، اللي هي زي ما حضرتك عارف أول جريدة مصرية، بعدين لقى وظيفة في وزارة الداخلية، كان معاون في الوزارة (ما اعرفش يعني إيه).
لما قامت هوجة عرابي، تخلصوا من المؤيدين ليه في وظايف الحكومة، فـ فصلوا سعد زغلول، انضم لـ جمعية من الجمعيات المنتشرة وقتها اسمها "جمعية الانتقام"، قبضوا عليه سنة 1883، وأفرجوا عنه بعد 3 شهور، فـ هو غير طريقه وطريقته ومساره، ما بقاش مناضل شوارع، وعن طريق نازلي هانم (أم الملك فاروق) دخل الأوساط العامة وبقى له شخصية. 
لقى نفسه محتاج يتعلم لغات، فـ اتعلم إنجليزي وفرنساوي، لقى نفسه محتاج جوازة ترفعه، اتجوز بنت مصطفى باشا فهمي. وهكذا رجع سعد لـ الميري، وكيل نيابة ثم رئيس نيابة. بك ثم باشا، ثم مستشار في محكمة الاستئناف، و12 جنيه ونص مصاريف شهرية لـ البيت العامر، اللي كانوا في الوقت دا مبلغ وقدره، وممكن يعيش شخص مستريح لـ مدة سنة، ويبقى مبسوط كمان.
إنما في الوقت اللي كان بـ يصرف فيه هذا المبلغ، صرف 4296 جنيه و46 قرش، صرفهم على إنه اشترى حتة أرض في وسط البلد، وصرة القاهرة ومفخرة الشرق اللي اتأسست على طراز مدن أوروبا لا سيما باريس، اشتراها في الحي اللي هـ يبقى اسمه حي عابدين، في الشارع اللي هـ يبقى اسمه شارع الفلكي، وبدأ يبني على حتة الأرض بيت، بـ حيث يليق بيه وبـ الأسرة الكريمة اللي بـ تصرف 12 جنيه ونص شهريا.
هل كان سعد زغلول يعرف إن البيت دا هـ يبقى اسمه "بيت الأمة المصرية"؟ أكيد ما كانش يعرف، هو حد عارف "بكرة" مخبي إيه؟
محدش
طيب.