رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حقى الشرعى يا ست هانم

 

لا أعتقد أننا نستطيع خلق مصر جديدة، دون تأسيس زواج مدنى موحد لكل المصريين والمصريات، زواج إنسانى، وليس عقدًا للنكاح، يمنح الزوج سلطة مطلقة فى نكاح زوجته، متى شاء، وكيفما أراد، دون أدنى اعتبار لمشاعرها ومزاجها. 
قانون الأحوال الشخصية، يعامل المرأة على أنها أرض محتلة من الذكور فى الأسرة، ومن العائلة. وأى اعتراض منها يعرضها لـتهمة "النشوز"، وتوقيع عقاب الزوج وعقاب الرب. 
ما معنى "حقى الشرعى"، الذى يستخدمه الزوج مثل الكرباج يضرب به الزوجة، التى لا تطيعه فى النكاح؟؟. ما هذا الوضع المخزى الذى يحدث يوميًا، ولا أحد يتكلم؟. 
نظرة مشينة للمرأة، التى يعتبرونها أساسًا، وعاء للنكاح، ومفرخة للإنجاب والتكاثر. 
الرجال يتشبثون بالقانون الحالى، لأنه فى صالحهم، يمنحهم الامتيازات الجنسية والزواجية والطلاق والضرب. 
أمس شاهدت برنامجًا دينيًا على الـ"يوتيوب". قال الشيخ إن الطفلة طالما أنها تتحمل "الركوب أو الوطئ"، يجوز تزويجها من الأب، دون استئذانها. فهذه الطفلة لا إذن لها. ودارت مناقشة طويلة، أكثر من ساعتين، بين الضيوف والشيخ، عن هذا الأمر الشرعى. لكن لا أحد  اعترض على كلمة "الركوب" أو "الوطئ". ما هذه الألفاظ المستخدمة عن وصف العلاقة الجسدية؟!. 
وأكرر أنه لا خير فى مجتمعاتنا، إلا بأنسنة المرأة، بشكل كامل فى الأسرة وفى المجتمع. 
ودعونى أسرد قصة إحدى صديقاتى، والتى توضح الواقع الفعلى لنساء مصر عام 2023.
تزوجت إحدى صديقاتى منذ خمس عشرة سنة، من مدير الشركة التى تملكها والدتها. أنجبت بعد عامين طفلة، وهذا عكس ما تمناه الزوج، الذى يؤمن بأن "الولد"، هو الامتداد الحقيقى للأب، والوريث الشرعى له، الذى يستحق أن يفخر به، وهو منْ سيقف فى سرادق عمر مكرم، ويتلقى فيه العزاء.
لم تترك صديقتى عملها فى إحدى الشركات السياحية، التى وصلت فيها إلى منصب مرموق، ومكانة متميزة. وهذا أيضًا عكس رغبة الزوج، فهو مثل أغلب الرجال، يريد زوجة تتفرغ لخدمته، وليس لها طموح خارج المطبخ، والحمام، وغرفة النوم.

صديقتى لم تتحجب، ولا تشترى الكتب الدينية، ولا تسمع الشرائط الوهابية، التى تزعق بأن المرأة جارية، ومدنسة، ونجسة، وضرورة الجهاد لاستعادة الخلافة الإسلامية. 
وهذا يغضب الزوج، ويثير الخناقات مع عائلته، التى تتهمه بالعجز عن "تلجيم" زوجته، وفرض أوامره عليها.
كل هذا كان ينغص على صديقتى حياتها، ويشعرها بأنها ليست فى بيت زوجية، ولكن فى بيت حرب، تستهلك قوتها وطاقتها وعلاقتها بالحياة. وصديقتى تحبنى ولم تقطع علاقتها بى، كما كان يريد زوجها. فهو يعتبرنى من الأسباب الأساسية لعدم رضوخ زوجته، ورفضها أن تُساق كالجارية المملوكة لأفكاره ومزاجه. هذا على الرغم من أننى لا أكره شيئًا قدر التدخل فى شئون الناس نساءً ورجالًا، خاصة من المقربين والأصدقاء. 
وأحب أن أترك الآخرين فى حالهم، وأن يتركونى فى حالى.
ونصل إلى قمة المأساة، حيث يتعامل معها زوجها عند الممارسة الزوجية الحميمية على أنها "قطعة لحم" خالية من المشاعر، جاهزة تحت الطلب، فى انتظار سكين الذبح.

فى مساء كل ليلة تهاجمه الغريزة، فينقض على صديقتى انقضاض الذئب الجائع على فريسته. لا يأخذ إجازة أبدًا. لا يدع ليلة تمر دون انقضاض، إلا إذا أقعده مرض ما. 
وعندما يصحو كل صباح يكون "جسد صديقتى" هى الفطور الذى يلتهمه بنهم وتحية الصباح، التى يلقيها على الزوجة المنهكة. 
صديقتى ليست بهذا النهم الجنسى، ولا تأتيها الرغبة إلا على فترات متباعدة، ولها فلسفتها الخاصة فى لذة الجسد، التى لا بد أن تحدث فى جو رومانسى مشحون بالعاطفة والاشتياق والحوار. تحملت هذا التناقض بينها وبين زوجها، على أمل أنها ستنجح فى تهذيب غريزته، وأنسنة نظرته إلى الجنس. تقول له: "أنا تعبانة مرهقة.. ملياش مزاج.. معنديش رغبة.. زهقانة... مخنوقة.. عايزة أنام فى هدوء.. إنتَ ليه مش قادر تفهمنى وتحس بيا.. كفاية بقى.. استحملتك كتير وخلاص مش قادرة.. كل ليلة بالطريقة دى إنت إيه مابتهمدتش؟.. خلاص يئست من تغييرك.. ارحمنى اعتقنى بقى لوجه الله".
فى كل مرة يأتى رده: «مابهمدش!!.. إنتِ هتحسدينى؟؟.. بدل ما تحمدى ربنا إن جوزك صحته بمب كل ليلة ومن غير فياجرا.. ده فيه ستات بتتطلق عشان أجوازها نايمين جنبهم هُما والمخدة واحد.. بقولك إيه أنا واخدك على قد عقلك فى حاجات كتير.. إلا الموضوع ده.. أنا باموت نفسى فى الشركة بتاعة أمك عشان أزود لكم فلوسكم.. ودى مُتعتى الوحيدة.. عايزه تحرمينى منها.. أمال أنا متجوز ليه؟.. اعملى حسابك أنا مش هتغير.. وأتغير ليه؟!.

"أنا طبيعى يا ست هانم.. إنتى اللى مش طبيعية.. جو رومانسى إيه، وعواطف إيه، واشتياق إيه إللى عايزاهم؟؟. إحنا متجوزين يا هانم، مش بنمثل فيلم سيما.. وبعدين دى غريزة يا ست يا متعلمة يا مثقفة.. وحقى الشرعى فى أى وقت، وبأى طريقة تعجبنى ما دام الشرع مش محرمها.. ما تعرفيش اللى تخالف جوزها عالنار حدف".
قالت له : "أريد الطلاق، لم أعد أطيق أى شىء منك.. يكفى 15 سنة. 
أفقدتنى إنسانيتى، ومتعة الحياة، تحملت من أجل بيتى وابنتى، وهذه هى غلطتى". 
قال لها : "لن أطلق .. ولن أسمح لك بأن تخلعيننى، سوف أقتلك وأنتزع ابنتك قبل أن تفعليها". 
ردت بأسى: “لماذا لا يعطينى القانون حق تطليق نفسى؟”، أليست العدالة هى مقصد الشرع؟".
بتهكم قال: "حق تطليق نفسك؟. هل تريدين تغيير الكون من أجل سعادتك؟.. لا يا هانم، الشرع يمشى فوق رقبتك". 
قالت لى صديقتى: "الموت أهون.. سأقتل نفسى بيدى.. لست باقية على هذه الحياة غير العادلة.. كل ما يؤلمنى هو أننى سأفارق ابنتى الوحيدة مع هذا المتوحش.. أرجوك كونى لها أما من بعدي، بحق صداقتنا؟". 
حاولت معها كثيرًا أن تعدل عن قرارها، وفشلت. 
وأنا أنتظر أن يأتينى خبر انتحارها، فى أى وقت قريب.

من بستان قصائدى 
---------------------------
لو تغير مزاجك أى يوم 
كما يفعل البحر كل يوم 
سوف تجدنى كما تركتنى 
امرأة حمقاء 
لا تكترث بكل الأشياء 
لا يعنيها تقلبات الطقس 
لا يهمها الحروب الباردة والساخنة 
لا تبالى بآراء وأحكام الناس
االنساء والرجال 
الأموات منهم والأحياء 
لو أى يوم قررت الرجوع 
ستجدنى كما أنا 
متوترة دون سبب للتوتر 
موت يناجى الكفن المبكر
فضيحة لا تشتهى التستر
اذا أردت أن تكون "جنتلمان" 
تغفر إساءتى فى لحظة جنون 
نرقص معا على ايقاعات الحنين
نرتشف الشاى على ضوء الشموع 
اذا اشتقت الى دموعى وضحكاتى 
الى هدوئى وصخبى 
كلامى وصمتى 
سأنتظرك ليلة الأحد 
كما كنت دائما 
ابنة الشمس 
وتوأم القمر 
لا تهاتفنى بل بالرجوع فاجئنى 
اذا جئتنى سأهمس لقلبك سرا 
أنك ورغما عنى 
حياتى ومماتى.