رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصالح الـ20 أم الكوكب؟!

إلى لا شىء تقريبًا، انتهت أمس الأول، السبت، اجتماعات وزراء الطاقة فى دول مجموعة العشرين، التى استمرت أربعة أيام فى بلدة «بامبوليم» الواقعة فى ولاية جوا الساحلية الهندية، بسبب خلافات حول عدد من القضايا، من بينها توصيف الأزمة الروسية الأوكرانية، وزيادة قدرات إنتاج الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أمثال بحلول سنة ٢٠٣٠، والتخلص التدريجى من استخدام الوقود الأحفورى، فى مزيج الطاقة العالمى. 

متوسط درجة حرارة المحيطات حطم الأرقام القياسية لشهور مايو ويونيو ويوليو، كما أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى خفض مستويات الجليد فى القطبين الشمالى والجنوبى، بنسبة ١٠٪ من أكبر انخفاض سابق، و... و... وكان طبيعيًا ومنطقيًا أن يؤدى الطقس المتطرف فى مختلف أنحاء العالم إلى تسليط مزيد من الضوء على أزمة التغير المناخى وتأثيراتها، التى خرجت عن السيطرة، والتى ترجح أن يشهد كوكب الأرض حالات غير مسبوقة من الظواهر الجوية القصوى التى قد تكون لها عواقب غير مسبوقة فى تاريخ البشرية.

كان طبيعيًا ومنطقيًا، أيضًا، أن يحرص كل دول العالم، خاصة الغنية أو المتقدمة، على العمل بشكل أكبر من أجل ألا يتجاوز ارتفاع درجات الحرارة عتبة الـ١.٥ درجة مئوية، غير أن مصالح مجموعة العشرين أعمتها عن مصير باقى دول العالم، والكوكب كله. وفى المؤتمر الصحفى، الذى عقده عقب انتهاء الاجتماعات، قال راج كومار سينج، وزير الطاقة الهندى، إن بعض الدول تريد استخدام تقنيات احتجاز أو عزل الكربون، بدلًا من التخلص التدريجى من الوقود الأحفورى، دون أن يذكر أسماء تلك الدول!. 

فشلت الاجتماعات، أيضًا، فى التوصل إلى توافق بشأن المائة مليار دولار، التى كانت الدول المتقدمة، أو التى توصف بأنها كذلك، قد تعهدت بتقديمها، سنويًا، فى كوبنهاجن سنة ٢٠٠٩، ثم سنة ٢٠١٥ فى باريس، من أجل دعم العمل المناخى فى الدول النامية، الأقل إسهامًا فى المشكلة والأكثر تأثرًا بتبعاتها، والتى واجهت، ولا تزال، تحديات عديدة للحصول على التمويل اللازم، لمواصلة جهود التنمية ومواجهة التغيرات المناخية، خاصة عقب وباء كورونا المستجد والأزمة الأوكرانية. مع ملاحظة أن الدول الـ٦٥ الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخى، ستشهد انخفاضًا فى إجمالى ناتجها المحلى بنسبة ٢٠٪ بحلول سنة ٢٠٥٠ إذا ارتفعت الحرارة بـ٢.٩ درجة مئوية، وبنسبة ١٣٪ حال عدم تجاوز عتبة الـ١.٥ درجة مئوية.

التمويل المناخى، الذى تحتاجه الدول النامية، يتجاوز بكثير جدًا المائة مليار دولار، التى لم يتم الالتزام بها: ٢.٨ تريليون دولار، فى تقدير «اللجنة العلمية للأمم المتحدة لمتطلبات الطاقة» و٤.٥ تريليون دولار، طبقًا لتقدير مؤسسة «ماكنزى». وما يدعم صحة التقدير الأخير هو أن تنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا فى قارة إفريقيا، وحدها، يتطلب من ٢٠٠ إلى ٣٥٠ مليار دولار، سنويًا، حتى سنة ٢٠٣٠، لكى تتمكن من ترجمة مساهماتها المحددة وطنيًا إلى مشروعات وخطط، بينما ما يتم توفيره حاليًا لا يزيد على ١٩ مليار دولار فقط!.

لعلك تتذكر أن قمة المناخ، «كوب ٢٧»، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ، فى نوفمبر الماضى، كان أبزر نتائجها، أو منجزاتها، انتزاع الموافقة على إنشاء «صندوق الخسائر والأضرار»، وإطلاق «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، الذى يهدف إلى تحفيز التمويل المناخى، وتعزيز جهود التعاون مُتعدد الأطراف، وسد الفجوة المعلوماتية لدى الحكومات والمستثمرين، وتقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمارات المناخية فى الدول النامية، وتطوير إطار دولى للتمويل المبتكر لتحقيق التعافى المرن والمستدام، وتيسير الوصول إلى التمويل العادل، ودفع الأطراف ذات الصلة إلى القيام بدورها من منطلق المسئولية المشتركة والمتباينة.

.. ولا يبقى غير أن ننتظر مزيدًا من الوعود والتعهدات بشأن العمل المناخى، وكثيرًا من المواعظ حول ضرورة حماية كوكب الأرض، فى كلمات رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين، خلال القمة المقرر عقدها فى سبتمبر المقبل، وخلال قمة المناخ، «كوب ٢٨»، التى تستضيفها دولة الإمارات، فى ديسمبر!.