رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سلام صيغة ميونخ

اجتماع سابع عقده وزراء خارجية مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، أمس الأربعاء، فى إطار «صيغة ميونخ حول عملية السلام»، للتباحث بشأن تطورات الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. واستبق المتحدث باسم الخارجية المصرية الاجتماع ببيان أكد فيه أن الوضع المتفجر فى الأراضى الفلسطينية المحتلة نتيجة اقتحامات القوات الإسرائيلية المتكررة المدن الفلسطينية واستهداف المدنيين خارج إطار القانون، يمثل تصعيدًا خطيرًا ينذر بخروج الوضع عن السيطرة، ويقتضى تكثيف الجهود الدولية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية.

بعد سلسلة الضربات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة التى راح ضحيتها ١٥ فلسطينيًا، أمس الأول الثلاثاء، استشهد شابان آخران، صباح أمس، خلال اقتحام مدينة جنين، وثالث ورابع فى غارة جوية جديدة على خان يونس، ليصل عدد من قتلهم جيش الاحتلال منذ بداية العام الجارى إلى حوالى ١٣٠ فلسطينيًا، بينهم ٢٤ طفلًا، و٨ سيدات. وبينما أدانت جامعة الدول العربية، بأشد العبارات، العدوان الإسرائيلى، وفى مقابل إعراب تور وينيسلاند، المبعوث الأممى للسلام فى الشرق الأوسط، عن «قلقه العميق» ووصفه قتل المدنيين بأنه «غير مقبول»، زعمت إسرائيل فى اجتماع عقده مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى جنيف أن لديها مبرراتها. ومن المفترض أن يكون مجلس الأمن قد عقد جلسة مغلقة، مساء أمس، للتباحث بشأن تصعيد الأوضاع فى قطاع غزة، بناءً على طلب تقدمت به الصين وروسيا وفرنسا والإمارات.

المهم هو أن الإطار العام لـ«صيغة ميونخ حول عملية السلام» تم وضعه فى فبراير ٢٠٢٠، حين اجتمع وزراء خارجية الدول الأربع على هامش مشاركتهم فى مؤتمر ميونخ للأمن، واتفقوا على أن يشكلوا معًا مجموعة وزارية لمناقشة ودفع جهود السلام الفلسطينية الإسرائيلية، ثم اجتمعوا عبر الفيديو كونفرانس، فى يوليو التالى، قبل أن تستضيفهم عمّان فى سبتمبر ٢٠٢٠، والقاهرة فى يناير ٢٠٢١، وباريس فى مارس ٢٠٢١، وميونخ فى فبراير ٢٠٢٢. وخلال أعمال الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، عقد الوزراء الأربعة اجتماعهم السادس، فى سبتمبر الماضى، بمشاركة جوزيب بوريل، مسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، وتور وينيسلاند، مبعوث الأمم المتحدة للسلام فى الشرق الأوسط.

انطلاقًا من التوافق المصرى الأردنى، الذى عكسته لقاءات عديدة جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك عبدالله الثانى، وتأسيسًا على موقف مصر الثابت من الصراع العربى الإسرائيلى والرؤية الأردنية، الهاشمية، للقضية الفلسطينية، تبلورت «صيغة ميونخ» فى البيان الصادر عقب الاجتماع السادس، الذى أكد فيه الوزراء الأربعة أن حل النزاع الإسرائيلى الفلسطينى على أساس حل الدولتين لا بديل عنه لتحقيق سلام شامل فى المنطقة، وجددوا التزام دولهم الراسخ بدعم جميع الجهود الرامية إلى تحقيق السلام العادل والدائم على أساس القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن، ذات الصلة، والمرجعيات المتفق عليها، بما فيها مبادرة السلام العربية.

كان أهم ما تضمنه ذلك البيان هو تذكيره بالحاجة الملحة إلى استئناف المفاوضات المباشرة والجادة والهادفة والفعالة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فى أقرب وقت ممكن، وتأكيده أهمية إيجاد آفاق سياسية واقتصادية، بشكل عاجل، للحفاظ على فرص حل الدولتين فى ظل غياب المفاوضات، عبر نهج إقليمى شامل، وتشجيع اتخاذ المزيد من تدابير بناء الثقة على أساس الالتزامات المتبادلة. كما شدّد الوزراء، أيضًا، على ضرورة وقف جميع الخطوات الأحادية التى تقوّض حل الدولتين وآفاق السلام العادل والدائم، وأكدوا أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة والاتصال الجغرافى للأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فى ذلك القدس الشرقية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر أدانت، أمس الأول الثلاثاء، التصعيد الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأكدت فى بيان أصدرته وزارة الخارجية، رفضها الكامل مثل تلك الاعتداءات التى تتنافى مع قواعد القانون الدولى وأحكام الشرعية الدولية، وتؤجج الوضع بشكل قد يخرج عن السيطرة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وتقوض جهود تحقيق التهدئة وخفض التوتر فى إطار ما تم التوصل إليه من تفاهمات فى اجتماعى شرم الشيخ والعقبة بهدف تهيئة المناخ الملائم لإعادة تحريك مسار عملية السلام.