رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظرة جديدة إلى التوازن الإقليمى




لا شك أن المتتبع للمنطقة الإفريقية والعربية والتى ربما يسميها البعض الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا بد أن يلحظ أن هناك تغيرا واضحا فى اتجاهات موازين القوى بعد الحروب فى أفغانستان ‏والعراق، ثم التغيرات الداخلية فى بعض دول سميت فى وقت ما «الربيع العربى».‏
لا بد أن يتساءل المرء فى ظل هذه التطورات عن جامعة الدول العربية وما يمكنها أن تلعبه فى ظل هذه الظروف، وهنا لا يمكن لأى باحث أن يتجاهل الانتقادات الشديدة التى تتعرض لها جامعة ‏الدول العربية، التى ينتقدها البعض كما لو كانت الجامعة هى السبب الرئيسى فيما أصاب ويصيب الأمة العربية من مظاهر الوهن والضعف والعجز التى يتألم لها كل عربى، وينسى الكثيرون أن ‏جامعة الدول العربية هى مجموع الدول العربية وأن العيب فى الدول العربية الأعضاء وليس فى الجامعة، وإن كنت لا أزال أعتقد أن الجامعة لعبت دورا مهما فى مرحلة سابقة، وأنها يمكن أن ‏تلعب دورا كبيرا فى مواجهة التطورات المتوقعة بشرط أن تتطور لتواجه هذه التطورات، وتبحث فى نتائجها وكيفية العمل على تقليل المخاطر وتنمية الفرص لصالح الأمة العربية، وللأسف فإن ‏هذا يتطلب أول ما يتطلب إرادة سياسية قوية تحشد الجهود وتوزع المسئوليات ولا تترك فرصة لا تنتهزها ولا خطرا لا تواجهه، وهذا منوط بأعضاء الجامعة من الدول أما الأمانة العامة للجامعة ‏فعليها أن تحسن تحقيق الأهداف والمهام التى تكلف بها.‏
فى تصورى أن جامعة الدول العربية لا غنى عنها، فالعلاقات البينية العربية لا بديل لها، ولذا فإن المطلوب هو تنشيط أجهزتها وتطويرها، وتزويدها بوسائل جديدة تمكنها من التصدى للمهام التى ‏تنتظرها، وفى تصورى أن من أهم الوسائل توفير مراكز أبحاث تبحث كل جانب من علاقات العرب داخليا وخارجيا والتقدم بمقترحات عملية مبنية على المعلومات المتيسرة، وليس على الافتراضات ‏الشائعة أو البديهيات المحفوظة والقائمة على الجغرافيا والتاريخ، فرغم أهميتهما فهما غير كافيين وحدهما لمواجهة الواقع، هكذا يمكن أن نجد فى جامعة الدول العربية وأجهزتها أجهزة أو فروعا أو ‏إدارات لبحث كل علاقة واقتراح ما يلزمها، وأن تكون هناك اجتماعات منتظمة تضم أجهزة الجامعة وممثلين على مستوى رفيع من جهات الاتصال والعلاقات الفعالة للدول والشعوب العربية، حيث ‏لا بد أن تكون هناك أدوات ووسائل للتعامل الدورى والمنظم مع المنظمات غير الحكومية، أو ما يطلق عليه منظمات المجتمع المدنى، ومن الطبيعى، وهذا حال العرب، أن تنعكس هذه التطورات ‏على معاهدة الدفاع المشترك وعلى تطور الجيوش العربية وتطورات التهديدات المحتملة للأمن القومى العربى، وبحيث تخرج الأمة العربية وجيوشها من حالة العجز التى تعانى منها منذ عام ١٩٧٤ ‏بعد أن انفردت دول عربية برأيها أحيانا جهرا، وأحيانا مع الاحتفاظ بالرأى سرا، لنعود لنقول إن الأهم هو توفر الإرادة السياسية.‏