رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عملاء وبلهاء.. فى مجلس الحكماء!


شركة «فيسبوك» صار لها «مجلس حكماء»، أو فريق رقباء، سيبت فى المحتوى الخلافى أو المثير للجدل على شبكة التواصل الاجتماعى الأشهر. وكانت الشركة قد أعلنت، أواخر يناير الماضى، عن مشروع إنشاء هذا المجلس أو الفريق، وقالت إنه سيكون عبارة عن «محكمة عليا» لها سلطة حذف أى محتوى أو الإبقاء عليه.
الدفعة أو المجموعة الأولى من أعضاء هذا المجلس، أو تلك المحكمة، ضمت ٢٠ عضوًا، من بينهم البريطانى آلان راسبريدجر، رئيس تحرير جريدة الـ«جارديان» السابق، واليمنية توكل كرمان، التى صارت محل سخط غالبية الشعوب العربية، أو كلها إلا قليلًا، بعد اتضاح، وافتضاح، دورها المشبوه فى تخريب أو إسقاط اليمن. وبينما يرى بعض اليمنيين أنها أفعى رقطاء تنفث سموم الكراهية، يراها آخرون، ونحن معهم، مجرد أداة فى يد الدول أو الأجهزة التى تستعملها.
سباق التسلح الرقمى، الحرب التكنولوجية الباردة، الصراع على المستعمرات الرقمية، وأسباب أخرى كثيرة، تمنعنا من الضحك على نكتة اختيار شركة فيسبوك لتلك البلهاء، التى بات فى حكم المؤكد أن لها عقل «نعجة»، بغض النظر عن تشابه أو تطابق الملامح!.
بعد استعمالها فى تخريب اليمن، شحنوها إلى تركيا لتدير منها قناة تليفزيونية، بتمويل قطرى وربما إسرائيلى. واسميًا أو صوريًا، تملك استثمارات عديدة فى إسطنبول والدوحة. وتدير لجانًا إلكترونية تهاجم الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب، وتدافع عن توجهات وسياسات أحمق تركيا والعائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة، ومع المعتوه التونسى منصف المرزوقى، والمرتزق أيمن نور، وغيرهما من أعضاء جماعة الإخوان وعملاء أجهزة مخابرات دول عديدة، شاركت فى تأسيس كيان وهمى اسمه «المجلس العربى للدفاع عن الثورات».
المهم، هو أن مجلس الحكماء أو فريق الرقباء، الذى يضم بلهاء، عملاء، وأجراء، من أمثال رئيس تحرير الـ«جارديان» السابق سيلعب دورًا ما، فى كل دول العالم تقريبًا، باستثناء الصين، التى وفقها الله وحجبت كل مواقع التواصل الاجتماعى، ومحركات البحث الأجنبية، وقدمت لمواطنيها بدائل محلية: «كيوكيو» بديلًا عن «فيسبوك».. «ويبو»، مقابل «تويتر».. «يوكو تودو» بدلًا من «يوتيوب».. وعوضتهم بـ«بايدو» عن محرك البحث «جوجل». وعليه، كنا قد استبشرنا خيرًا، حين نقلت صحف ومواقع إلكترونية عن المهندس ياسر القاضى، وزير الاتصالات السابق، أن مصر تعتزم إطلاق نسختها الخاصة أو المحلية من «فيسبوك»، لأنه «يجب أن تكون لدينا القدرة على حماية بيانات المواطنين لحماية استقرار الدولة».
تصريحات الوزير السابق، التى نقلتها صحف ومواقع إلكترونية عديدة، فى ١٢ مارس ٢٠١٨، قالها «أو أدلى بها»، خلال ورشة عمل نظمتها وزارة العدل، مع كلام كبير عن «خطوات إيجابية وفاعلة» تم اتخاذها «فى مجال إنشاء وسائل تواصل مجتمعية مصرية خالصة»، وعن ضرورة أن «تكون مصر جزءًا من التفاعل الدولى والعالمى فى مجالات التواصل الاجتماعى». لكن ما كدنا نفرح بهذا الكلام الكبير، حتى نفاه مدير العلاقات العامة والإعلام بالوزارة، الذى أوضح أن الوزارة «لا يمكن أن تقوم بتقليد تطبيق عالمى» وأن الوزير لم يقل غير إن «الشباب المصرى قادر على ابتكار برامج لحماية البيانات والمعلومات، وإن لديهم القدرة على التميز».
سواء قال الوزير أم لم يقل، أو قال وتراجع، فإن السباق، سباق التسلح الرقمى، مستمر ولن ينتهى. وكان أحد أبرز حلقاته أو فصوله، قيام البرلمان الأوروبى بإقرار قانون يضع ضوابط تستهدف حماية البيانات الشخصية لمواطنى الاتحاد الأوروبى، ويفرض عقوبات صارمة على عدم الالتزام بها. وكانت صدفة غريبة أن يتم إقرار هذا القانون قبل أسابيع من تفجير فضيحة «كامبريدج أناليتيكا». وأذكرك لو كنت نسيت أن تلك الشركة قامت بتطوير «تطبيق» أو برنامج معلوماتى، مكّنها من الحصول على بيانات عشرات ملايين مستخدمى «فيسبوك»، واستطاعت بعد تحليلها أن تضع استراتيجية للتأثير على أصحاب تلك الحسابات وتوجيههم.
فى فضيحة «كمبريدج أناليتيكا» وتتابعاتها، كان ما شغلنى أو استوقفنى، هو أن الذين تم اتهامهم باللعب فى عقول الأمريكيين والأوروبيين، ثبت بشكل قاطع أنهم تلاعبو بعقولنا نحن المصريين والعرب، وكان لهم الدور الأكبر فى نشر الشائعات، الأخبار الكاذبة، الصور والفيديوهات المفبركة التى انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعى طوال السنوات الماضية. وأتمنّى أن يكون قد لفت نظرك أن شركات «فيسبوك»، «تويتر»، و«جوجل»، باعت، وتبيع، إعلانات لجهات خارجية معادية، تستهدف التأثير، بشكل أو بآخر، فى غالبية «إن لم يكن كل» الأحداث السياسية، التى شهدتها وتشهدها مصر.
سباق التسلح الرقمى مستمر. والصراع على المستعمرات الرقمية لن ينتهى. وغالبًا، سيحدث نوع من التوازن فى تلك الحرب التكنولوجية الباردة، لو تعاونت الصين مع حليف قوى مثل روسيا، التى تربطها بها، فعلًا، مصالح وتصورات، حالية ومستقبلية، وقد تنجحان، معًا، فى تقليص مساحة مستعمرات الولايات المتحدة الرقمية.