رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحليل المشاعر بالطريقة الأمريكية


تصاعدت الاحتجاجات الأمريكية الرسمية على صدور حكم يوم الاثنين 28 أبريل الجارى بإعدام 37 من جماعة الإخوان، وأعلن متحدث باسم الرئيس الأمريكى أن «الحكم يمثل تحدياً لأبسط قواعد العدالة الدولية». ومع أنى لأسباب فكرية وإنسانية أناهض بشكل قاطع حكم الإعدام كأسلوب للعقاب إلا أن الأمريكيين آخر من يحق لهم إلقاء موعظة بالذات عن العدالة الدولية!

فهم الذين أعلنوا عام 2006 عن تمويل برنامج معلوماتى يمكن المخابرات الأمريكية من مراقبة الأفراد والصحف ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى فى كل أرجاء المعمورة ورصد اتجاهات الرأى العام المختلفة تجاه أمريكا، ولأن الأمريكيين رومانسيون بالفطرة فقد أطلقوا على برنامج التجسس هذا اسم «تحليل المشاعر»! فى أكتوبر من العام نفسه صدَّق الرئيس الأسبق جورج بوش على قانون يسمح بتعذيب المتهمين فى قضايا الإرهاب، ويحرمهم من أى ضمانات قانونية، ويسلبهم حق الطعن فى شرعية اعتقالهم، بل ويحرمهم حتى حق الاستعانة بمحام، ويقر بصحة الأحكام الصادرة بناء على أدلة منتزعة تحت وطأة التعذيب! وإمعاناً فى «تحليل المشاعر» نشرت الصحف فى سبتمبر 2007 أن المخابرات استحدثت طريقة تعذيب تسمى «لاغراق بالمحاكاة» وفيها يتم غمر السجين أثناء التحقيق معه بالإحساس بالغرق اتساقاً مع «قواعد العدالة الدولية»! أيضاً أسس البنتاجون شعبة خاصة باسم «مكتب المنظومات المعلوماتية» يتمثل دورها فى التجسس على الهواتف الجوالة والإنترنت داخل وخارج أمريكا، وأشارت التقارير الأمريكية إلى أن التنصت الأمريكى على الهواتف يتخطى مليارى اتصال يومياً عبر محطات محمولة على طائرات أو أقمار صناعية، وأن بوسع المخابرات الأمريكية مراقبة وتتبع 12 مليون اتصال دفعة واحدة. وفى مطلع فبراير هذا العام أعلن أن شركات جوجول وياهو ومايكروسوفت وفيس بوك وسكايب وغيرها ملزمة بتقديم تقارير عن مستخدميها للمخابرات الأمريكية، تتضمن اسم وسن ومحل إقامة الشخص! وأشارت الصحف الأوروبية إلى أن المخابرات الأمريكية كانت تستخرج رسائل البريد الإلكترونى والمكالمات الصوتية ومقاطع الفيديو واتصالات أخرى لعملاء تلك الشركات دون حاجة لأى أمر قضائى! وكشفت صحيفة «جارديان» البريطانية أن وكالة التجسس البريطانية بالتعاون مع وكالة الأمن القومى الأمريكية كانت تجمع المعلومات الإلكترونية عن الأفراد وتستخرج صوراً معظمها جنسية من دردشات «الويب كام» للملايين من مستخدمى برنامج ياهو للدردشة ! ومازال معتقل جوانتانامو مفتوحاً إلى الآن ويمثل تجسيدا صارخا لأشد أنواع الاحتقار الأمريكى للعدالة الدولية رغم وعود أوباما بإغلاقه! ومازالت فظائع معتقل «أبو غريب» بالعراق شاهدة على ذلك الاحترام للعدالة موضوع الحديث! تنطلق أمريكا عند تأييدها لعزل جنوب السودان فى دولة معادية لمصر من أن ذلك أمر يتماشى مع «أبسط قواعد العدالة الدولية»، أما عودة القرم الروسى أصلاً إلى روسيا فأمر يمثل تحدياً «لأبسط قواعد العدالة»، وأحكام الإعدام فى مصر تتنافى مع العدالة أما الإعدام بلا أحكام فى جوانتانامو فإنه تجسيد لروح العدالة! وفى كل ذلك لا ترى أمريكا إلا مصالحها الخاصة كما لاترى عين القط سوى الفئران!

■ كاتب وأديب