رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر تجاهد لإنقاذ القضية الفلسطينية

المشهد الحالى فى غزة ينذر بكوارث قادمة لا تحمد عقباها، فى تقديرى، إذا لم يتحرك المجتمع الدولى وأصحاب الضمائر الحية للمزيد من الضغط الشعبى على قادة ورؤساء الدول وصانعى القرار فى العالم لإيقاف المجازر الوحشية التى ترتكبها حكومة إسرائيل بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة، وقبول الحلول التى طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ بداية الاقتتال، والقرارات التى أعلنها لحل الدولتين، ووقف التهجير القسرى للفلسطينيين على حساب دول الجوار، والتهدئة ووقف الاعتداءات الوحشية على الفلسطينيين، وتوصيل قوافل الإمدادات لأهل غزة، وذلك خلال مؤتمر القاهرة الدولى للسلام الذى عقد فى القاهرة يوم السبت الماضى.

إن المجزرة العلنية الراهنة التى ترتكبها القوات العسكرية الإسرائيلية للشعب الفلسطينى، الذى فى كل لحظة يعانى أسوأ أنواع الاحتلال الوحشى والبربرى الضارب بعرض الحائط كل حقوق الإنسان وكل القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية، حيث لم تتمكن منظمة الأمم المتحدة من الوصول لقرار دولى بوقف العدوان العسكرى على أهل غزة الأبرياء، ووقف قتل الأطفال والنساء، وهدم البيوت على أصحابها، وضرب المدارس والمستشفيات بالطائرات العسكرية، كل ذلك بسبب تحالف أمريكا وبعض الدول الغربية معها.

الوضع الراهن، الآن، أصبح مأساويًا ولا يمكن استمراره؛ بسبب تحالف أمريكى- إسرائيلى بين الرئيس الأمريكى بايدن، والمتطرف اليمينى نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، ويتم كل هذا تحت سمع وبصر العالم كله.

ووسط كل هذا التدمير والدمار والانتقام الوحشى، ومنذ اليوم الأول، تجاهد مصر لإنقاذ أهل غزة من مصير مظلم ينتظرهم، وتبذل جهودًا حثيثة ومتواصلة للتهدئة ووقف الاقتتال، ووصول المساعدات والإمدادات إلى أهل غزة، ووقف العدوان الإسرائيلى الوحشى على الشعب الفلسطينى، حيث وصل عدد الشهداء إلى أكثر من ستة آلاف شهيد، وآلاف المفقودين تحت أنقاض المبانى، بالإضافة إلى عدد كبير يصعب حصره من الجرحى والمصابين بإصابات خطيرة والذين يفتقدون أبسط أنواع الدواء والعلاج، ومن جانبه يقف الشعب المصرى داعمًا لأهل غزة منذ نشوب الاقتتال، فالشعب المصرى بقى على عهده دائمًا باعتبار القضية الفلسطينية قضية مصيرية لأشقاء فى غزة؛ يؤلمنا جميعًا ما حدث ويحدث لهم من احتلال وحشى منذ إعلان قيام دولة إسرائيل فى عام ١٩٤٨.

ومنذ الأيام الأولى للفظائع الإسرائيلية ضد أهل قطاع غزة منذ ١٨ يومًا، تقف عشرات من سيارات النقل بإمدادات إنسانية وغذائية من مصر وبعض الدول العربية عند معبر رفح؛ انتظارًا لدخولها إلى الفلسطينيين، حيث دخل عدد قليل منها فقط لا يكفى لإعاشة أهل غزة، إلا أن السلطات الإسرائيلية حتى الآن لم تعط ممرًا آمنًا يضمن وصول المساعدات والأدوية والإمدادات والمياه إلى أهل غزة، ومن جانبه يقف الشعب المصرى صفًا واحدًا داعمًا القيادة السياسية فى الموقف الرسمى التاريخى الذى أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى بوضوح منذ بداية الاقتتال: 

لا للتهجير القسرى للفلسطينيين على حساب دول الجوار، ولا للاعتداءات الوحشية على الفلسطينيين فى قطاع غزة، ولا مساس بأرض سيناء. وهكذا أعلن للعالم أن حدود مصر خط أحمر، وأن لمصر كامل السيادة على أرضها ولا مساس بشبر من أرضها.

وتبين فى مؤتمر القاهرة للسلام، الذى عقد فى القاهرة بدعوة من الرئيس السيسى، أنه لا حل للحرب فى فلسطين إلا من خلال دور مصر المحورى فى العالم والمنطقة، وهى قبل كل هذا ركيزة أساسية فى الوصول لحل لوقف العدوان العسكرى الحالى على أهل غزة، وفى تقديرى أن هذا التواجد الدولى الكبير من قادة وزعماء ومسئولى العالم، بالإضافة إلى حضور جوتيريش، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، لمكانة مصر الدولية والإقليمية وللدور المصرى المحورى فى العالم.

ومن هنا فإن عقد المؤتمر فى القاهرة، يوم السبت الماضى، قد تابعه العالم على الهواء مباشرة، وكشف للعالم عن حقائق كان قد حدث تضليل إعلامى لها من جانب الإعلام الأمريكى والغربى، بما تضمنه من توضيح لوحشية إسرائيل وانتهاكات حقوق الإنسان لحكومة وجيش إسرائيل وازدواجية المعايير والتضليل الإعلامى الغربى الذى ترفضه مصر، وكانت قد سبقته مظاهرات شعبية حاشدة فى كل محافظات مصر، تؤكد دعم الشعب المصرى لقائده الشجاع والحكيم وللموقف الرسمى المعلن أمام العالم كله.

ورغم أن آراء مسئولى وقادة الدول المجتمعين فى مؤتمر القاهرة للسلام قد اختلفت وتباينت، إلا أن خطة رفض التهجير القسرى للفلسطينيين كانت حاضرة وبقوة فى كلمات أكثر من ٣٠ زعيمًا ومسئولًا بالمؤتمر، كما ظهر أن هناك ضرورة ملحة لحل الدولتين، ووقف الاحتلال العسكرى ومجازر إسرائيل، والأهم ما أكده الرئيس السيسى أمام العالم بقوله بوضوح: «إننا لن نقبل بالتهجير القسرى للفلسطينيين ونزوحهم إلى الأراضى المصرية فى سيناء».

وهكذا أوضحت مصر بما لا يدع مجالًا للشك تمسكها بموقفها، مع مطالبة قادة الدول بضرورة التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية والتهدئة، وأنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بإعلان وجود دولتين، فلسطينية وإسرائيلية، وإنهاء الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين، ورفض خطة تصفية القضية الفلسطينية، واستئناف المفاوضات بين الطرفين.

وأوضح الرئيس الفلسطينى، محمود عباس «أبومازن»، فى مؤتمر القاهرة، أن منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى، وليس منظمة حماس، وأن الفلسطينيين لن يتركوا أرضهم، مطالبًا فى المؤتمر بوقف المجازر ضد الشعب الفلسطينى، ومؤكدًا الدور المصرى الداعم للقضية الفلسطينية.

وأوضح واصل أبويوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمين عام جبهة التحرير، لوسائل الإعلام الغربية، أنه لولا الضوء الأخضر الأمريكى لحكومة الاحتلال الإسرائيلى؛ لما أمعن جيشها فى ارتكاب مجازر فى حق الفلسطينيين بقطاع غزة الدولى.

يذكر أنه حضر، أمس الأول، وفد من مجلس الشيوخ الأمريكى للقاء الرئيس السيسى للتوصل لحل القضية الفلسطينية، كما حضر رئيس وزراء ماليزيا، الذى ثمن الدور المصرى الذى يقوم به الرئيس السيسى للتهدئة وإقرار السلام فى المنطقة، والمطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.

وهكذا أصبح واضحًا وجليًا أمام العالم كله، أنه لن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية إلا عبر الدور المصرى والموقف المصرى المحدد، فمصر هى الركيزة الأساسية لحل القضية الفلسطينية، ولإنقاذ القضية الفلسطينية والوصول للحل الوحيد المطروح الذى اقترحته مصر، وهو إعلان قيام الدولتين، الفلسطينية والإسرائيلية.

ومع تزايد نبرة المظاهرات فى العالم بعد مؤتمر القاهرة للسلام ضد الاعتداءات الإسرائيلية الشرسة والوحشية على أهل غزة، ومحاولة إبادة الشعب الفلسطينى وتهجيرهم جنوبًا، حيث لا ماء ولا وقود ولا أغذية ولا دواء، وحيث يتم ضرب المبانى وقتل الأطفال والنساء والمسنين ومحاولة طمس القضية تمامًا، واندلاع المظاهرات الحاشدة والمتصاعدة فى أمريكا ولندن وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا والمدن الكبرى فى العالم، فإنه فى تقديرى لن يكون هناك سبيل أمام أمريكا وإسرائيل إلا الرضوخ للضغوط الدولية ومطالبات الرأى العام العالمى، الذى خرج بعشرات الآلاف محتشدًا فى مظاهرات بكل الدول.

ولن يكون أمام بايدن، الذى يتظاهر عشرات الآلاف فى المدن الأمريكية حاليًا ضد موقفه المساند لنتنياهو، إلا الرضوخ مرغمًا، والضغط على نتنياهو من أجل التهدئة ووقف الاجتياح العسكرى لقطاع غزة.

ونظرًا لأنه انكشف للعالم أنه فى يوم ٧ أكتوبر حينما قام طوفان الأقصى، وقامت حماس بضرب صواريخ على إسرائيل، وحينما أخذت رهائن، فإن الرد الإسرائيلى كان عبارة عن انتقام وحشى من كل الشعب، ومحاولة القضاء عليه، الذى تم سلب أرضه وإعلان قيام دولة إسرائيل على جثث وبيوت أهل فلسطين، ولم يعد أمام الفلسطينيين الآن سوى قطاع غزة والضفة الغربية لإعلان قيام دولة فلسطين، ولم تستطع إسرائيل والصهاينة طمس القضية الفلسطينية عن الرأى العام العالمى كثيرًا؛ رغم التضليل الإعلامى الكبير الذى يقوم به المهيمنون على الإعلام الغربى، ولم تفلح المجزرة التى ترتكبها إسرائيل حتى كتابة هذه السطور فى القضاء على الشعب الفلسطينى فى غزة البالغ عدده ٢ مليون و٣٠٠ ألف شخص؛ معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، ولم تفلح أيضًا إسرائيل فى التشويش على جهود الرئيس السيسى المؤثرة والواضحة للعالم، والاتصالات المستمرة التى يجريها الرئيس السيسى لطرح الحلول العادلة لإنقاذ الفلسطينيين، بحيث أصبحت مصر، وتحديدًا القاهرة، مركزًا لزعماء وقادة ومسئولى العالم للبحث عن حلول وإجراء مناقشات وتبادل آراء حول الأوضاع المتصاعدة فى غزة.

وفى تقديرى أن القضية الفلسطينية لن تجد حلولًا لها إلا عبر مصر، والطرح المصرى الذى أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى للعالم؛ لإنقاذ القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى من المجزرة الإسرائيلية الحالية.

ولن يتم إنقاذ الشعب الفلسطينى من تصفية قضيته إلا بتمسكه بأرضه، وعبر الجهود الحثيثة الدولية التى يبذلها الرئيس، وبتزايد المظاهرات الحاشدة فى المدن الكبرى فى أنحاء العالم ضد إسرائيل وحليفتها أمريكا والدول الغربية المؤيدة للاحتلال الإسرائيلى، ومطالبات الشعوب من خلال المظاهرات الحاشدة فى كل العالم بوقف الاحتلال العسكرى لفلسطين، ووقف القتال والمجزرة الراهنة التى تُرتكب ضد الأبرياء فى قطاع غزة.