رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هو كُرهٌ لنا.. ولكن



اللجوء للحل العسكرى، ليس هو الخيار الأمثل، غير أن صبرنا، الذى لم يكن ولن يكون ضعفًا، بدأ ينفد، وجنوحنا للسلم سيكون عبثًا، لو كُتب علينا القتال، الذى هو كُرهٌ لنا، وسيظل كذلك، مع ثقتنا الكاملة، والمطلقة، فى تحقيق النصر.
المؤكد هو أننا استعدنا عافيتنا العسكرية، السياسية والاقتصادية، لكننا، قطعًا، لا نريد الحرب، مع هذا العدو أو ذلك الذى يستعدينا، وكل ما فعلناه ونفعله، فى ليبيا، مثلًا، هو أننا فى مواجهة محاولات تخريب الدولة الشقيقة، ننسّق مع شعبها وجيشها الوطنى، ونسعى مع الدول الشقيقة والصديقة والقوى الدولية والإقليمية الفاعلة لردع أعدائهم وأعدائنا، الداعمين للإرهابيين والمرتزقة، حفاظًا على أمننا القومى، الذى هو جزء لا يتجزأ من أمن ليبيا واستقرارها.
عدوّنا المشترك، هو الحليف الأبرز لإسرائيل فى المنطقة، عضو حلف شمال الأطلسى، الذى يتنقل بين الفراشين الأمريكى والروسى، أملًا فى الحصول على نصيب من أراضى وثروات العراق وليبيا، وغاز شرق المتوسط، بالمعادلة نفسها التى أتاحت له اللعب فى سوريا، واحتلال قطر ونهب أموالها، واستعمال العائلة الضالة التى تحكم تلك الدويلة بالوكالة للتخديم على أهدافه ومصالحه، التى لن تتحقق إلا باستمرار حالة الفوضى فى دول المنطقة، وتعقيد وإطالة أمد أى صراعات قائمة، وتأجيج الفتن والانقسامات بين الشعوب.
بدءًا من سوريا والعراق وليس انتهاءً بليبيا، بات الدور التركى التخريبى، مكشوفًا ومفضوحًا، سواء عبر قواتها الموجودة فى مناطق الصراعات، أو بدعم الإرهابيين وإرسال المرتزقة، على مرأى ومسمع من كل دول العالم. ثم تحالفت المخالب التركية، مع الأنياب الإيرانية، ليواصل الطرفان انتهاك السيادة العراقية، واقتسام ما تطاله أيديهما من ثرواتها، مطمئنين إلى أن رادار الأمم المتحدة متعطل، وأن ما يوصف بالمجتمع الدولى لا يعترف إلا بلغة القوة.
مصر، كما قال رئيسها وأكد تاريخها، لم تكن يومًا من دعاة العدوان، لكنها كانت تعمل على تأمين حدودها ومجالها الحيوى، واليوم، تسعى إلى وضع حد للتدخلات الأجنبية فى ليبيا، لأن هذه التدخلات تغذى بؤر الإرهاب هناك، صحيح أن «ليبيا لن يدافع عنها إلا أهلها» لكننا «سنساعدهم فى ذلك»، وصحيح أن «مصر حريصة على التوصل إلى تسوية شاملة فى ليبيا»، لكن جاهزية القوات المصرية للقتال صارت أمرًا ضروريًا. وإلى أن ينجح الشعب الليبى وجيشه الوطنى فى فرض سيادته على كامل ترابه الوطنى، لا بديل عن الحفاظ على الوضع القائم، حاليًا، دون تغيير، والبدء فورًا فى مفاوضات سياسية لإنهاء الأزمة.
المستعمرون الجدد يريدون السيطرة على سرت والهلال النفطى قبل الدخول فى المفاوضات، سعيًا إلى تحقيق أطماعهم فى ليبيا، ونهب واقتسام ثروات ذلك البلد الغنى بالنفط، غير أن هذا هو الخط الأحمر، الذى سيذهب من يتخطاه إلى الجحيم. وتلك كانت أبرز الرسائل التى حملتها كلمة الرئيس، أثناء تفقده وحدات قواتنا المسلحة فى المنطقة العسكرية الغربية، وهى الكلمة التى أسقطت أوهام كل من ظنوا أن الحلم والصبر ضعف، أو اعتقدوا أن الجنوح للسلم يعنى التخاذل.
رآها الليبيون، إلا قليلًا، «رسائل قلبية واضحة وصادقة»، واتفقت دول الرباعى العربى الداعية لمكافحة الإرهاب على محتواها: السعودية أيدت حقنا فى حماية حدودنا الغربية من الإرهاب.. الإمارات أعلنت وقوفها إلى جانبنا فى حماية أمن مصر واستقرارها.. والبحرين أعربت عن تأييدها لحقنا فى الدفاع عن أمننا القومى. ثم أكدت الخارجية الأمريكية دعمها «للجهود المصرية» وقالت إن كلمة الرئيس السيسى تؤكد أهمية أن تعمل ليبيا وجيرانها وكل الجهات الخارجية الفاعلة، معًا، لوقف إطلاق النار، وتجنب التصعيد إلى صراع أكبر، وشددت على ضرورة وضع حد للتدخل العسكرى الأجنبى والامتثال لحظر الأسلحة الذى تفرضه الأمم المتحدة، والالتزامات الأخرى التى تم التعهد بها خلال مؤتمر برلين.
تلك كانت بعض ردود الأفعال الدولية على كلمة الرئيس، الوافية، الشافية والكافية، التى أعلن فيها أن التدخل المصرى فى ليبيا «باتت تتوفر له الشرعية الدولية سواء فى إطار ميثاق الأمم المتحدة، أو بناءً على طلب السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبى، مجلس النواب». أما ردود أفعال الشعوب العربية، فيمكنك أن ترصدها بجولة سريعة على شبكات التواصل الاجتماعى، التى تصدرها، ليل السبت الأحد، وسم «هاشتاج» الجيش المصرى.
على أرض سيناء، تواصل قواتنا المسلحة ورجال الشرطة سحق ما تبقى من فلول الإرهابيين. وملف «سد النهضة» الإثيوبى، الآن، أمام «مجلس الأمن»، ليكون أى حل تختاره مصر، بعد ذلك، شرعيًا. أما ما تبقى من النقاط الخاصة بتطورات الأوضاع فى ليبيا، فسيجد مكانه على الحروف، اليوم الإثنين، خلال اجتماع جامعة الدول العربية الافتراضى الطارئ، على مستوى وزراء الخارجية، الذى دعت إليه مصر، «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم».