رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلطة «محلب» الجديدة


فى أول كلمة لرئيس الوزراء الجديد إبراهيم محلب قال كل ما قاله من قبل الببلاوى فى 11 يوليو العام الماضى. تعهد محلب كما تعهد الببلاوى بمكافحة الإرهاب وفرض الأمن، والاهتمام بالمشروعات التنموية مع توفير مناخ سياسى ديمقراطى، وبالمرة الاهتمام بأوضاع الشباب.

تقاسم الاثنان العبارات العامة وغياب أى طرح محدد بالنسبة للوضع الاقتصادى والأمنى. الجديد عند محلب أنه أمر بعدم شرب المياه المعدنية فى اجتماعات الحكومة ثقة منه فى مياه الحنفيات النقية، أما كلامه العمومى فإنه لا يبشر بخير، خاصة إن كان كلاما مكررا ومستهلكا، لأن وظيفة الكلام العام هى الدوران حول خطة لا يتم إشهارها لسبب أو لآخر. أيضا فإن هناك علامات استفهام عميقة كاستبقاء تلك الوزارة الغامضة الأهداف والنشأة المسماة العدالة الانتقالية. وبينما حاول الببلاوى تلميع حكومته بأسماء ناصرية وأخرى ربطتها علاقة بحركة الشارع فإن محلب يتخلى حتى عن «تلميع البضاعة» للزبون ويضع حكومته أقرب ما تكون صراحة إلى التصالح مع مبارك. ومن بين خلطة محلب الحكومية يوجد 17 وزيرا من حكومتى هشام قنديل والببلاوى، ولبعض وزرائها ومنهم محلب ذاته تاريخ يمتد إلى حزب مبارك الوطنى. وفعليا فإننا إزاء حكومة قديمة تتمحلب بنكهة مبارك! وهى على الأرجح حكومة قصيرة الأجل سيقتصر دورها على الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية لا أكثر. وخلال ذلك تبقى حقيقة واحدة واضحة كالشمس أن الشعب المصرى لم يلمس أية بداية ولا استشرف خطة لاقتصاد الثورة على أيدى خمس حكومات متعاقبة منذ انتفاضة يناير هى: حكومة عصام شرف، ثم الجنزورى، ثم قنديل، ثم الببلاوى والآن محلب. ولم يلمس الشعب تغييرا حقيقيا فى أى مجال ولا حتى حل أزمات المفروض أنها صغيرة كأزمة المرور، أو القمامة، أو انقطاع الكهرباء والمياه، وغير ذلك. وليس أدل على الأزمة السياسية المستحكمة من تعاقب الحكومات واحدة بعد الأخرى بإيقاع متسارع، وهى الظاهرة التى شهدتها مصر بعد حريق القاهرة فى 26 يوليو 1952بعد أن قدم النحاس باشا استقالته ليلة الحريق، ثم توالت أربع حكومات : حكومة على ماهر ثم نجيب الهلالي، ثم حسين سرى وظلت فى الحكم اثنين وعشرين يوما، ثم الهلالى مجددا لثمانى عشرة ساعة فقط ! كانت الأزمة التى فتحت فمها تبتلع الحكومات واحدة بعد الأخرى، إذ لم تستطع حكومة أن تحل الأزمة التى تضافرت فيها مطالب عدة : الاستقلال الوطنى والنهوض الاقتصادى والعدالة الاجتماعية والحرية. ولم يكن ثمة سبيل للخروج من أزمة مترابطة كتلك سوى ثورة قادرة على إجراء تغيير سياسى ضخم، فكانت ثورة يوليو 1952.

وفى خضم الأزمة العميقة التى نحياها يعلن محلب فى كلمته الأولى أنه «حان وقت العمل والإنتاج»! وليسمح لنا محلب أن نسأله: متى كف الشعب المصرى عن العمل والإنتاج؟