رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن الدستور والشباب.. أُحدثكم


هل ظن البعض أن الإخوان سيرقصون فرحاً لنجاح الاستفتاء على الدستور، وخروج الشعب بالملايين للتصويت عليه بنعم، والتأكيد على أن هذا الشعب امتلك ثورته، وسار أولى خطوات مستقبله؟.. بالقطع لا وألف لا، وكان حرى بكل عاقل أن يدرك أن الجماعة ستكون مثل «عواجيز الفرح»،

ينوحون فى العرس الديمقراطى الذى ينال أول ما ينال من مشروعية وجودهم شعبياً، وأنهم سيصفونه بكل نقيصة، وسيضربون «كرسياً فى الكلوب» لعل الفرح يتحول مأتماً، عندما يلصقون به المعايب، أو يحرضون طلبة الجامعات على الخروج للمرة الألف ضد النظام، لعلهم يقدرون على كسر هيبة الدولة التى أبانت عن نفسها بجلاء خلال الاستفتاء.. سيحاول الإخوان تشويه الصورة الرائعة التى بدت للعالم، نقية ناصعة، صحيحة قوية، عن شعب قال كلمته وأسمعها لكل الذين انخدعوا من قبل بدعاوى الجماعة عن أن 30 يونيو كان انقلاباً وليس ثورة، فلما خرج الشعب بالملايين للاستفتاء على الدستور، صدق العالم حقيقة ما حدث من قبل، وارتعدت فرائص الإخوان وراحت جماعتهم تشوش على الصورة التى تأكدت عن شعبية ما جرى من قبل وما كان.. يدّعون أن الشباب قاطع الانتخابات، وانبرت كتائب الإخوان الإلكترونية وأبواقهم الإعلامية، الداخلية منها والخارجية، فى تأكيد ذلك، زعماً بأن الثوار الحقيقيين، أصحاب الكلمة الفصل فيما يحدث على أرض مصر، كان لهم رأى آخر خلال ما تم فى 14 و15 يناير، لعل هؤلاء المخادعين يقدرون أن يُوقفوا ذلك التحول الذى بدا على السياسات الخارجية لكثير من دول العالم تجاه ثورة مصر فى 30 يونيو، وكيف رأت هذه السياسات أن الدستور الجديد يعزز حقوق النساء والأقباط، ويؤكد أن ما شهدته مصر كان «ثورة شعبية حقيقية، وأن الشعب المصرى كان أكثر وعياً ونضجاً وتنظيماً خلال ثورته الثانية، التى أطاحت بحكم الإخوان، بدرجة أكبر مما كان عليه فى ثورة 25 يناير»، ورأت أن «الاستفتاء يمثل ختماً لثورة 30 يونيو الشعبية، التى تفجرت العام الماضى للإطاحة بحكم الإخوان، فضلاً عن أنه يُجسد حق الشعب المصرى فى اختيار مصيره».. ن نذهب فى ترهات لفظية، لا أساس لها من معلومات حقيقية، مثلما يفعل الإخوان، مُطلقو الأكاذيب والشائعات، لعلها ــ فى ظنهم ــ تُصيب العرس فى مقتل، وتشكك فى مصداقيته، خاصة أمام العالم، وتعالوا نقرأ ما ذكرته شبكة «مراقبون بلا حدود» عن أهم مؤشرات أعمال المراقبة التى تمت، كما تقول، «وفقاً لمعايير النزاهة والشفافية على عملية الاستفتاء»، قبل أن تُعلن اللجنة العليا للانتخابات بيانها الرسمى عن النتيجة النهائية للاستفتاء أول أمس الأول السبت.. تقول شبكة «مراقبون بلا حدود»، فى تقريرها الختامى: انعكست ظروف الصراع والاحتقان السياسى، التى تواجه الناخبين، بوضوح على عملية الاستفتاء، حيث تشير المؤشرات الأولية إلى مشاركة نحو 21 مليون ناخب على الأقل فى استفتاء الدستور 2014، من بين 52 مليوناً و742 ألفاً و193 ناخباً، مقيدين فى قاعدة الناخبين، وأن نسبة الموافقة أكثر من 19 مليوناً و220 ألف ناخب، بنسبة تقترب من 97% من عدد الأصوات الصحيحة، ووصول نسبة مشاركة الناخبين إلى 23 مليون ناخب، بنسبة مشاركة تزيد على 40%، وهى نسبة غير مسبوقة فى الاستفتاءات الدستورية المصرية، بينما الذين أدلوا بلا، نحو 393 ألف ناخب، بنسبة 2%».. وبالتالى، يستطرد التقرير، «تأتى نسبة المشاركة الكبيرة للتصويت على الدستور الجديد لتؤسس لشرعية دستورية جديدة لثورة 30 يونيو وللنظام السياسى فى مصر، وتدل على إرادة شعبية ترفض التخريب والإرهاب ومظاهر الترويع التى تقوم بها جماعة الإخوان، وتضع حداً للنزاع على الشرعية التى أشعلته الجماعة منذ عزلها عن السلطة فى 3 يوليو الماضى.. وقد بلغت نسبة المشاركين ممن هم أقل من 30 عاماً ــ أى الشباب ــ 16%، ونسبة الناخبين من سن 45 إلى 60 عاماً نحو 30%، والباقى يأتى فيما بين 30 و45 عاماً وفوق الستين». ويرى التقرير أن «قلة مشاركة الشباب فى التصويت جاءت بسبب حملات ترويع الناخبين من جماعة الإخوان، وممارسة الضغوط الن سية وإشاعة المفاهيم الخاطئة، التى تصور المُشارك فى الاستفتاء وكأنه شارك فى الدم، وتركيز النظام السابق لمرسى، بشكل واسع، على الشباب وطلاب الجامعات، فيما يخص الجماعات الشبابية، ومنها الأولتراس والأسر الطلابية بالجامعات، وبث مفاهيم خاطئة بينهم عن الانتماء والشرعية، وتشويه جماعة الإخوان للجيش والشرطة».. وقد غاب عن التقرير أن أيام الاستفتاء واكبت إجراء امتحانات نصف العام الدراسى، وما يحوطها من عنف وإرهاب يمارسه طلاب الإخوان، وتلك نقطة فاصلة فى نسبة مشاركة الشباب بين 18 و24 سنة، أولئك الذين كانوا بين شقى الرحى، بين المشاركة فى الاستفتاء وبين الامتحانات التى تطاردهم والعنف الذى يترصدهم. وفى العموم، يرى تقرير «مراقبون بلا حدود» أنه تم رصد «ارتفاع القدرات التنظيمية للجنة العليا للانتخابات، والتخلص من سلبيات تنظيم الانتخابات والاستفتاءات التى حدثت فى السنوات الماضية، والتى تُمثل تراثاً سلبياً فى الإدارة الانتخابية فى مصر، ووجود حياد واحترام لإرادة الناخبين من قِبل قوات الجيش والشرطة المكلفة بتأمين الاستفتاء، وقيام الناخبين بالتعبير الحر عن إرادتهم فى التصويت بنعم أو لا على الدستور، دون تدخل من الإدارة أو الأجهزة التنفيذية فى الدولة».. ونرى نحن أن الأداء الإعلامى لبعض القنوات الفضائية والخاصة، والصحف القومية والمستقلة، فى الحشد للتصويت بــ «نعم» فى الأيام السابقة على التصويت، أثر بالسلب فى نسبة مشاركة الشباب فى الاستفتاء على الدستور، لاعتقاد هؤلاء الشباب فى قرب عودة أسلوب الإعلام التعبوى الموجه من السلطة مرة أخرى، بعد سقوطه فى ثورة يناير منذ ثلاث سنوات، وتلك رسالة أخفق الإعلام فى تلافيها وتستحق منا وقفة قادمة

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.