رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللعب بالورقة النوبية«١-٢»


روايات عديدة فى تفسير ما جرى فى أسوان بين طلاب نوبيين من قرية «دابود» وطلاب من قبيلة «الهلايل» فى 4 أبريل، وأدى لمقتل نحو 25 إنساناً غير الجرحى، علاوة على توابع الحدث الفكرية والسياسية. تمعن فى تلك الروايات وسوف تشتم رائحة التدبير والمؤامرة.

لدينا التفسير الأسهل والأقرب الآن لمتناول اليد عند تبرير كل حادث: الإخوان هم من أشعل الفتيل. وهو تفسير لا يستند بعد لأى دليل سوى أن الإخوان خصم سياسى يمكن إلصاق كل التهم به. التفسير الثانى تتبناه وزارة الداخلية مفاده أن ما جرى كان بسبب معاكسة إحدى الفتيات وكتابة عبارات مسيئة للطرفين على جدران البيوت. وهو تفسير أمنى بحت لا يرى أبعاد الواقع السياسية والاقتصادية. يتبقى تفسيران يؤكدان أن ماجرى كان مدبراً بهدف اللعب بالورقة النوبية على مائدة تقسيم مصر وتدمير الدولة. بهذا الصدد يشير المحامى النوبى محمد عزمى إلى أن القتال بدأ بمشادة كلامية بين طلاب من دابود وطلاب من الهلايلة أعقبها قيام أحد الأفراد بإطلاق الرصاص بشكل عشوائى. منذ متى تؤدى المشادات الكلامية فى النوبة لإطلاق النار بشكل عشوائى؟! رواية أخرى تقول إن السبب وراء الأحداث كان إيصال أمانة ملفق!هذه التفسيرات التى تتأرجح بين الطابع الأمنى التقليدى للداخلية، والطابع السياسى، ثم الحكايات المريبة، توحى كلها بأن ماحدث كان مدبرا. فلم يكن فيما جرى أمراً خطيراً يستتبع كل ذلك الاقتتال. يؤكد فكرة افتعال الحدث ناطقان من الطرفين: الأول سعد حسين أحد مشايخ قبيلة الهلايل حين يصرح بأن العبارات المسيئة للنوبيين والهلايل مكتوبة على الجدران بالخط نفسه»! والثانى عادل أبوبكر القيادى النوبى الذى يشدد على أن البعض خطط بالعمد لإضرام النيران بين القبائل. وسواء أكان الحدث مدبراً أم لا، فقد كشف أوجها من أزمة الدولة التى تكاد الأطراف كلها أن تجمع على غياب دورها فى أسوان. كما أن ما جرى كشف أيضا عن ضرورة التعامل مع النوبة بيقظة وعدل، والاستجابة للعديد من المطالب النوبية كحق النوبيين فى تعلم لغتهم، وإعادة كتابة التاريخ بوضع تاريخ النوبة كجزء من التاريخ القومى بعد أن تم تجاهل ذلك كما تجاهلوا المراحل القبطية. ماجرى كشف أيضا وبوضوح عن نشاط المنظمات الممولة التى تنفخ فى نعرة القومية النوبية، كأنما لم يصبح النوبيون بعد جزءا من القومية المصرية، وتنفخ فى مطالب الحقوق الفردية بالمفهوم الأمريكى وتغض النظر عن أن قضية أبناء النوبة هى فى الأساس العدالة الاجتماعية والحرية بمعناها الأعمق والأشمل الذى يرتبط باستقلال مصر السياسى. تحاول تلك المنظمات والناطقون باسمها وقد أصبحوا كثيرين أن يؤججوا نفسية الانفصال ويبرزوا كل نقاط التباعد بين مصر والنوبة وليس نقاط اللقاء، ويضعون خلال ذلك خطوطاً غليظة تحت كل أخطاء النظام والدولة بصفتها «أخطاء المصريين» الموجهة بالعمد ضد النوبة، ومن ثم يرفعون أصواتهم «اتق شر الحليم». وللحديث بقيه