رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدين وخدمة الإنسان


تلقيت منذ أيام دعوة كريمة من الدكتور إيهاب الخراط- وهو نجل الراحل الأديب والكاتب الكبير إدوار الخراط- لحضور الاحتفالية بمرور ٣٠ سنة على تأسيس برنامج الحرية من الإدمان والإيدز.
ففى يوم ١٤ سبتمبر ١٩٨٩ ولد برنامج الحرية عندما عاش خمسة مدمنى هيروين، عتاة، خبرة روحية قوية غيرت حياتهم، وانتظم هؤلاء الأشخاص فى مجموعة خاصة، ومن وقتها تم تأسيس أول مركز من مراكز الحرية لإعادة التأهيل، وهو عبارة عن شقة تحتوى على خمسة أسِرة، واستمر العمل ينمو ببطء وتوالت الأحداث إلى أن تم تأسيس أول مجتمع علاجى فى مصر يخدم المدمنين من كل الخلفيات الدينية.
والمدير العام لبرنامج الحرية هو الدكتور إيهاب الخراط، وهو طبيب بشرى تخرج فى كلية الطب جامعة القاهرة ١٩٨٢، وحصل منها على ماجستير الطب النفسى والدكتوراه فى علاج الإدمان من جامعة كنت بإنجلترا، وهو الرئيس السابق للتجمع العالمى للتعامل مع التعاطى والإدمان، الذى يضم أعضاء من ٧٥ دولة، بالإضافة إلى أنه كبير خبراء برامج الأمم المتحدة فى القيادية والإدمان والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر.
وتؤكد الإحصائيات أن مصر بها الآن حوالى ٤ ملايين مدمن، وأن انتشار الإدمان ومشاكل المخدرات أكثر شيوعًا بين الطبقات الفقيرة والأقل تعليمًا، الأمر الذى يتطلب عملًا دءوبًا لمكافحة الإدمان، فإن مركز الحرية اليوم يعمل من خلال ٣٤ فرعًا لإعادة التأهيل وعلاج أعراض الانسحاب بمجموع ١٠٥٠ سريرًا، بالإضافة إلى علاج الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالإيدز، وقطاع هائل للتدريب يقدم سبع دورات متزامنة لدبلومة التعامل مع السلوكيات الإدمانية فى مختلف أرجاء مصر، ومنها دورة فى المملكة العربية السعودية، وقسم البحث العلمى أجرى بحوثًا متعددة مع جامعات محلية وعالمية، وقد استفاد حوالى ٢٥ ألف مدمن من خدمات الإقامة الكاملة التى تقدمها الحرية، بالإضافة لأكثر من عشرين ألفًا تم الوصول إليهم وخدمتهم بالشوارع، وتخرج نحو ٧ آلاف خريج من مدارس تدريب الحرية، ويدعم برنامج الحرية فئات مختلفة من المدمنين غير القادرين على دفع نفقات العلاج، وفقًا لدراسة حالاتهم.
يعمل برنامج الحرية تحت رعاية الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة وجمعية فاتحة خير بالإسكندرية والجمعية العربية للتنمية والتسبيك، ويهدف برنامج الحرية من الإدمان والإيدز إلى أن يعرف المدمنون وعائلاتهم والمتصلون بهم فى كل مصر والدول العربية ودول أخرى معجزة التغيير من خلال الله المحب الودود، الذى يعتنى بخليقته، وأن يحصل المدمنون وعائلاتهم على فرصة كاملة لحياة أفضل، وأن يستفيد النشء المعرض للإدمان والسلوكيات الخطرة من وجود قوة داخلية تساعدهم على التعافى وألا يضرب الإيدز مصر من خلال بوابة الإدمان، وتقديم نماذج للمجتمع تتمتع بقدوة أخلاقية، ومركز الحرية يتعامل مع مدمنى المخدرات ومصابى الإيدز تعاملًا يؤكد قيمة وكرامة كل فرد، وخدمة كل الناس دون أى تمييز على أساس النوع أو السلالة أو العرق أو الدين أو المركز الاجتماعى أو الموقف السياسى، إن مركز الحرية يسعى للوصول برسالة أمل لمدمنى المخدرات والمتعايشين مع الإيدز.
تحية تقدير واجبة لجميع القائمين على برنامج الحرية من الإدمان والإيدز، وما أجمل أن يكون الدين طاقة إيجابية تهدف لتحرير الإنسان من فقره وجهله وبؤسه ومرضه.