رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سبعون عامًا على إعلان حقوق الإنسان


جاء العاشر من ديسمبر هذا العام حاملا ذكرى مرور سبعين عامًا على الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، والذى صدر عام ١٩٤٨، وهو وثيقة تاريخية صاغها ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، وأصبح الإعلان معيارا مشتركا ينبغى أن تستهدفه جميع الشعوب وهو يحدد حقوق الإنسان الأساسية التى يتعين حمايتها عالميًا.

جاءت الذكرى السبعون للإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعالم يعانى من الحروب والاضطهاد للأقليات وانتشار الجماعات اليمينية المتشددة دينيًا التى تقوم بأعمال العنف والإرهاب من قتل وتعذيب وإبادة جماعية واغتصاب للنساء والأطفال وتجارة الرقيق، هذا غير الجماعات العنصرية القومية المتطرفة والنازية والتى تجتاح الدول الأوروبية والأمريكية وتوجه غضبها ضد الآخر وضد المهجرين.

جاءت الذكرى السبعون للإعلان العالمى لحقوق الإنسان والشعوب تعانى فى الدول الغنية (الرأسمالية المتوحشة المعسكرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية) والدول الفقيرة (التى استنزفت ثرواتها الدول الكبرى) تعانى كلتاهما من ازدياد واتساع الفجوة الطبقية بين قلة تراكم الدخول والثروات وغالبية تعانى الفقر والفقر المدقع، وطبقة وسطى تنهار وتتآكل، ويصل معظمها لحد الفقر، هذا غير انتشار المجاعات والأمراض والأوبئة والبطالة والأمية نتيجة هذه السياسات المجحفة (النيوليبرالية) التى تنتهجها الدول الرأسمالية المتوحشة.

جاءت الذكرى السبعون للإعلان العالمى لحقوق الإنسان هذا العام عقب مناسبة يوم الطفل العالمى فى ٢٠ نوفمبر والأطفال تُغتال فى الحروب وتتعرض للمجاعات والأمراض ولا تستطيع التعلم أو الذهاب إلى المدارس تحت وابل الصواريخ والقنابل وأصوات الانفجارات وتدمير البيوت، وها هى إحصائيات المنظمات العالمية تشير إلى مئات الملايين الذين يعانون من الجوع ووفاة ٨٥ ألف طفل يمنى (أقل من سن الخامسة) بسبب سوء التغذية. هذا غير إرهاب الكيان الصهيونى الذى تسبب فى قتل ٢٠٧٢ طفلا منذ عام ٢٠٠٠ حتى الآن، كما منعت سلطات الاحتلال ٨٠ ألف طفل من الوصول لمدارسهم، بجانب ارتكاب جريمة عمالة الأطفال فى سن مبكرة فى كل بلدان العالم.

جاءت الذكرى السبعون للإعلان العالمى لحقوق الإنسان أيضا والعالم يُحيى اليوم العالمى لمواجهة العنف ضد المرأة فى الخامس والعشرين من نوفمبر، والمرأة تعانى من جميع أشكال العنف والتمييز (العنف الأسرى بالاعتداء على المرأة والأطفال بالضرب والتحرش اللفظى والجنسى والاغتصاب، حرمان الفتيات من التعليم، حرمان المرأة من الميراث، زواج القاصرات، ختان الإناث) بجانب حرمان المرأة فى مصر حتى الآن من أن تكون قاضية فى مجلس الدولة بالمخالفة للدستور. ودعونى أزيدكم أيها القراء الأعزاء والقارئات العزيزات من إحصاءات مؤلمة أصدرتها مكتبة الإسكندرية فى بيان فى ٢٩ نوفمبر بمناسبة حملة ١٦ يوما لمناهضة العنف ضد المرأة، وتشير الإحصاءات إلى أن نحو ٤٦٪ من النساء بين (١٤ و٦٤ عامًا) تعرضن لعنف شريك الحياة و٢٧٪ تزوجن قبل بلوغ ١٨ عامًا و٣٠٪ الأمية بين النساء و٨٧٪ تعرضن للختان وتعتبر مصر والسودان أعلى دولتين فى ختان الإناث. كما أشار البيان إلى أن ٧٥٪ من النساء العاملات يتعرضن للعنف فى أماكن العمل، ونسبة البطالة فى الإناث ثلاثة أضعاف النسبة فى الرجال.

ونحن نتكلم عن العنف ضد المرأة نشير إلى ما تتعرض له المرأة من عنف وتشريد فى أماكن الحروب وما تعرضت له المرأة العربية، خاصة الإيزيدية، على يد تنظيم داعش من خطف وقتل واغتصاب وبيع فى الأسواق (تجارة الرقيق) وهى جرائم حرب لا تسقط بالتقادم ولا بد من معاقبة مرتكبيها.

جاءت الذكرى السبعون للإعلان العالمى لحقوق الإنسان وسط ازدواجية المعايير التى تنتهجها الدول الرأسمالية الكبرى المتوحشة، ووسط الكيل بمكيالين تجاه القضايا والجرائم التى ترتكب بحق الشعوب فتدين هذا وتبرئ ذاك، وفقا لمصالحها الكبرى وها نحن نرى الولايات المتحدة الأمريكية، وهى تنحاز للكيان الصهيونى المحتل العنصرى وتنحاز لجرائمه، التى تندرج تحت مسمى جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، فهى لا تدين هذه الجرائم، وتستخدم حق الفيتو فى مجلس الأمن لمنع إصدار قرار يدين العدو الصهيونى تحت زعم الدفاع عن النفس والأمن، بينما تصدر قرارات بإدانة المقاومة المشروعة فى الأراضى المحتلة. كما تترك أمريكا وعدد من دول الاتحاد الأوروبى الأنظمة الاستبدادية الفاسدة ترتكب الجرائم بحق شعوبها طالما هذه الأنظمة تعمل لمصلحة تلك الدول الكبرى.

جاءت الذكرى السبعون للإعلان العالمى لحقوق الإنسان وسط تزايد التضييق على الحريات وفرض قوانين الطوارئ وحبس المعارضين وقتل عدد من الصحفيين الذين يوثقون الجرائم فى مجالات عملهم وميادين الحروب.

وينص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى مادته الأولى على: «يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين فى الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء».

وينص فى مادته الثانية على أنه لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دون تمييز من أى نوع. ويؤكد فى كل مواده على حق الصحة والتعليم والسكن والغذاء والعمل والعيش فى أمان وحق التعبير عن الرأى.. الأمل فى حركات الشعوب المناهضة للذل والقهر والفساد والاستبداد للعيش فى عالم يسوده العدل والمساواة والإخاء والحرية عالم أكثر إنسانية.