رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشعب والرئيس معًا لرفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم

يقف الشعب المصري والرئيس معًا يدا واحدة الآن لإعلان الرفض الحاسم لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، ورفض حصار وقتل أهل غزه لدفعهم إلى خارج غزة، وهكذا جاء إعلان كلمة "لا" منذ أمس الأول واضحة ومحددة في مظاهرات شعبية خرجت بالآلاف في  مختلف شوارع وميادين المحافظات المصرية في اصطفاف شعبي واضح لدعم الموقف الرسمي لمصر في رفض التهجير القسري لأهل فلسطين على حساب مصر.
وهكذا نجد في مصر حاليا أن الشعب المصري والرئيس السيسي يقفان معًا للتأكيد أن حدود مصر خط أحمر، وكذلك أعلن تأييده موقف مصر أعضاء مجس النواب ومجلس الشوري.

من ناحية أخرى، فإن إسرائيل تستمر في تصعيد العمليات العسكرية والاعتداءات الوحشية والمجزرة الانتقامية على أهل غزة، ضاربة عرض الحائط بكافة القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية، مما ينذر بأخطار جسيمة ومواجهات قادمة على العالم كله وليس على منطقتنا فقط، وستكشف الأيام المقبلة عن جهد حثيث ومستمر ومكثف ومضنٍ تقوم به مصر لحقن الدماء وتهدئة الاقتتال والحفاظ على أمنها القومي. وتتجلى في ظل هذا الاقتتال المشتعل وقفة شجاعة للرئيس عبدالفتاح السيسي من أجل حماية سيادة مصر على أرضها واستقلال قرارها والانصياع للإرادة الشعبية لحماية حدود مصر التي هي خط أحمر لكل مصري وطني ومصرية وطنية مخلصين لها.

وفي تقديري، وحسبما نرى، فإنه لا يوجد بيت في مصر حاليا إلا ويشعر بأن وطنه مقدس غير مسموح المساس به أو بسيادته على أرضه، وبأن الموقف التاريخي الذي أعلنه الرئيس بأنه لا مساس بالأمن القومي لمصر هو موقف يعكس رأي كل الشعب المصري وكل البيوت المصرية المحبة للوطن والرافضة للمساس بشبر من أراضيه، فالأرض المصرية هي بمثابة العرض للمصريين، وهي الأمان والتاريخ  والمستقبل والعزة والكرامة والاعتزاز والأمن.
ولهذا خرج  الشعب المصري في مظاهرات بالآلاف لدعم الموقف المصري والحفاظ على الأمن القومي المصري مع المطالبة بحقوق الفلسطينيين على أرضهم.
وهكذا أعلن الشعب المصري على الملأ اصطفافه خلف رئيسه وقائده، وعلا صوت الشعب المصري وأصبح مسموعا للعالم برفض التهجير على حساب سيناء، ونسى الناس الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار والشكاوى من الغلاء، من أجل دعم موقف مصر الرسمي من الاقتتال المشتعل على أرض فلسطين.

وفي نفس الوقت فإن مصر تدافع عن سياستها الواضحة بإرساء مبدأ السلام في المنطقة، وتقوم حاليا على المستوى الرسمي، ومنذ تصعيد العمليات العسكرية، باتصالات مكثفة مع قادة العالم، وتضطلع بدور محوري في محاولة تهدئة الاقتتال الدائر على أرض غزة.

وفي تقديري فإن موقف الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي أعلنه صراحة وبوضوح خلال لقائه مع مستشار ألمانيا أولاف شولتس، صباح الأربعاء، قد أكد للعالم أن مصر قد كشفت خطة إسرائيل المستحيلة في حل القضية الفلسطينية على حساب جزء من أرض سيناء، ودعاهم لتسكين الفلسطينيين في أرض صحراء النقب.
وجاء أيضا واضحا تأكيده الواضح، في المؤتمر الصحفي المشترك بينهما، من مشاعر الأسى والألم التي يشعر بها بسبب ضرب المستشفى الأهلي المعمداني، وقدم خالص تعازيه في ضحايا القصف الوحشي للمستشفى، وحذر أيضا من أن استمرار العمليات العسكرية سيكون له تداعيات أمنية وإنسانية يمكن أن تخرج عن السيطرة، بل تنذر بخطورة توسيع رقعة الصراع في حالة عدم تضافر جهود كافة الأطراف الدولية والإقليمية للتصعيد الحالي، واتفقا على ضرورة العودة لمسار التهدئة، وأكد الرئيس رفض مصر تصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية وأي محاولات  لتهجير الفلسطينيين قسريا أو أن يأتي على حساب دول المنطقة.

وفي تقديري فإن ما نشهده من تصعيد مستمر يتزايد كل لحظة، وما نراه على الشاشات من دماء تسيل وأطفال يقتلون ونساء يتشردن ويتم ضربهن ومبانٍ تتهدم على رءوس سكانها وجثث تنتشل من تحت الأنقاض وجثث تختفي بفعل تفجير البيوت، هو مجزرة علنية يرتكبها نتنياهو اليميني المتطرف وعصابته بدعم أمريكي كامل وتسليح بأسلحة حديثة وتضليل إعلامي لا يتواني عن قلب الحقائق، ونشر أكاذيب تخدم مخطط إسرائيل، ثم حدث الكابوس الأكبر بتفجير المستشفى المعمداني وموت عدد كبير من الجرحي في محرق تقشعر لها الأبدان.
ورغم التضليل الإعلامي بأن ضرب المستشفى ليس بيد إسرائيل، إلا أن المظاهرات الشعبية اندلعت في مختلف أنحاء العالم، وبينما كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في إسرائيل في مؤتمر صحفي يعلن تأييده الكامل لسياسة نتنياهو الوحشية، اندلعت المظاهرات الرافضة لقتل الفلسطينيين أمام البيت الأبيض، كما اندلعت المظاهرات الرافضة للقمع الإسرائيلي ضد أهل فلسطين، مطالبين القادة الإسرائيليين بإيقاف المجزرة في مختلف المدن الكبري في العالم، كما ارتفعت الأصوات المتظاهرة في الشوارع في مختلف العواصم تصيح عاليا مرددة:
- "فلسطين.. فلسطين"، إلا أن الإعلام الغربي لا يظهرها لأنها تندد بإسرائيل ولأنها تحمل الأعلام الفلسطينية، وهكذا انتفض الرأي العام العالمي واندلعت المظاهرات الشعبية لصالح فلسطين وضد إسرائيل وممارساتها الوحشية في المدن الكبرى في مختلف أنحاء العالم، في مدينه ليفربول وفي شوارع لندن وبريستول ببريطانيا وفي مدريد بإسبانيا وفي شيكاغو وفي لوس أنجلوس بأمريكا وفي أمستردام بهولندا وفي إدنبرة باسكتلندا وفي دبلن بأيرلندا، وفي باريس بفرنسا وفي دمشق بسوريا، وفي سيدني بأستراليا وفي ميلانو بإيطاليا وفي تونس وفي العراق.
وفي مصر اندلعت المظاهرات الحاشدة الغاضبة ضد إسرائيل في الشوارع الرئيسية بمختلف محافظات مصر معلنة تأييدها موقف الرئيس السيسي وعدم تصفية القضية الفلسطينية ومطالبة بحق الشعب الفلسطينيين في الحياة على أرضه.

وما زال نتنياهو يضرب بعرض الحائط بكل الأعراف الدولية بكل القوانين التي وضعتها الأمم المتحدة، بينما تقف منظمة الأمم المتحدة عاجزة عن إصدار قرار بمنع الاعتداءات والجرائم البربرية لإسرائيل التي تتم تحت سمع وبصر العالم وتحت سمع وبصر قادة الدول، ويؤكد الرئيس الأمريكي بايدن أن قضية إسرائيل هي قضية أمريكا، ويرفض الرئيس السيسي الذهاب للقاء القمة الرباعية مع بايدن بعد ضرب المستشفى الفلسطيني، ورفض مصر ضرب المدنيين والجرحى والتجويع والتنكيل بالشعب الفلسطينين.
وبالتالي يأتي رفض مصر للتهجير إيمانا منها بأن تمسك أهل فلسطين بأرضهم هو السبيل الذي سيمكنهم من الاحتفاظ بإمكانية إعلان دولة في أرضهم.. وتنظم مصر قوافل إنسانية ضخمة من الإمدادات والأغذية عند معبر رفح تصل إلى أكثر من ألفين طن من جميع الجهات في مصر، ففيها قوافل من رجال الأعمال والشركات والتحالف الوطني والأحزاب، وهكذا يقف المصريون وقفة داعمة للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة على أرضه.

وفي رأيي، ومما شاهدته، فإن الشعب المصري قد اصطف كحائط صد للدفاع عن أرض الوطن إيمانا منه بأن الرئيس السيسي يلبي إرادة المصريين في دعم الشعب الفلسطيني على كل المستويات الدولية، وإيمانا منه بأن مصر تملك مفتاح كثير من الحلول، وإيمانا منه بأن الرئيس السيسي هو الزعيم القادر على الحفاظ على الأرض المصرية وأمن وسلامة مصر.

وفي تقديري، فإن القضية الفلسطينية لا تزال في قلوبنا جميعًا كبارا وشبابا، والدليل على ذلك هذا الغضب العارم في البيوت المصرية وبين كل الفئات وعلى كافة وسائل التواصل الاجتماعي وبداخل  كل المؤسسات والشركات والأحزاب المصرية، فالجميع ينددون بجرائم إسرائيل المتواصلة وعملياتها العسكرية الانتقامية الرامية للقضاء على الشعب الفلسطيني والخلاص منه وطرده من أرضه منذ "طوفان الأقصى" التي شنتها حماس في ٧ أكتوبر الماضي، ثم إعلان نتنياهو حالة الحرب والدخول في عمليات عسكرية شرسة ضد المدنيين الأبرياء في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية.

وفي تقديري، فإن انتفاضة الشعوب في مظاهرات حاشدة في الشوارع في المدن الكبرى وإعلان تضامنها مع حقوق الشعب الفلسطيني، ورفض الممارسات الإسرائيلية، قد تؤدي إلى ضغوط على بايدن والمسئولين في أمريكا والاتحاد الأوروبي مما قد يدعوهم إلى ممارسة الضغط على إسرائيل للتهدئة، ووقف العمليات العسكرية.

وفي تقديري، فإن أنظار العالم تترقب الآن ما قد تسفر عنه غدا القمة الدولية في القاهرة، والتي دعا إليها الرئيس عبدالفتاح السيسي لمحاولة إيجاد حلول للحرب المروعة ضد الشعب الفلسطيني وفتح آفاق جديدة بديلا للحرب، وهناك آمال كبيرة معقودة على نجاح مبادرة السيسي للتهدئة في تحقيق هدنة ترحم أهل فلسطين من جرائم إسرائيل ومخططها المستحيل في تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر والأردن، وتوقف الجرائم الوحشية التي ترتكب ضد ٢٫٢٠٠ مليون فلسطيني معظمهم أطفال ومسنون.

كما نأمل في اتساع رقعة الغضب العالمي ضد إسرائيل، وبروز دور لروسيا والصين، مما يفتح طريقا للحلول للكارثة الإنسانية التي تواجه الشعب الفلسطيني.

ويبقى أننا في مصر سيظل موقفنا، رئيسا وشعبا، هو أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا بإعلان وجود دولتين: دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية، ورفض تهجير أهل غزة، ورفض تصفية القضية الفلسطينية، ورفض قتل المدنيين الأبرياء وقهرهم، وإرساء السلام والاستقرار في المنطقة على أسس عادلة وراسخة.