رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أن يزورنا رئيس كرواتيا

خامس رؤساء كرواتيا بعد الاستقلال، زوران ميلانوفيتش، زار القاهرة، أمس الأول الإثنين، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قصر الاتحادية، واتسّمت المباحثات المنفردة بين الرئيسين ثم الموسعة بين وفدى البلدين، بالتفاهم وتقارب وجهات النظر، وجرى استعراض مواقف عديدة تؤكد العلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين، كان من بينها استضافة مصر آلاف الكرواتيين، فى «مخيم الشط»، خلال الحرب العالمية الثانية.

الدولة الصديقة، كانت إحدى دول «جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية»، التى شارك زعيمها جوزيف تيتو، مع الزعيم جمال عبدالناصر، وجواهر لال نهرو، رئيس الوزراء الهندى، فى تأسيس حركة عدم الانحياز، التى أبعدت دول الاتحاد عن صراع الكتلتين الشرقية والغربية، خلال الحرب الباردة. ومع أن كرواتيا، أدارت ظهرها لماضيها اليوغوسلافى، بعد استقلالها سنة ١٩٩١، إلا أنها حافظت على عضويتها فى الحركة، وكانت مشاركة رئيسها الثانى، ستيبان مسيتش، فى القمة الخامسة عشرة للحركة، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ، فى يوليو ٢٠٠٩، هى آخر زيارة يقوم بها رئيس كرواتى إلى مصر.

مع بداية العام الجارى، ودّعت أوكرانيا، التى تقع فى جنوب شرق أوروبا، عملتها «الكونا»، لتصبح الدولة العشرين فى منطقة اليورو. كما انضمت إلى منطقة شنجن، التى تتيح لأكثر من ٤٠٠ مليون شخص التنقل بلا تأشيرات بين دولها، التى ارتفع عددها بدخول كرواتيا إلى ٢٧ دولة. ووقتها، قال أندريه بلينكوفيتش، رئيس الوزراء، إن الخطوتين هدفان استراتيجيان فى سياق انضمام أكثر عمقًا للاتحاد الأوروبى.

انضمت كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبى سنة ٢٠١٣، ومع انضمامها إلى منطقة شنجن، تجدّد النقاش بشأن تزايد عدد الوافدين غير القانونيين إلى دول المنطقة، وبرغم قيام السلطات الكرواتية بتطبيق إجراءات حدودية صارمة على حدودها الشرقية مع البوسنة ومونتينجرو وصربيا، إلا أن إحكام السيطرة على ١٣٥٠ كيلومترًا، لا يزال يمثل تحديًا رئيسيًا. وعليه، استعرضت جلستا المباحثات جهود مصر فى مواجهة ظاهرتى الهجرة غير الشرعية والإرهاب، التى أشادت بها كل الأطراف الدولية ومن ضمنها الاتحاد الأوروبى.

رئيس «الحزب الاجتماعى الديمقراطى»، كان عاشر رئيس وزراء لكرواتيا، منذ ٢٣ ديسمبر ٢٠١١ إلى ٢٢ يناير ٢٠١٦، وتم انتخابه رئيسًا للجمهورية فى ١٩ فبراير ٢٠٢٠، ومنذ بداية الأزمة الأوكرانية، اتخذ موقفًا أكثر عقلانية، تجاه روسيا، من موقف الحكومة، التى يقودها بلينكوفيتش. وخلال مباحثاته مع الرئيس السيسى أشاد الرئيس ميلانوفيتش بدعوة مصر إلى تغليب الحوار وتفعيل جميع السبل المؤدية إلى التهدئة والتوصل إلى حل سلمى. كما توافق الرئيسان فى غالبية الملفات ذات الاهتمام المشترك، وقضايا منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأكدا أهمية تكثيف جهود المجتمع الدولى لتهدئة الأوضاع واحتواء التوترات الأخيرة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، إضافة إلى تأكيد الموقف المصرى بشأن تسوية القضية من خلال حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق مقررات الشرعية الدولية.

تناول الرئيسان، أيضًا، سبل تعزيز وتنمية العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات، واتفقا على تكثيف الزيارات المتبادلة على مختلف المستويات، بهدف تعميق التعاون على جميع الأصعدة، خاصة ما يتعلق بتعزيز التعاون السياحى فى ضوء تجربة كرواتيا المتميزة فى هذا الصدد، وكذا العلاقات الاستثمارية بين البلدين، لتعزيز مواجهة التحديات التى تفرضها الأزمة الاقتصادية العالمية، وتعظيم الاستفادة مما تتيحه المشروعات التنموية الحالية فى مصر من فرص استثمارية، خاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إضافة إلى تعظيم حجم التبادل التجارى، والتعاون لتعزيز أمن الطاقة فى حوض البحر المتوسط والقارة الأوروبية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن «مخيم الشط»، الذى أقيم فى سيناء، سنة ١٩٤٤، استقبل أكثر من ٤٠ ألف لاجئ، ووفرّت لهم الدولة المصرية كل سبل الحياة الكريمة، قبل سبع سنوات من ظهور المبادئ التوجيهية لرعاية أو حماية أو دعم اللاجئين، التى تضمنتها اتفاقية الأمم المتحدة، الصادرة فى ٢٨ يوليو ١٩٥١. وتكفى الإشارة، مثلًا، إلى أن هذا المخيم شهد مولد أكثر من ٦٥٠ طفلًا، وحوالى ٣٠٠ حفل زواج، قبل أن يعود اللاجئون إلى بلادهم، سنة ١٩٤٦، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، واستقرار الأوضاع فى بلادهم.