رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وائل خورشيد يكتب: لو كان لزاما علينا الرحيل


- لا يمكننا أن نحصل على كل شيء. نحن نريد، الأزمة هي أن نتفهم أنه لا يمكننا أن نحصل على كل ما نرغب به، قد يتأخر، قد لا يحدث، قد نتغير نحن بالأساس.

حينما أكتب عن الإنسان كما أفعل أغلب الوقت، أرانا من بعيد كلوحة، أنظر كأنما عين تقف في مكان مرتفع، تشاهد الناس وحركاتهم النمطية، ما أراه أن الفرق بيننا جميعا هو في النِسَب، ما نظهر وما نبطن، وبعض القوة، الذكاء، أشياء مثل تلك، تتحكم في الصورة الأخيرة، كل شيء بسيط له جذور، يتنامى مع الوقت ليكون أنت. لكننا في النهاية جميعا متشابهون بشكل أو آخر.

ملحمة الإنسان، لها ماضٍ وحاضر، وحلم قادم، كل منا له قصته، وجميعنا يربطنا شيء ما بالماضي، وكلنا نهوى، شيئا، بشرا، أيا ما يكون. ولكن أحيانا يكتب علينا الرحيل أو الفقد، إما أن تتركنا الأشياء، أو تُفلِت أيدينا، وحينها يكون «لزاما علينا الرحيل» كما كتب مجدي نجيب، وغنى منير. حتى لو مضينا في الطريق بقلبٍ عليل.

• كانت

حينما يصبح لزاما أن يرتبط ما تحب بـ«كان»، فلا يبق بينكما من رابط سوى الذكريات، ظل.. يبتعد حتى ينفصل، ومع ذلك تبقى منه لمسة، يمكنك فقط أن تحتفظ بتلك الأخيرة، أما إن بقيت ممسكا بالذكرى، سارحا فيها محولها لحقيقة، ستظل تدور في نفس مكانك، لن تهنأ ولن تهدأ ولن ينالك سوى دوار كالدوامة يبتلعك بلا نهاية.

• الوحيدة

نظن أن من نحبهم ليس هناك غيرهم، شيء منطقي، فهذا هو العالم الذي تعيش فيه، ولكن إن كنت تعتقد أنك ترى العالم بصورته الكاملة فأنت مخطئ، أنت تراه بعينك فقط، وإدراكك، وتمضي فيه باختيارك، ولهذا فإن ما تحب هو عالمك، سيتحول إلى لوحة ثابتة إلا منكما، تتصور أن بفقدانه، سيتوقف العالم كله من حولك. ستبقى وحدك فوق اللوحة تركضو تصرخ ولن تصل لشيء، لأن العالم كله جماد من حولك، بينما ما تفتقده مرسوم في بورتريه آخر.

هذه الفكرة تحاصرنا دائما، وربما يكون فيها شيء من الصحة، بعضهم لا يعوض، لكننا على كل حال يجب أن نمضي قدما، ففي الحياة متسع لكل الاحتمالات. امسك ريشتك ربما تحيي رغباتك في لوحة جديدة.

• التي سكنت

للقلب أحكام، ليتنا نستطيع نقضها، أو سبر أغوارها والسيطرة عليها، ولكن في النهاية تتسرب الأشياء من قبضة عقلنا في خطفة، فتسكن، سكن بلا سكون، يمكننا أن نقول قطعة من الجحيم.


• ومازالت

يبقون، هكذا تسير الأمور، نكلمهم ويكلمونا، في حوار وهمي، يأخذ النوم، يزعج الروح، ينهك العقل، حديث نفس! والنفس أمارة بالسوء، وأحيانا يأتي السوء من باب الحب، من باب التجميل، من حيث لا يمكنك أن تمعنه، يأتيك السوء من الأمل الوهمي، من الخيال المدهش، الذي يحيي العظام ملائكة.

أنا مؤمن جدا، أنه في أوقات الرحيل، فإن فكرة الحب أقسى من الحب ذاته، فما يعلق في خيالك، هو الذي يحييك ويقتلك.

ولكن!

في وقت ما عليك أن تتوقف، يجب أن تتعافى، أحيانا إجبار النفس على ما لا ترضى، يكون هو السبيل، هذا الصراع بين العقل والقلب والروح المتعبة والنفس، يحب أن يحسمه أحدهم، هناك أحلاف، وكلهم يتآمرون ضد صاحب الكيان، هنا يظهر جزء آخر منك، لا أعرف ما هو بالضبط، ربما قاض في مكان ما منك، قد يكون ضميرك، لا يعجبه ما تفعل، ويسألك.. هل أنت راض؟ أتقبل ما وصلت إليه؟

• ودع هواك

لا تتوقف حتى يكون قد قضي الأمر، ليس بعد العمر العمر، خذ من تجربتك ما يعلمك أن لا تكررها، وصدقني ستكررها. امض قدما، ليتني أستطيع أن أخبرك أن القادم خير، لا أعلم الغيب، لكن أعرف العيب.. أن تبقى أسير والعالم من حولك حر!

على أية حال، أنا مؤمن أن بين كل غباء وآخر مساحة هدنة.. استرح فيها قدر الإمكان، قبل أن تكرره مرة أخرى!