رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تجوز المقارنة بين من ساندنا ومن تحالف ضدنا


_هناك من يقلل من أهمية العلاقات مع روسيا باعتبار أن العلاقات مع الولايات المتحدة تغطى كل ما يمكن أن يكون مطلوبًا بين البلدين ولا شك ‏أن هذا المفهوم خاطئ

جاءت زيارة السيد وزير الدفاع لموسكو بعد فترة قصيرة من توليه الوزارة، ما أعاد إلى الأذهان موضوع العلاقات الخارجية والعلاقات العسكرية بشكل خاص، ولا شك أنه قد تطرقت إلى الذهن آلية ‏العلاقات المعروفة باسم «اثنين زائد اثنين»، حينما جاء كل من وزيرى الخارجية والدفاع الروسيين لافروف وشويجو إلى مصر، خاصة أن وزير الدفاع قد أشاد خلال زيارته الأخيرة بالعلاقات الاستراتيجية ‏بين مصر وروسيا الاتحادية.‏
ولا شك أن ذكرى العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتى كانت فى خلفية ذاكرة كل مصرى للعلاقات التى كانت بينهما على كل المستويات، خاصة العلاقات العسكرية، ولا يمكن تصور تجاهل هذه ‏الفترة ونتائجها، وعلاقاتها الاستراتيجية، خاصة علاقاتها العسكرية.‏
لقد أثارت هذه الزيارة فكرة التوازن فى العلاقات الدولية بما يعنى أن تكون العلاقة بين مصر وكل من روسيا الاتحادية والولايات المتحدة متقاربة، ولقد كانت العلاقات مع الاتحاد السوفيتى فى فترة ‏ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضى عالية فى زمن لم تكن هناك علاقات مباشرة مع الولايات المتحدة، لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة بأن تزداد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة، بينما تتضاءل ‏العلاقات مع روسيا الاتحادية التى ورثت موقع الاتحاد السوفيتى بحكم طبيعة الولايات المتحدة، خاصة أنها قامت بدور القطب الواحد فترة من الزمن خلال فترة رئاسة ميخائيل جورباتشوف وبوريس يلتسين ‏للاتحاد السوفيتى، وتولى السادات رئاسة مصر، مما كان يدفع فى اتجاه العلاقات المصرية إلى الولايات المتحدة، وأصبح اعتماد مصر على الولايات المتحدة كبيرًا، ويحتاج الكثير حتى يمكن لمصر تحقيق ‏درجة من التوازن.‏
كان من الواضح أن العلاقات المصرية الروسية العسكرية لا تسير فى الاتجاه المأمول، وقد ظهر ذلك خلال زيارة الثنائى المصرى وزير الخارجية ووزير الدفاع السابق لموسكو، حيث تصدرت الأنباء ‏ما قام به السيد سامح شكرى، وزير الخارجية، بينما لم يتطرق الحديث عن الجانب العسكرى إلا قبل سفر الوزراء مباشرة، وبدا الأمر كما لو كانت هناك عقدة فى العلاقات العسكرية بين البلدين لم يتم حلها، ‏مما يشير إلى أهمية زيارة وزير الدفاع الجديد لموسكو.‏
هناك من يقلل من أهمية العلاقات مع روسيا باعتبار أن العلاقات مع الولايات المتحدة تغطى كل ما يمكن أن يكون مطلوبًا بين البلدين، ولا شك أن هذا المفهوم خاطئ، سواء تاريخيًا أو حاضرًا، ويكفى ‏أن نذكر بموقف الولايات المتحدة من قضية القدس والاعتراف بها كعاصمة موحدة لإسرائيل، كما أن الموقف الأمريكى من الممارسات الإسرائيلية ضد مسيرات العودة وما أدى إليه من شهداء فلسطينيين ‏بالجملة، والصمت المتآمر من الولايات المتحدة على قانون القومية، كل هذا يقول إنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة، لأنها أقرب إلى العدو منها إلى الصديق، وإذا كنا لا ندعو إلى الحرب مع ‏الولايات المتحدة فإننا لا يمكن أن نركن إليها فى قضايا أمننا القومى رغم أن لدينا حجمًا كبيرًا من المعدات العسكرية الأمريكية الصنع، لكن بالمناسبة فإن لدى مصر معدات عسكرية صناعة روسية سواء ‏من بقايا فترة العلاقات الوثيقة السابقة مع الاتحاد السوفيتى أو من الجديدة، وأذكر هنا أن حاملتى المروحيات هما روسيتان فى الأصل، وأن هناك سفينة روسية قد انضمت إلى القوات البحرية، وأن حاملات ‏المروحيات تحمل مروحيات صناعة روسية. وطبعا العلاقات العسكرية بين مصر وروسيا لا تتوقف عند المعدات، حيث علينا أن نتذكر موقف روسيا من القضية السورية، وموقفها فى مجلس الأمن ‏والجمعية العامة للأمم المتحدة من قضية القدس، كما أن موقف الاتحاد السوفيتى بعد هزيمة ١٩٦٧ كان عنصرًا مهمًا فى إعادة بناء القوات المسلحة والصمود المصرى والعربى، ومهما كان انتقادنا لموقف ‏الاتحاد السوفيتى أو الروسى فإنه لا تجوز المقارنة بين من ساندنا ومن تحالف ضدنا وساعد عدونا.‏