رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاستثمار الخاص.. كلام وأرقام

لاستعراض، شرح، وتوضيح مخرجات، أو قرارات، الاجتماع الأول لـ«المجلس الأعلى للاستثمار»، الذى ترأسه الرئيس عبدالفتاح السيسى، الثلاثاء الماضى، عقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، مؤتمرًا صحفيًا، أمس الأول الأربعاء، عقب اجتماع الحكومة الأسبوعى، الذى كنا قد انتهينا، أمس، إلى أنه شدّد، خلال هذا الاجتماع، على ضرورة التزام كل وزارة بتنفيذ تلك القرارات خلال توقيتات محددة، وأكد أن الدولة تستهدف إيجاد مناخ أكثر جذبًا للاستثمار وتيسير الإجراءات وحل المشكلات، التى تواجه المستثمرين.

فى المؤتمر الصحفى استعرض الدكتور مدبولى تطور حجم الاستثمارات العامة والخاصة معًا، خلال السنوات العشرين الماضية تقريبًا، موضحًا أنه كان أقل من ١١٦ مليار جنيه، سنة ٢٠٠٥/٢٠٠٦، بينما بلغت الاستثمارات المرصودة فى السنة المالية المقبلة، ٢٠٢٣/٢٠٢٤، حوالى ١.٦٥ تريليون جنيه، ما يعنى أن الزيادة تقترب من ١٤ أو ١٥ ضعفًا. كما أوضح رئيس الوزراء أننا كنا سنواجه حتمًا مشكلات هائلة فى العديد من الأمور، منها البنية الأساسية والخدمات، وكل ما قد تحتاجه الدولة لتحقيق النمو وتوفير فرص العمل، لو استمرت زيادة حجم الاستثمارات بمعدلاتها البسيطة أو الضعيفة.

الأرقام، أو المقارنة، شملت، إذن، الاستثمارات الخاصة، التى أشار رئيس الوزراء إلى تراجعها بين ٢٠١١ و٢٠١٥، بسبب الاضطرابات، التى شهدتها تلك الفترة. وبالتالى، كان على الدولة تعويض هذا التراجع، حتى تحقق معدلات النمو المستهدفة. وهو ما تكرر أيضًا بعدما صاحب وباء كورونا، والأزمة الأوكرانية، من مخاوف طبيعية، دفعت القطاع الخاص إلى عدم ضخ استثمارات جديدة فى أى مكان فى العالم. وعليه، كان تركيز «المجلس الأعلى للاستثمار»، على كيفية زيادة حجم الاستثمارات الخاصة، ليساوى حجم الاستثمارات العامة أو ليزيد عليه، وصولًا إلى بلوغه نسبة ٦٠ أو ٦٥٪ من إجمالى الاستثمارات، خلال ثلاث سنوات.

كنا قد أوضحنا، أمس، أن الحكم على طبيعة العلاقة بين الاستثمارين العام والخاص فى غاية الصعوبة والتعقيد، ليس فقط لاختلاف هذه الطبيعة من دولة لأخرى، بل لتباينها فى الدولة الواحدة من وقت لآخر. وأشرنا إلى أن دراسات اقتصادية عديدة تناولت تأثرين مختلفين، أو متناقضين، أحدهما عكسى، يوصف بتأثير المزاحمة، والآخر طردى أو تكاملى. لكن فاتنا أن نشير إلى أن «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، تقدم صورة متكاملة لوجود الدولة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية، وتتضمن المبادئ الحاكمة، والمنهجية المتبعة، لتمكين القطاع الخاص وتعزيز مشاركته فى الأنشطة الاقتصادية، وأيضًا لتكوين شراكات بينه وبين القطاع العام، فى إطار برنامج زيادة كفاءة الأصول المملوكة للدولة، وتعزيز فرص الاستفادة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.

المهم، هو أننا لم نفاجأ حين عرفنا أن القطاع الخاص فى مصر له نصيب الأسد من حجم المنشآت، وأن لديه ٧٩٪ من عدد المشتغلين، ويسهم بحوالى ٧٥٪ فى الناتج المحلى الإجمالى. فقط، استوقفتنا إشارة رئيس الوزراء إلى أن أكثر من نصف القطاع الخاص «قطاع غير رسمى»، وأن «٦٠٪ من حجم منشآت القطاع الخاص تعمل فى تجارة الجملة والتجزئة أى التجارة»، وكذا إشارته إلى تحدٍ آخر قائم، يتمثل فى أن ١٪ فقط من حجم منشآت القطاع الخاص يقوم بالتصدير، دون أن يوضح ما إذا كان ذلك بسبب ارتفاع الربحية فى السوق المحلية، مقارنة بالأسواق الخارجية، أم لانخفاض القدرة التنافسية للمنتجات، أم لأسباب أخرى تتعلق بوجود قيود قانونية أو إجرائية، مكتفيًا بتأكيد أن تشجيع القطاع الخاص على التصدير، سيكون على رأس أولويات «المجلس الأعلى للتصدير»، الذى صدر قرار جمهورى بإعادة تشكيله وتنظيم عمله، فى أبريل الماضى، ومن المقرر أن يترأس الرئيس السيسى اجتماعه الأول قريبًا.

.. وتبقى الإشارة إلى أن المستشار عمر مروان، وزير العدل، أقر، خلال المؤتمر الصحفى، بأن الواقع العملى أظهر أن هناك اختلافًا فى تطبيق بعض القرارات والقوانين بين وزارة ووزارة أو بين محافظة وأخرى، قبل أن يؤكد أن هناك قرارات تنظيمية تفصيلية، ستصدر خلال الأيام القليلة المقبلة، بشأن التعامل مع بعض النقاط المحددة، وسيتم تعميمها على جميع الوزارات والمحافظات والجهات المختلفة.