رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرفاق يتساءلون؟


لن يتوقف الإيرانيون عن بث الفوضى ونشر الإرهاب إلا إذا شعر نظام طهران بأنه مساءل عن أفعال تنظيماته
ليس تكرارًا لشعر الشاعر الكبير كامل الشناوى، ولا لغناء العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وإنما تعبير عن شعور الكثيرين الذين يتابعون الأخبار، ويجدونها تثير من الأسئلة ما لا يقل عما تسوقه من أخبار، فالرفاق هنا هم رفاق ينتمون إلى ما يسمى تحالف ٢٥-٣٠ إشارة إلى ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، لكنهم يحاولون أن يتفهموا ما يرون أنه تناقض فى الأخبار، بحيث يبدو التحالف أو الحكومة التى انبثقت عنه متخبطًا أو متحيرًا بحيث نجد قراراته تختلف عما يتصوره الرفاق عن اتجاهات، بينما لم يتوقف البعض ليستمع إلى الإجابات واقترب من الجانب الآخر، بينما يتوه البعض داخل التفسيرات وما يراه من تناقضات. وهنا سأحاول أن أعرض بعض ما أرى أنه يؤيد وجهات نظر البعض الحائر، ويلقى بشكوكه علينا أو على قطاع ملموس منا.
أول ما يتطرق إلى فكرى سؤال عن الأرز، حيث قرر رئيس مجلس الوزراء -كما فهمت- الموافقة على استيراد كميات من الأرز، وقد كان من الممكن ألا نستغرب من القرار، لكن إذا وضعنا فى اعتبارنا أن مجلس الوزراء سبق أن منع تصدير الأرز وحدد زراعته، باعتبار أن الأرز محصول شديد استهلاك المياه، وأن المزارعين اشتكوا من القرار، باعتبار أنه فى غير مصلحتهم، وأشاروا إلى أنه على الوزارة أن تبحث عن وسائل أخرى لتوفير مياه الرى، وأن تترك الفلاحين يزرعون المحاصيل التى نراها مناسبة. أى أن الوزارة ترى أنه يكفى مصر تحقيق الاكتفاء الذاتى من الأرز، وتتجه إلى إنتاج محاصيل أخرى، وإذا كانت الوزارة منعت تصدير الأرز، لأن المزارعين يزرعونه وينتجون كميات زائدة عن الحاجة تستهلك مياها نحن فى حاجة إليها فهذا يتناقض مع استيراد الأرز، هكذا يكون قرار الوزارة الجديد حيث يعتبر أن ما لدينا من الأرز لا يكفى لسد حاجات السوق، وبالتالى نوافق على استيراده لسد الفجوة بين العرض والطلب. أليس هناك تناقض بين قرارات الوزارة.
التناقض الثانى الذى يشير إليه الرفاق يتعلق بالسمك كمادة غذائية، وهو يعتبر بدرجة ما غذاء الفقير باعتباره أرخص من البروتين، خاصة الحيوانى، ولقد شاهد الجميع أكثر من مرة حضور السيد رئيس الجمهورية لبدء بعض الإنجازات التى اشتملت على إنشاء مزارع سمكية فى منطقة قناة السويس ثم فى كفر الشيخ غليون وهكذا، وقد بدأ ذلك منذ أكثر من سنة، واستمر إلى عهد قريب، لكن المشكلة تتركز فى أنه كان من المتوقع انخفاض أسعار الأسماك لكن نتيجة لإنشاء مزارع سمكية يمكن وصفها بأنها «عملاقة» من حيث المساحة، وبالتالى من حيث وفرة الإنتاج، وقد كان من المتوقع نتيجة لذلك أن يشعر المواطن المصرى وضيوفه بانخفاض فى أسعار الأسماك. فى ظل هذه الظروف يجد المواطن وضيوفه أن أسعار الأسماك قد ارتفعت مؤخرًا، وبناء عليه فإن المستهلك يمكن أن يستنتج أن أسعار السمك ستظل فى ارتفاع، بل ربما يرتبط ارتفاعها بزيادة مساحة المزارع السمكية بدلًا من أن تنخفض، وأظن أن هذه الظاهرة جديرة بالبحث والاهتمام خاصة بين وزارتى الزراعة والتموين، وكذا من المحافظين ووحدات الحكم المحلى.
ويكرر الرفاق السؤال عن سبب تأخر صدور قرار تعيين المحافظين، ويرون أن أجهزة الدولة كفيلة بترشيح ضعف الأعضاء المطلوب ترشيحهم لوظائف المحافظ ونوابه، ومساعديه وكذا رؤساء الأحياء والمراكز، والحقيقة أن أجهزة الحكم المحلى هى التى تتعامل مع المواطن، وهى أكثر الأجهزة قدرة على تحقيق مصلحة المواطن أو تعطيلها، وهذا يتطلب سرعة إصدار حركة المحافظين والحكم المحلى عمومًا مع حسن اختيارهم.
لقد انتشرت على صفحات الجرائد بيانات عما يسمى مبادرات رئيس الجمهورية، بعضها يتعلق بمبادرة القضاء على فيروس سى وقوائم انتظار العمليات الجراحية، والثانية خاصة باختبارات المهارات الرياضية، وهى بلا شك مبادرات جيدة ويمكن أن تحقق نتائج ممتازة وتضيف إلى ما كان لدينا سابقا، ولكن ما يحيرنى ويحير الرفاق هو: لماذا تنتظر الأمور لحين وصول مبادرة رئيس الجمهورية، ألم يكن من الممكن أن تصدر بعض المبادرات من رئيس الوزراء، والبعض الآخر من الوزراء، وغيرها من وكلاء الوزارات، ومن مديرى العموم، وغيرهم. فلا يمكن لرئيس الجمهورية أن يدرس جميع احتياجات كل الأفراد، وكل الاحتياجات، وكل الخدمات، وهكذا يتفرغ رئيس الجمهورية لبحث القضايا الاستراتيجية الكبرى التى تحتاج نظرته ودراسته، وأيضًا قضايا الرئاسة المعروفة، الأمن والتنمية.