رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سقوط سفّاح الجماعة.. والجامعة



أغسطس هو شهر الإخوان الأسود. فيه تم إعدام سيد قطب، وتم فض بؤرتى رابعة العدوية والنهضة، وإلقاء القبض على محمد بديع، مرشد الجماعة. كما شهد يوم ١٣ منه، سنة ١٩٤٤، مولد محمود عزت، رجل الجماعة الأخطر، والذى لم يشأ هذا الشهر أن ينتهى، قبل إلقاء القبض عليه، تنفيذًا لعشرات أوامر الضبط والإحضار، وأربعة أحكام، غيابية، بالسجن المؤبد والإعدام.
الناب الأزرق، ثعلب الإخوان، صقر القطبيين، مستر إكس، والرأس المدبر لمجازر الجماعة، سقط بعد أسبوعين، بالتمام والكمال، من بلوغه السادسة والسبعين من عمره، الذى قضى أكثر من ثلثيه داخل الجناح المسلح للجماعة، بدءًا من مشاركته فى تأسيسه، فى ستينيات القرن الماضى، ووصولًا إلى رئاسته ذلك الجناح وللجماعة كلها وإشرافه على كل العمليات الإرهابية، منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وحتى يوم إلقاء القبض عليه.
عزت، كان مرشد عام الإخوان أو القائم بأعمال المرشد. إذ قيل إنه تولى تسيير أعمال الجماعة، بعد إلقاء القبض على محمد بديع، المرشد السابق، فى ٢٠ أغسطس ٢٠١٣، وفقًا لتقاليد وقواعد الإخوان، التى تقضى بأن يتولى نائب المرشد مهامه فى رئاسة مكتب الإرشاد وتسيير أعمال الجماعة حال غيابه. غير أن ثروت الخرباوى، القيادى المنشق عن جماعة الإخوان، قال إنه صار المرشد الجديد، وأكد لعماد الدين أديب على شاشة «سى بى سى»، فى ٢٤ أغسطس ٢٠١٣ أنه يدير الأمور، فى مصر وخارجها، من أحد فنادق غزة.
ذهاب الإخوان إلى قطاع غزة والعودة منه، أكثر سهولة من تنقلهم بين القاهرتين الجديدة والقديمة. وسواءً ذهب محمود عزت إلى هناك وعاد، أو ظل مختبئًا فى جحر، أو شقة سكنية، بالتجمع الخامس، فإن ما يعنينا، الآن، هو أن ذلك الصيد الثمين سقط، وصارت كل محتويات عقله، أوراقه، وأجهزته فى أيدى السلطات المختصة.
بتفتيش الجحر، الذى كان مختبئًا فيه، تم العثور على أجهزة الكمبيوتر وتليفونات محمولة، عليها برامج مشفرة، لتأمين تواصله مع قيادات وأعضاء التنظيم، داخل وخارج البلاد، إضافة إلى أوراق تنظيمية تتضمن مخططات لأعمال تخريبية. وعليه، لم يكن غريبًا أن يقول «بيان الداخلية» إن المذكور أشرف على الكتائب الإلكترونية، التى تتولى إدارة حرب الشائعات وإعداد الأخبار المفبركة، لإثارة البلبلة وتأليب الرأى العام. كما أدار حركة أموال الجماعة وقام بتوفير الدعم المالى لجميع أنشطتها واضطلع بالدور الرئيسى، فى دعم وتمويل منظمات دولية مشبوهة أساءت للبلاد وحاولت ممارسة الضغوط عليها فى العديد من الملفات الدولية.
سفاح الجماعة والجامعة حصل على الثانوية العامة سنة ١٩٦٠، وتخرج فى كلية الطب، سنة ١٩٧٦، وحصل على درجة الماجستير سنة ١٩٨٠، وعلى الدكتوراه سنة ١٩٨٥. وبين التحاقه بالكلية وتخرجه فيها تم سجن «السيد محمود عزت إبراهيم، ٢١ سنة، الطالب بجامعة عين شمس»، سنة ١٩٦٥، لمدة عشر سنوات، مع مجموعة من «القطبيين»، أبرزهم محمد بديع، نسبة إلى سيد قطب، الذى تم إعدامه، وآخرين، فى القضية نفسها.
علميًا وأمنيًا، لم يكن ممكنًا أن توافق جامعة الزقازيق، على تعيين ذلك الإرهابى، الحاصل على درجة البكالوريوس بعد ١٥ سنة وعلى الدكتوراه بعد ربع قرن، عضوًا بهيئة التدريس، إلا بضغوط أو بتواطؤ من مجلسى الجامعة والكلية. وعلميًا وأمنيًا، لم يكن معقولًا أن يستمر أستاذًا بها حتى صدور قرار فصله، فى ٢٤ سبتمبر ٢٠١٣، لتغيبه عن العمل ثلاثة أشهر!.
قرار الفصل، لم يتخذه مجلس الجامعة من تلقاء نفسه، بل بعد تلقيه شكاوى عديدة من عدم اتخاذ أى إجراء ضده، رغم تغيبه عن العمل، منذ ٢٦ يونيو ٢٠١٣. وبانتهاء التحقيق، فى تلك الشكاوى، إلا أنه لم يتقدم بأى طلبات بإجازات اعتيادية أو مرضية أو أعذار لتغيبه، قرر مجلس الجامعة، تفعيل المادة ١١٧ من قانون تنظيم الجامعات. وكان لافتًا أن يقول الدكتور أشرف الشيحى، رئيس جامعة الزقازيق، وقتها، إن هذا القرار «إدارى بحت وليس له هدف سياسى، ولا علاقة له بالأوضاع السياسية التى تمر بها البلاد، وليس مقصودًا به أى فصيل أو جماعة، ويتم اتخاذه تجاه أى عضو هيئة تدريس أو موظف يتغيب عن العمل».
شىء من الخوف أو الرعب، دفع رئيس الجامعة، غالبًا، إلى تبرير قرار الفصل. لكن ما لا يمكن تبريره أو تفسيره، تفهمه أو استيعابه، هو استمرار ذلك الإرهابى فى عمله، ومواصلته بث سمومه وتجنيده لآلاف الطلاب، بعد تورطه فى القضية المعروفة إعلاميًا باسم «سلسبيل»، سنة ١٩٩٣، وبعد سجن لمدة ٥ سنوات، من ١٩٩٥ إلى ٢٠٠٠، فى قضية مجلس شورى الجماعة. وقبل هذه وتلك، كان القاصى والدانى، والواقف بينهما، يعرفون أنه يتولى، منذ منتصف ١٩٨٨ مسئولية أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، المنتمين للجماعة الإرهابية