رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

44 عامًا من الصدمة

سيدي القاضي، أنا إنسان مولود سنة 1975، فتحت عيني ع الدنيا بـ صدمة كبيرة: منتخب مصر بـ يتعادل مع مدغشقر في استاد القاهرة، كنت لسه طفل صغير خالص، فـ الصدمة كانت من هيستريا الناس اللي حواليَ:
مدغشقر!إيه مدغشقر دي؟ أزاي نتعادل معاها.
فهمت ساعتها إنه مصر لما تنافس أي فريق أفريقي، مش مفروض تتغلب خالص ولا تتعادل حتى. 
بس حضرتك أنا مش هـ أفضل طفل 4 سنين، كبرت وبقيت خمسة، فـ منتخب مصر دا لعب في كاس الأمم الأفريقية، كسب ماتشات واتغلب ماتشات، واحتل المركز الرابع، فـ أنا قلت لـ نفسي: الله!
ما هو منتخب عادي، ممكن يكسب وممكن يخسر، ما كنتش أعرف: هو إيه يخليه يكسب؟ وإيه اللي يخليه يخسر، بس هو ممكن كدا وممكن كدا. لكن الناس اللي حوالي، اتصدموا نفس الصدمة بتاعة السنة اللي قبلها، لما اتغلبنا من الجزاير في الكان، قالوا برضه نفس الكلام: إيه الجزاير دي؟ دي مالهاش تاريخ في الكورة.
ثم كبرت وبقى عندي 6 سنين، وشفت منتخب مصربـ يخسر من زامبيا في القاهرة 5/3، ثم 7 سنين، 8 سنين، 20 سنة، 30، 40، وكل سنة بـ أتأكد إننا عادي: ممكن نكسب وممكن نخسر، سواء منتخب أو أندية، والمناسبات اللي بـ نخسر فيها أكتر من اللي بـ نكسبها بـ كتييييير.
كمان مش بـ الضرورة نتغلب من أسماء معينة: مالاوي غلبتنا، زيمبابوي غلبتنا، زامبيا غلبتنا خمسة في استاد القاهرة زي ما قلت لك، النيجر غلبتنا، أفريقيا الوسطى غلبتنا وغيره وغيره
حتى في 2008 و2009 مثلا، اللي الناس بـ تفترض إنها قمة القمة، خسرنا من السودان 4/صفر، واتعادلنا مع زامبيا في القاهرة، وخرجنا من تصفيات كاس العالم قصاد الجزاير.
الأهلي اتغلب من كوتوكو ومن فيلا الأوغندي، ومن أفريكا سبورت الإيفواري ومن وفاق سطيف الجزايري، ومن جان دارك السنغالي وأورلاندو الجنوب أفريقي، اتغلبنا من أورلاندو 3/صفر في مصر، ومن بترو أتليتكو في القاهرة 4/2، ومن الهلال السوداني 3/صفر والنجم الساحلي 3/1.
الزمالك اتغلب من كوتوكو خمسة ومن الوداد خمسة ومن النجم خمسة ومن الجيش الرواندي أربعة، ومن جورماهيا 4/2.
الإسماعيلي اتغلب من أسيك خمسة، دا اتغلب من بطل أريتريا!
عادي يا سعادة القاضي: بـ نكسب شوية ونتغلب شويتين.
يجوز الشوية اللي بـ نكسبهم عند الأهلي أكتر من الزمالك، يجوز عند الأندية أكتر من المنتخب، بس القاعدة: نتغلب كتير ونكسب شوية.
رغم كدا سعادتك الشوية اللي بـ نكسبهم دول، أكتر من الشوية بتوع أغلب المنافسين، مفيش نادي كسب دوري أبطال أفريقيا أكتر من الأهلي، واللي بعده الزمالك. مفيش منتخب إجمالي نتايجه أعلى منك، حتى اللي بـ يعملوا طفرات في فترة معينة، بـ تظل إنت إجمالا متفوق عليهم.
إنما لما تقيس نسبة مكسبك إنت لـ خسارتك إنت، تلاقي الأهلي كسب دوري الأبطال 10 مرات من 34 مشاركة، كل مرة بـ يكسبها، قصادها بـ يخسر نسختين وأكتر، وحتى المرة اللي بـ يكسبها، مش بـ يكسب كل ماتشاتها، فـ عادي سعادتك.
إحنا كـ كرة مصرية، ممكن نكسب وممكن نخسر، زينا زي أي حد.
أنا النهاردا عندي 48 سنة، ولسه ما أعرفش على وجه الدقة الدقيقة، إيه الحاجات اللي تخليك أكيد تكسب، وإيه الحاجات اللي تخليك تخسر، لكن عرفت حاجات تانية (أظنها كتير)
زي إنه المكسب بـ يحتاج قدر من التوفيق(ولو قدر ضئيل) والمكسب محتاج تبقى جاهز لـ المنافسة دي تحديدا أكتر ما هو محتاج إنك تبقى "كويس" عموما، لـ إنك مش بـ تلاعب نفسك، فـ لو إنت جاهز 70% ومنافسك 90%، غالبا غالبا هو يكسب، مهما كان حجمه، وإنه فيه حاجات كتير ممكن تكسبك ما لا تستحق، أو تخسرك ما تستحق زي كفاءة الحكم (مش هـ أقول نزاهته)وظروف التنظيم وخلافه.
وإنه الحكاية كلها مركبة، لا يجوز إرجاعها بـ الكامل لـ عامل واحد أيًا كان، وإن الخسارة لا تعني العار والشنار وعلامات الانهيار، هي تزعل بس عادي، في النهاية عادي: ممكن تكسب وممكن تخسر، والمعدلات اللي بـ تكسب بيها ما قلتش، وما زادتش(دا بـ شكل عام وبـ نظرة من أعلى)
سيدي القاضي: طولت عليك معلش، لكن اللي حوالي زي ما هم من سنة 1979، بـ يتصدموا نفس الصدمة مع كل هزيمة، ومش هي دي المشكلة، المشكلة إنهم بـ يقولوا نفس الجملة:
أفريقيا دا كنا متقدمين عنها بـ سنوات ضوئية، ثم تراجعنا، لـ إن الكورة عندنا "بقت" تدار بـ العشوائية والفهلوة، والفساد والمحسوبية وووووووو
فـ أنا جي لك النهارده تدلني:إمتى كنا "سابقين أفريقيا بـ سنوات ضوئية"
أو حتى سنوات عادية؟ إمتى؟