رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل ينجح الإسلاميون فى تدمير كندا؟!



الإجابة عن السؤال، العنوان، يحملها كتاب «المسلمون فى كندا.. تحديات العيش معًا» الصادر عن مركز «المسبار» للدراسات والبحوث فى دولة الإمارات، الشقيقة، والذى يواصل فيه زميلنا وصديقنا سعيد شعيب، من كندا، مشروعه الذى بدأه فى القاهرة، وتقوم فكرته على أن القضاء على الإرهاب إذا كان ضرورة ملحة، فإن منع توغل أيديولوجيات الجماعات الإرهابية، صار ضرورة أكثر إلحاحًا، فى الغرب قبل الشرق.
وجود المسلمين فى كندا يعود إلى قيام الكونفدرالية الكندية، سنة ١٨٧١، ويمثلون الآن نحو ٣٫٦٪، تعود أصولهم إلى بلاد عديدة، عربية وغير عربية، ومنهم من ولدوا فى كندا، أو كانوا يعتنقون ديانات أخرى، وبالتالى لا يمكن النظر إليهم ككتلة بشرية واحدة، ليس فقط لأن المجموعات المسلمة المهاجرة من إفريقيا تختلف عن تلك القادمة من آسيا أو غيرها، ولكن أيضًا لأن هناك اختلافات فى الانتماءات، وفى طبيعة الاندماج فى النظام العام، وفى تعدد مرجعيات النخب الإسلامية. الأمر الذى أنتج ثلاثة أشكال من التدين: إصلاحى، إسلاموى، وليبرالى.
مَا هى النخب الكندية الأكثر ظهورًا، والتى يمكنها أن تمثل هذه الأشكال الثلاثة من التدين؟ وأيُّ نموذج نظرى، فلسفى، سياسى، دينى وأخلاقى، يمكنها أن تقدمه، خاصة إلى الشباب الكندى المسلم، أو ذى الثقافة الإسلامية؟ وبأى طريقة ساهمت، حالة التوتر بين هذه الأشكال أو التيارات الثلاثة فى الاندماج، التعددية الدينية، العيش معًا، التطرف والعنف باسم الإسلام، رُهاب الإسلام… إلخ؟ وهناك أسئلة أخرى، يناقشها الكتاب، فى عشرة أبحاث، تقوم على تحليل خطابات بعض الحالات المختارة من بين النخب المسلمة الممثلة لهذه الاتجاهات.
فى بحثه، الذى ترجمه عفيف عثمان، يوضح وائل صالح، كيف خرجت ثلاثة أنماط من إسلام واحد، ويناقض خطاب التدين عند النخب السنية، ويقدم أمثلة من خطاب إسلامى النزعة «إسلاموي»، وخطاب سلفى متطرف، ويتوقف عند خطاب النزعة الإسلاموية الإخوانية، والخطاب الإصلاحى، والإنسانى الإسلامى. أما سعيد شعيب فيبدأ بحثه بتعريف الإسلاميين فى كندا، ثم يتناول أهداف الإخوان هناك، وكيف تحققت خطتهم على الأرض، ويكشف عن نواب كنديين يؤيدون تلك الجماعة، وبعد استعراض محاولات حظر الإخوان وتناول فكرة ترويج الإسلاميين للجيتوهات، يطرح هذا السؤال الصعب: لماذا لا يعالجون مشكلة الإرهاب فى كندا؟
هل تصدّق أن كندا تدعم الإرهاب من أموال دافعى الضرائب؟!
كانت مفاجأة غير سارة أن يجد «سعيد» كتبًا فى القسم العربى لعدد من المكتبات العامة هناك، تحرض على الكراهية والعنف، وتكشف عن تسرب الإسلاميين المتشددين إلى مسام المجتمع الكندى. وسبق أن حكى «سعيد»، ونقلنا عنه فى مقال سابق، أن إحدى المكتبات العامة رفضت أن يهديها كتابين من تأليفه: «زوال دولة الإخوان» الصادر فى يناير ٢٠١٣، ويتناول خطورة المشروع السياسى والدينى للإخوان على مصر والعالم، وكتاب «حوار الطظ.. خطايا الإخوان المسلمين فى حق مصر» الذى صدر سنة ٢٠١٠، ويوثّق الحوار، الشهير، الذى قال فيه مرشد الإخوان الأسبق، محمد مهدى عاكف: «طظ فى مصر وأبو مصر واللى فى مصر».
سعيد، سبق أن شارك توم كويجان فى كتاب «عشاق الموت»، وشارك أيضًا فى تأليف كتاب «الإسلام السياسى خطر على كندا»، مع أربعة آخرين: توم كويجان، وطاهر جورا، وجوناثان كوتلر، وريك جيل، والكتاب يتناول التأثير السلبى لجماعات الإسلام السياسى فى كندا، ويرد الأيديولوجيات التى شكلت وعى تلك الجماعات إلى أصلها، الذى تلخصه مقولة حسن البنا: «إن طبيعة الإسلام هى الهيمنة وفرض قانونها على جميع الأمم، وتمديد قوتها لكوكب الأرض بأسره».
التحدى الأهم الذى يواجه المسلمين الكنديين يتمثل فى التطرف العنيف، الذى يهدد العيش المشترك، ويسعى إلى احتلال فضاء الإسلام الكندى، ويقصى أصوات المسلمين الديمقراطيين. ومن هنا تأتى أهمية كتاب «المسلمون فى كندا.. وتحديات العيش معًا»، الذى يرصد التيارات الإسلامية فى كندا، وما أنتجته من تهديدات اجتماعية وسياسية. ومن أمثلة تلك التهديدات، قيام تلك التيارات بنشر الخوف من أى مساس بأيديولوجيتهم، وفرض رقابة تكاد تكون ذاتية، كأن يتم إيقاف مدرسة عن العمل، لأنها هاجمت التنظيمات الإرهابية فى صفحتها على فيس بوك، أو إلغاء ندوة حول العلمنة واندماج المسلمين، كانت «دار الأداب» تعتزم إقامتها، كما قام المنتدى الدولى للمسرح، استجابة لطلب من بلدية كيبيك، بإلغاء عرض مسرحية «جهاد» للكاتب والمخرج البلجيكى إسماعيل سعيدي، التى تتناول، بأسلوب ساخر، رحلة ثلاثة شبان يسافرون إلى سوريا بهدف الجهاد!
فى نهاية بحثه، يسأل سعيد شعيب: لماذا يغضب مسلم من مناقشة الجهاد أو العلمانية أو الاندماج؟ ويجيب بأن الذين يغضبون، بالفعل، هم الإسلاميون الخائفون من فضح أيديولوجيتهم، التى أثبت البحث أن هدفها تدمير كندا من داخلها.