رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاستثمارات اليابانية.. أرقام وأحلام!




آفة التصريحات والبيانات الرسمية، هى ما تحمله من نسب وأرقام، تكاد تجعلك أحيانًا، أو غالبًا، تشكك فى صحة التصريحات أو البيانات كلها. وطبيعى أن تكون الآفة أكثر ضررًا وأشد فتكًا، لو كانت هذه أو تلك صادرة عن وزارة الاستثمار والتعاون الدولى أو عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء!.
نقلنا، أمس، عن بيانات الجهاز أن صافى الاستثمارات اليابانية فى مصر، خلال النصف الأول من العام المالى ٢٠١٨ - ٢٠١٩، لم يسجل إلا ١٦.٤ مليون دولار، فقط لا غير. ثم فوجئنا بوزارة الاستثمار تشيد بما حققته تلك الاستثمارات، خلال الأعوام الماضية، وتؤكد ارتفاعها بنسبة ٧٤.٣٪ خلال العام المالى ٢٠١٧ ـ ٢٠١٨، ووصولها إلى ١٦٢.١ مليون دولار مقارنة بنحو ٩٣ مليون دولار خلال ٢٠١٦- ٢٠١٧. والأرقام نفسها حملتها تصريحات سابقة لوزيرة الاستثمار، منذ أسبوع تقريبًا، ذكرت فيها أن الاستثمارات اليابانية تبلغ حاليًا ٨٨٠ مليون دولار!.
المنطق، ثم الآلة الحاسبة يقولان إن استثمارات قيمتها ١٦.٤ مليون دولار خلال نصف عام، لن تصل إلى عشر أضعاف الرقم فى نصف العام الآخر. ولاحتمال وجود خطأ فى بيانات جهاز الإحصاء، عدنا إلى البيان الصادر، السبت الماضي، لنجد بريطانيا تحتل المرتبة الأولى فى قائمة دول مجموعة السبع الأعلى استثمارًا فى مصر خلال النصف الأول من العام المالى ٢٠١٨ ـ٢٠١٩؛ باستثمارات قيمتها ٢.٤ مليار دولار، تليها الولايات المتحدة الأمريكية بـ١.١ مليار دولار، ثم ألمانيا ١١٥ مليون دولار، ثم فرنسا ٨٨.٧ مليون دولار، ثم إيطاليا ٥١ مليون دولار، ثم اليابان ١٦.٤ مليون دولار، وأخيرًا كندا باستثمارات قيمتها ٩.٤ مليون دولار.
الرقم، إذن، صحيح ويصعب استنتاج سقوط صفر أو تحرك العلامة العشرية إلى اليسار، لأن الترتيب، حال حدوث خطأ كهذا، سيختلف تمامًا. أما عن الـ٨٨٠ مليار دولار، فهناك تصريحات للمهندس إبراهيم العربى رئيس مجلس الأعمال المصرى الياباني، فى فبراير الماضي، قدرت إجمالى حجم الاستثمارات اليابانية بنحو ٢٥٧ مليون دولار. وعلى اختلاف الأرقام، فإنها تظل ضئيلة للغاية ولا تتناسب مع العلاقات المصرية اليابانية القوية والراسخة، والتى ترتكز على الاحترام المشترك والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية. كما لا تتناسب أيضًا مع اتفاقيات التعاون الثنائى التى تم توقيعها بين البلدين، طوال الستين عامًا الماضية.
الصادرات المصرية لليابان، خلال النصف الأول من العام الجاري، ٢٠١٩، كانت أيضًا هزيلة، فقد جاءت أمريكا، على رأس قائمة دول مجموعة السبع بمليار دولار، تلتها إيطاليا ٩٥١.٧ مليون دولار و... و... فى ذيل القائمة، جاءت اليابان التى بلغت صادرات مصر إليها ٨٣.٦ مليون دولار. وباختلاف طفيف، جاء ترتيب الواردات المصرية الذى كانت الولايات المتحدة أيضًا فى مقدمته بـ٢.٧ مليار دولار، تلتها ألمانيا بـ٢.١ مليار دولار و... و... اليابان بـ٥٧٥.٩ مليون دولار، ثم كندا بـ١٦٠ مليون دولار.
تمنينا، أمس، أن نرى جهودًا ملموسة من الحكومة المصرية لتحقيق مزيد من التعاون مع مجتمع الأعمال الياباني. وأن نلمس حرصًا حقيقيًا على تقديم جميع أوجه الدعم للشركات اليابانية الراغبة فى العمل بالسوق المصرية. وعليه، سعدنا بقيام الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أمس الأربعاء، بالتوقيع على مذكرة تفاهم مع بنك «إم يو إف چى ليمتد»، أكبر بنوك اليابان، لإنشاء إطار تنظيمى فعال يعزز الاستثمارات الثنائية. وكان مطمئنًا أن يقول ماساتو مياتشى، نائب رئيس البنك، إن هناك فرصًا عظيمة لزيادة الاستثمارات اليابانية فى مصر، بسبب الاقتصاد المتنوع والقوة العاملة الكبيرة ذات الأسعار التنافسية والموقع الاستراتيجى والقرب من الأسواق العالمية الرئيسية. بالإضافة إلى ثقل مصر فى منطقة الشرق الأوسط.
مذكرة التفاهم، التى تم توقيعها على هامش مشاركة مصر فى مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية الإفريقية «تيكاد ٧»، نصت على التعاون فى تنظيم المؤتمرات والندوات المتعلقة بالاستثمار فى البلدين، وإتاحة المعلومات والإحصاءات والفرص الاستثمارية والقوانين واللوائح، لمجتمعات الأعمال فى كلا البلدين لتسهيل التعاون. وطبقًا لما أعلنته وزارة الاستثمار، فإن الخطوة التالية لتوقيع المذكرة ستكون إنشاء مجموعة عمل مشتركة من المستثمرين اليابانيين والمصريين، وترتيب ورش عمل بين الجانبين، لمناقشة فرص الاستثمار فى القطاعات المستهدفة مثل البنية الأساسية والصناعات الغذائية، وصناعة السيارات، والزراعة.
..وتبقى الإشارة إلى أن الزيارة الأولى التى قام بها رئيس مصرى إلى اليابان، منذ سنة ١٩٩٩، كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى فبراير ٢٠١٦، التى سبقتها زيارة رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى إلى مصر، فى يناير ٢٠١٥. وقبل الزيارتين وبعدهما، لم تنقطع المشاورات المتواصلة ولم يتوقف التنسيق السياسى المتبادل، بين الزعيمين، بشأن الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.