رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأحمق وتابعه.. وثالثهما الشيطان


الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، زار العاصمة القطرية الدوحة، أمس الإثنين، للمشاركة فى الاجتماع الخامس للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين. والأربعاء الماضى، شاركت تركيا وقطر، بوفدين كبيرين، فى الاجتماع السادس عشر لمجلس الأعمال الإيرانى فى طهران. وبضرب الحدثين فى الخلاط، يمكنك بسهولة استنتاج أن العيان التركى والميت الإيرانى يراهنان على العبيط القطرى، للخروج من أزمتيهما الاقتصادية الطاحنة.
اللجنة الاستراتيجية العليا التركية القطرية، تأسَّست فى ديسمبر ٢٠١٤، وتم بموجبها تسليم إدارة قطر إلى أردوغان، وأتاحت لتركيا أن تهيمن سياسيًا واقتصاديًا على تلك الدويلة عبر قواعد عسكرية وبغزو شركاتها للدوحة، إضافة إلى حصولها على استثمارات قطرية ضخمة. وقطعًا، ذهب أردوغان، هذه المرة، وهو يحمل ملفا ضخمًا يتضمن صفقات تحتاج للمليارات القطرية فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها بلاده.
هذا هو اللقاء العاشر بين الأحمق التركى وتابعه القطرى خلال عامى ٢٠١٨ و٢٠١٩، واللقاء السادس والعشرين خلال ستين شهرًا. أما ثالثهما، أو الشيطان، فهو إيران، الضلع الثالث فى المثلث أو الرابع فى المربع، أو إحدى الأنابيب «المواسير» الرئيسية المتصلة بـ«ماسورة المجارى الأم»، أو بجماعة الإخوان، واستخدمتها، كغيرها، لتتمكن من التأثير على المنطقة. والثابت، هو أن تركيا، قطر وإيران، هى أبرز الدول الراعية للإرهاب، وواضح وضوح الشمس أنها تتبنى منظومات عمل المتطرفين وأفكارهم.
ثلاثى الشر، ما زال يواصل تدخلاته فى شئون دول المنطقة، سواء عبر أذرعه الإعلامية أو عن طريق عملائه. وكانت وثيقة مخابراتية غربية، اطلعت عليها شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، قد أكدت أن الدوحة كانت على علم مُسبق بنشاطات الوحدة البحرية لقوات «الحرس الثورى» الإيرانى، التى قامت، فى مايو الماضى، بالهجوم على ناقلات النفط الأربع قرب المياه الإقليمية لدولة الإمارات. ونشير بالمرة، إلى الوثائق السرية المسربة من المخابرات الإيرانية، التى حصل عليها موقع «إنترسيبت» الأمريكى، ونشرتها، بالتزامن، جريدة «نيويورك تايمز»، وكشفت عن اجتماع عقده عدد من قادة جماعة الإخوان، فى تركيا، مع مسئولين بارزين فى «فيلق القدس»، التابع للحرس الثورى الإيرانى، للتنسيق ووضع إطار للتعاون بينهما.
تشترك طهران مع أنقرة فى الوضع الاقتصادى السيئ الذى يتجه نحو مزيد من السوء، حيث انخفضت قيمة الريال الإيرانى مقارنة بالدولار منذ ٨ مايو ٢٠١٨ بنسبة ٥٧٪ فى الأسواق الحرة، ما سبب ارتفاعًا حادًا فى أرقام التضخم التى باتت تلامس نسبة ٥١٪ على أساس سنوى، مقارنة بـ٨٪ منذ سنة.
وفى تركيا سجل عجز الموازنة العامة ١٠٠.٧ مليار ليرة (حوالى ١٧.٨ مليار دولار)، خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجارى. وأشارت توقعات سابقة للحكومة التركية إلى أن عجز الموازنة سيقف عند ١٨ مليار دولار بنهاية العام. وذكرت وزارة الخزانة والمالية التركية، فى بيان، أن عجز الموازنة بلغ ١٤.٩ مليار ليرة (نحو ٢.٦ مليار دولار) خلال شهر أكتوبر الماضى وحده.
كانت تركيا قد أعلنت عن التزامها بالعلاقات التجارية مع إيران، وأكدت رفضها العقوبات التى فرضها الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، على طهران العام الماضى، بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الذى تم توقيعه سنة ٢٠١٥ بين إيران ومجموعة الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا. وعليه، لم يكن غريبًا أن تشارك تركيا فى الاجتماع السادس عشر لمجلس الأعمال الإيرانى، الذى استضافته طهران، الأربعاء الماضى.
رجال الأعمال الخمسون الذى شاركوا فى الاجتماع كان نصفهم تقريبًا من تركيًا وقطر. ولم يكن غريبًا، أيضًا، أو مفاجئًا أن يعلن نائل أولباك، رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركى، عن أن بلاده تعمل على رفع حجم التبادل التجارى مع إيران من ٩.٥ مليار دولار إلى ٣٠ مليار دولار سنويًا. والمعلومة نفسها، أكدها أوميت كيلر، رئيس مجلس الأعمال التركى الإيرانى، الذى نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول أن هناك خطة لتحقيق هذا الهدف «وضعها رئيسا البلدين». وفى تصريحات على هامش مشاركتهما فى الاجتماع، أكد الرجلان أن هناك مزيدًا من الدعم الحكومى التركى لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع إيران. وبالتأكيد، سيكون هذا الدعم هو الصيغة التى سيتقاسم بها الأحمق أو العيان التركى مع الشيطان أو الميت الإيرانى، ما سيتحصل عليه من التابع أو العبيط القطرى.
منذ تأسيسها، عقدت اللجنة الاستراتيجية العليا التركية القطرية أربعة اجتماعات، نتج عنها توقيع ٤٥ اتفاقية، من المقرر أن تزيد إلى ٥٥ بعد الاجتماع الخامس. وطبيعى أن يقوم أردوغان، خلال زيارته للدوحة، بتفقد القاعدة العسكرية التركية فى قطر، والاطمئنان على جاهزية قواته التى ستتولى، بمشاركة قوات إيرانية، تأمين بطولة «خليجى ٢٤» التى تبدأ اليوم الثلاثاء.