رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تتخلى الدول العربية عن عروبتها؟


من المؤكد أن الجيل الجديد من المصريين لا يتذكرون معركة مصر ضد الأحلاف فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، وكيف أن مصر قد أسقطت حلف بغداد الذى سمى بعد ذلك بالحلف المركزى قبل أن ينقرض نهائيًا، وكان الحلف المقترح حين ذاك يضم كلًا من باكستان وإيران والعراق وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة.
نتذكر هذه الأحلاف ونحن نقرأ عما صرح به مسئولون أمريكيون من البيت الأبيض بأن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ترغب فى تشكيل تحالف أمنى وسياسى جديد مع دول الخليج العربية والأردن بهدف التصدى للتوسع الإيرانى، وأنها تخطط لمناقشة الموضوع خلال قمة تقرر عقدها مبدئيًا فى واشنطن يومى ١٢ و١٣ أكتوبر المقبل (هل لم تصلنا؟).
فى الوقت نفسه نقرأ عن نائب وزير الخارجية الكويتى خالد الجار الله أن الكويت قد تلقت دعوة أمريكية لإنشاء ناتو عربى يتولى مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيرانى ويرسى السلام فى المنطقة، وفق إعلان المتحدث باسم مجلس الأمن القومى التابع للبيت الأبيض، وأنها تلقت أفكارًا حول الموضوع، وأن الكويت ترحب بالمقترحات الأمريكية وتدرسها، وستجرى مزيدًا من الاتصالات لمزيد من الإيضاحات بشأن تلك الأفكار.
ورغم أن الحديث عما قدم للكويت لم يوضح موقف الحلف من تركيا إلا أنه من المتوقع أن يكون هناك دور تركى فيه، كما أن قطر إحدى دول الخليج، وبالتالى فإن الحلف الجديد سيضم قطر ودول الخليج الأخرى، وعلى الولايات المتحدة أن توضح كيف ستتصرف إزاء قطر، لكننى أستطيع أن أتوقع أن تطالب الولايات المتحدة أعضاء الحلف الذى تقترحه بتطبيع علاقاته مع قطر، وألا تطالب قطر بتغيير موقفها.
طبعًا الحلف سيضم إسرائيل سواء فى العلن أو فى الخفاء، لكن الإدارة الأمريكية، برئاسة ترامب، تبدو أكثر عدوانية وجرأة، وأخشى أن تؤدى إلى توريط الدول العربية بما فيها مصر فى نزاع غير مبرر، فرغم الاختلاف مع الإدارة الإيرانية فى بعض القضايا، فلا شك أن هذا الخلاف لا يبرر نشوب صراع مسلح مع إيران، وهو أقرب إلى تسوية الخلافات عن طريق الحوار والتفاوض، وأن التورط فى نزاع مسلح مع طهران يتسبب فى خسائر مادية وبشرية غير مبررة غالبًا، وهذا لا يتعارض مع ما سبق أن أعلنته مصر من «مسافة السكة» والتى تعبر عن استعداد القاهرة للمعاونة فى الدفاع عن دول الخليج فى حال تعرضها للعدوان ليس من إيران فقط، بل من أية دولة. وهنا لا بد من ذكر أن الشعوب العربية ما زالت رغم معاهدات السلام والاتصالات السرية والعلنية تعتبر إسرائيل عدوًا، وأن الانخراط فى حلف يضم إسرائيل أو يتعاون معها يزيد الهوة بين الحكومات والشعوب، وهو ما يؤثر بدرجة كبيرة على الاستقرار فى المنطقة.
لا يفوتنى أن أذكر بأن قيام حلف يعنى أنه مضاد لمن لم ينضم إليه، وبالتالى فسيثور السؤال عن موقف الحلف من دول مؤكد أنها لن تنضم إليه، مثل روسيا والصين، كما سيثير أسئلة حول موقف دول البريكس: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا؟ وما مصلحتنا فى معاداة هذه الدول؟.