رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر والسودان.. والعرب

رؤساء ست دول وحكومات إفريقية وعربية شاركوا، إذن، فى «قمة دول جوار السودان»، التى دعا إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى واستضافتها القاهرة أمس الأول الخميس، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى والأمين العام لجامعة الدول العربية. وإلى جانب ترحيب الحكومة السودانية، أو مجلس السيادة الانتقالى، بمخرجات القمة، رحبت بها أيضًا «قوات الدعم السريع»، وقوبلت بدعم وترحيب دول عربية عديدة، بينما التزمت دول شقيقة أو صديقة الصمت، لأسباب يعرفها القاصى والدانى والواقف بينهما!.

توحيد الرؤى العربية إزاء الأزمة السودانية، وبشأن مختلف الأزمات والقضايا، الإقليمية والدولية، بات ضرورة ملحة، لتجنب الصدامات وإرساء دعائم أمن المنطقة واستقرارها. كما أن العمل العربى المشترك، لصياغة حلول حاسمة لقضايانا أصبح واجبًا. وكنا قد أشرنا منذ أيام إلى أن المبادرات المتنافسة أحدثت قدرًا من الارتباك فى طريقة دفع طرفى الصراع إلى تسوية الأزمة التى يعيشها البلد الشقيق. ولعلك رأيت أو تابعت بنفسك كيف فشلت محاولات عديدة فى إقناع الطرفين بوقف القتال، وكيف انهارت عدة هدنات اتفق عليها الطرفان خلال محادثات جدة، التى توقفت مطلع يونيو الماضى، بسبب الخروقات والانتهاكات المتكررة.

تأسيسًا على ذلك أسعدنا ترحيب ودعم الدول العربية العديدة لمخرجات قمة القاهرة، «قمة دول جوار السودان»، والثمانى نقاط، التى تضمنها البيان الختامى. وكذا، تشديد عادل العسومى، رئيس البرلمان العربى، على دعم البرلمان لها، وتأكيده أن دعوة الرئيس السيسى لعقد هذه «القمة المهمة» فى هذا التوقيت المناسب والمحورى «تعكس دور مصر الريادى والمحورى فى التعامل مع الأزمات التى تحدق بالمنطقة وخاصة الأزمة السودانية الراهنة التى تتطلب تعزيز التعاون والتكاتف بين الجميع للخروج من هذا النفق المظلم». 

رئيس البرلمان العربى أشاد، أيضًا، بجهود مصر فى التنظيم والإعداد للقمة، متطلعًا إلى أن تسهم بشكل كبير فى تجاوز الأزمة الراهنة ووقف الصراع الدائر فى السودان بما يلبى طموحات وتطلعات الشعب السودانى ويحافظ على مقدرات ووحدة الدولة السودانية. وفى السياق نفسه، دعت دولة الكويت جميع الأطراف السودانية إلى الاستجابة لمخرجات قمة القاهرة، وأعربت الخارجية الكويتية، فى بيان، عن تطلعها إلى «أن تسفر عن إنهاء الصراع الحالى ووضع الآليات الفاعلة لتسوية الأزمة فى السودان بصورة سلمية»، بما يجنب البلد الشقيق وشعبه آثارها السلبية ويحافظ على أمنه واستقراره وسلامة أراضيه وحماية مقدراته ومصالحه.

أيضًا، رحبت الحكومة الأردنية بالبيان الختامى الصادر عن القمة، وأكدت خارجيتها دعم المملكة جميع الجهود التى تستهدف حل الأزمة السودانية، وتعزيز الأمن والاستقرار السياسى والاقتصادى. كما عبَّرت الخارجية البحرينية عن تقدير المملكة جهود الرئيس السيسى، فى احتضان القمة التى وصفتها بأنها خطوة مهمة فى سياق المساعى الدولية الرامية للتوصل إلى حل سلمى شامل ومستدام للأزمة الراهنة، من خلال مشاركة الأطراف السودانية فى حوار وطنى جامع يلبى تطلعات الشعب السودانى الشقيق فى الأمن والاستقرار والرخاء، والحفاظ على مؤسسات الدولة ومقدراتها، واستكمال المسار الديمقراطى. 

يمكنك أن تضيف إلى ما سبق، توجيه الحكومة السودانية الشكر لمصر ورئيسها، على القمة الرامية إلى استعادة الاستقرار والأمن فى ربوع السودان. وتأكيدها، فى بيان، أن القوات المسلحة مستعدة لوقف العمليات العسكرية فورًا، إذا التزمت «الميليشيا المتمردة» بالتوقف عن مهاجمة المساكن والأحياء والأعيان المدنية والمرافق الحكومية وقطع الطرق وأعمال النهب. وقد يستحق الإضافة أيضًا ترحيب حاكم إقليم دارفور، بتصريحات زعماء دول الجوار السودانى فى قمة القاهرة، وإعلانه عن تأييده إجراء حوار سودانى سودانى، بعيدًا عن التدخلات والإملاءات الخارجية التى قال إنها أسهمت فى إشعال الحرب.

.. وأخيرًا، نرى، ويرى معنا بعض الأعداء وكثير من الأشقاء والأصدقاء، وصحف أوروبية وأمريكية عديدة، من بينها «واشنطن بوست»، أن قمة دول جوار السودان، وجهود الدولة المصرية إجمالًا، هى الأبرز بين مساعى تسوية الأزمة، التى أودت بحياة أكثر من ٣ آلاف وشرّدت ٣ ملايين على الأقل، وتنذر بصراع ممتد وتبعات كارثية على السودان والمنطقة، إذا لم تتعاون الدول العربية والإفريقية فى احتوائها.