رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صلح برلمانى


عادى جدًا أن يحدث شد وجذب، مشادات ومناوشات، تصريحات وتصريحات مضادة، بين رئيس مجلس النواب ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب من الأحزاب. وعادى جدًا، وطبيعى جدًا، أن يصدر ذلك الحزب بيانات، ينحاز فيها لرئيس هيئته البرلمانية، ويشجب ويستنكر هجوم رئيس المجلس عليه، وقد يلتزم بقانون نيوتن الشهير، ويكون رد فعله مساويًا فى المقدار، أو يأتى الرد على الهجوم بهجوم أكثر حدة.
يحدث ذلك فى كل دول العالم، وسبق أن حدث فى مصر كثيرًا فى برلمانات سابقة. وعليه، لم تكن هناك أى غرابة فى أن نرى رئيس البرلمان الحالى، الدكتور على عبدالعال، يتهم رئيس الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن بأنه يعرقل المناقشات أو يقوم بتضييع وقت المجلس. لكن الغريب وغير العادى، هو أن يتهم الحزب صاحب عدد المقاعد الأكبر فى البرلمان بـ«اختطاف الأغلبية البرلمانية، وإعادة الماضى فى تمرير التشريعات دون دراسة». وقطعًا أخذته الجلالة، أو العزة بالإثم حين خالف ألف باء العمل السياسى، وقال: «لن أسمح بمراكز قوى داخل المجلس حتى لو اضطررت لمغادرة هذا المكان». ولاحظ أن الدكتور على عبدالعال هو القائل: «هذا أغلى مجلس فى العالم، من حيث الأموال التى تُدفع، وما زالت تُدفع حتى الآن، بهدف إسقاطه»!.
الحزب أصدر بيانًا استنكر فيه «بعض المصطلحات التى جاءت على لسان رئيس المجلس»، ووصفها بأنها «لا تمت بصلة لما نعيشه فى الواقع السياسى المصرى»، وشدد على أن «مستقبل وطن لم يتحرك يومًا إلا لتحقيق المصلحة الوطنية لمصر». وأكد الحزب، أن ما شهده البرلمان خلال دور انعقاده الرابع من تحسن ملموس فى الأداء للملفات التشريعية التى تهم الوطن والمواطنين «يرجع إلى جهد كبير من نواب الحزب ومسئولى هيئته البرلمانية». وناشد الحزب رئيس مجلس النواب أن «يراجع ما يصدر عنه من تصريحات بما يحمله من مسئولية سياسية وتجنب الخلافات الشخصية والاتجاهات الخاصة بعيدًا عن ساحات المجلس».
إلى جانب هذا البيان، قام رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، التى يرأسها رئيس الحزب نفسه، بتكريم رئيس الهيئة البرلمانية للحزب عن «دوره الرائد فى قيادة مجلس النواب خلال دور الانعقاد الرابع». وقال رئيس الحزب، إن رئيس هيئته البرلمانية «من أهم العوامل التى ساهمت فى إنجاح عمل لجنة الشباب والرياضة بصفة خاصة ومجلس النواب بصفة عامة، وذلك لإسهاماته الوطنية ومجهوداته فى دعم جميع التحركات التشريعية التى تستهدف الصالح العام».
لن نتوقف عن الاتهامات التى طالت الحزب ولا تزال، أو الانتقادات التى تعرض ويتعرض لها. لكن ما يستحق التوقف عنده، هو غرابة حدوث المشادات أو المناوشات، فى الجلسة التى انعقدت يوم الإثنين، 13 مايو الجارى، خلال مناقشة تعديلات «قانون المخدرات». والأكثر غرابة، هو أن الجلسة التالية، جلسة الثلاثاء، 14 مايو، تأخرت لأكثر من ساعتين، عن موعد انعقادها، ولم تستمر لأكثر من ثلاثين دقيقة، وانتهت بقرار رفع الجلسات حتى يوم 9 يونيو المقبل. ويبدو أن رئيس مجلس النواب استجاب لمناشدة الحزب وراجع ما صدر عنه من تصريحات، بما يحمله من مسئولية سياسية وتجنَّب «الخلافات الشخصية والاتجاهات الخاصة بعيدًا عن ساحات المجلس»!.
خلال كلمته فى حفل إفطار أعضاء الأمانة المركزية لحزب مستقبل وطن، يوم الأحد، الذى حضره، أشرف رشاد الشريف، رئيس الحزب، والسيد الشريف، وكيل المجلس، أكد الدكتور على عبدالعال أن خلافه مع الحزب، مؤخرًا، مجرد سحابة صيف، واحتجاجه كان بمثابة احتجاج أب على ابنه. وأشار إلى حرصه على استمرار البرلمان وعمله فى ثبات، موضحًا أنه لا يحمل فى صدره ضغينة من أحد، ولا يحمل حسابات لأحد إلا المودة والحب، ولم ينظر إلى العقبات والمعاناة التى تعرض لها خلال رئاسته البرلمان. وأشار إلى أنه يقع على عاتقه عبء عدم تمرير تشريع يشوبه عيوب، وهذا أمر يفرضه عليه عمله المهنى والتشريعى.
رئيس مجلس النواب قال إن بعض النواب معذورون لأن 70% منهم يمارسون العمل النيابى لأول مرة. وأشار إلى أن حزب مستقبل وطن كان أحد المكونات الأساسية لائتلاف دعم مصر، وأول تصريح صدر لدعم الحزب كان منه شخصيًا، مع أنه كان لا يزال مبتدئًا. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة، إلى أن رئيس الحزب، المولود سنة 1985، بدأ عمله السياسى عضوًا فى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، الذى تأسس فى 24 مارس 2011. وقد تكون الإشارة مهمة، أيضًا، إلى أن رئيس مجلس النواب، أستاذ القانون الدستورى فى جامعة عين شمس، لم يكن له أى نشاط سياسى قبل أن يخوض الانتخابات البرلمانية الماضية على قائمة «فى حب مصر».