رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ضد استراتيجيات الصراع»


7 يوليو 2018، تاريخ لن يمر مرور الكرام، يوم لن يكون بلا جدوى كما يعتقد بعض المشككين في أحداثه ومعطياته ومفرداته السياسية والاجتماعية والدينية.

اليوم وفي مدينة باري الإيطالية، اجتمع بطاركة وبابوات الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية في صلاة واحدة، وتلاوتها من أجل هدف واحد وهو السلام وإنهاء المنازعات والصراعات التي يشهدها العالم، وبالأخص منطقة الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي عانت كثيرا ومرضت بخلايا سرطانية لا يمكن القضاء عليها إلا بالتماسك والحوار وطرد كل أفكار العفونة الفكرية والارهابية.

اليوم، وقفت الكنائس جنبا إلى جنب، فالأعضاء لا يمكن أن تعمل بمفردها أو تنفصل داخل الجسد الواحد، فالبطاركة جسدوا ما قاله الكتاب المقدس حول الوحدة المسيحية « هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ»، وأيضًا ما ذكره في تلك الأية « لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ،كَذلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا».

اليوم، أُطلقت ذهبيات الروح القدس من أفواه خلفاء الرسل، من فم قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قال "نسألك يا الله أن تمنح سلامك للعالم وأن تنهى الحروب بمنطقة الشرق الأوسط ونصلي من أجل الشهداء الذين راحوا ضحية الحروب والعنف".. وجاءت دعوة بابا الاسكندرية لرؤساء العالم والحكومات الشرق أوسطية للحفاظ علي المحبة بين الكنائس وقياداتها والعمل سويًا من اجل نقل روح المحبة بين كل المؤمنين.. إنه بالفعل «بابا المحبة».

ومن فم قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، أنقل قوله «ان السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق أبدًا من خلال الانقسام أو العنف أو السعي وراء المصالح الخاصة»، وبالتالي كان البابا فرانسيس حريصًا علي كشف الأمور ووضعها في مصطلح ملموس للجميع.. انها «المصالح الخاصة» والتي تكون سببًا في الخصام والإنتقام وبث الكراهية في النفوس.
ومن أفواه بطاركة الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية في الشرق الأوسط، الذين شاركوا في هذا اللقاء العائلي، كانوا مشددين علي الحضور المسيحي في الشرق الأوسط وعدم الهروب من المشاكل والقضايا التي تهمهم بل مواجهتها بشكل واضح وصريح.

اعتقد ان الهدنة أو «حقنة البينج» التي تحتفظ بها جدراننا، وعروض القوة، وفرض عضلاتنا، لن تؤدي إلى السلام، ولكن فقط الرغبة الملموسة في الاستماع والانخراط في الحوار.

هذا اليوم التاريخي الذي لن يمر مرور الكرام علي شيطان الأرض والذي يحاول بشكل او بآخر تمزيق الجسد الواحد، بل تنافر الأعضاء فيما بينها من اجل استكمال مخطط الصراع وعدم تقابل العوامل المشتركة، لأن إبليس يفرق ولا يجمع، يخاصم ولا يصلح، يزيد من «الأنا والذات» حتى تستمر الخصومات.

ان تلك الثلاثية التي تتمثل في الحوار والتماسك والوحدة – حتي لو كانت لافتات مبهجة للرؤية فقط أو رسومات مؤقتة – فإنها في الواقع فن ضد استراتيجيات الصراع.