رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية البطيخ الأصفر


البطيخ، عارف حضرتك البطيخ؟ فيه منه أحمر وفيه منه أصفر، والحمد لله الحمد لله الحمد لله، الأصفر منه مش منتشر أوي، لـ إنه لو انتشر شوية زيادة هـ يحصل إيه؟
تعالى نرسم سوا بـ الخيال كدا مسارات الأمور ومآلاتها لو إن البطيخ الأصفر بقى له سوق واسع شوية:
في الأول هـ تلاقي ناس تحمست له، ممكن لـ إن بذره قليل، يمكن شافوا طعمه حلو، يمكن تغيير، أو يمكن من غير سبب، مجرد إنهم لاقوه مناسب لـ ذائقتهم، لكن السمة الغالبة بينهم هـ تبقى "الحماس".
بعدين هـ يتعرفوا على بعض، ويحاولوا يلاقوا طريقة يتواصلوا بيها، والتواصل دا يبقى مستمر، حلو لما تلاقي حد يشاركك حماسك، خصوصا لو كان الحماس دا لـ حاجة مش معروفة، أو مش منتشرة، أو مالهاش "جمهور"، فـ يتواصلوا بـ كل الطرق المتاحة، وطبعا مفيش أحسن من مواقع التواصل الاجتماعي، فـ هـ يعملوا جروبات وصفحات، وهكذا وخكذا.
شوية شوية، محبة البطيخ الأصفر هـ تتحول لـ كراهـية البطيخ الأحمر، إيشمعنى؟ لأ، مفيش، أي محبة في مصر كدا، بـ تتحول لـ بغض العكس أكتر من محبة الشيء نفسه، ودا لغز حير العلماء واللي مش علماء، مش كفاية تكون "مع" حاجة، لازم كمان تكون "ضد" حاجة غيرها، دا باكيدج كدا بـ ينزل مع بعضه.
الخطوة اللي جاية هي تحول محبة البطيخ الأصفر لـ هوية، يعني تلاقي الواحد منهم بـ يعرف نفسه بـ إنه من محبي البطيخ الأصفر، قبل ما يكون دكتور مهندس موظف كاتب، هو بطيخي أصفر.
طبل، فيه ناس مش هـ تستسيغ البطيخ الأصفر دا، وهـ يستفزهم انتشار محبيه، ويمكن كمان ما يعجبهمش أداؤهم، وهـ يشوفوا إنه خطر يهدد الأمة، خطر ليه؟ لأ، عادي، هو أي جديد أو مش مألوف بـ يبقى خطر على الأمة، الأمة دي حساسة جدا، والهوا الطاير ممكن يؤذيها، فـ لازم ننتبه من الدعوة الجديدة.
هـ يبدأوا يحاصروا البطيخيين الصفر، وتجييش الجماهير ضدهم، وتحذير الآباء من افتتان الأبناء بـ محبة البطيخ الأصفر، تخيل ابنك ماسك حتة بطيخ أصفر وبـ ياكلها، هل تتحمل المنظر؟ أترضاه لأختك؟
ثم تبدأ التحرشات بين الفريقين، سخرية كوميكسات أي تحفيل من أي نوع، بعدين التحفيل يقلب بـ تحــريض، ثم نوصل لـ النتيجة المحتومة في كل الملفات: الإرهاب!
أيون زي ما حضرتك قريت كدا، الإرهاب، اللي هو تخــويف الفريق التاني من خطورة وجوده نفسه، مش أي نشاطات بـ يعملها، أو أي مسلك يسلكه، لأ، مجرد وجوده على الأرض جريرة، عليه أن يدفع ثمنها أو يريح نفسه ويتخلى عنها.
ثم يصبح الأمر في النهاية خطر حقيقي، إذا لم يخسر الإنسان حياته بـ سببه، فـ هو معرض لـ الأذى في شئون حياته، سواء العمل أو الأمان أو خلافه.
قد يقول قائل ويسأل سائل ساعتها: هو البطيخ دا حاجة مهمة أوي كدا؟ لأ حضرتك، البطيخ مالوش علاقة بـ الموضوع، هو دا سلو بلدنا في الاختلاف. إيه؟ مش عاجبك سلو بلدنا ولا إيه؟ يعني، لو مش عاجبك سلو بلدنا قول، قول، وإحنا هـ نتصرف معاك.