رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الوزير الصوفي».. «عرفات» يشارك متخفيًا في الموالد وزائر دائم لـ«الحسين والسيدة»

الشيخ احمد ووزير
الشيخ احمد ووزير النقل

- شيوخ العصبة الهاشمية ذهبوا إليه فى مكتبه لتهنئته
- الوزير يزور ضريح السلطان الفرغل فى أسيوط بشكل مستمر



يتمايل كالنخل، تحركه الإلهامات والبركات، يتبع أهل المدد، يزهد فى الدنيا ونعيمها، ابتغاء الدار الآخرة.. هذا هو الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، الذى قد لا يعرف كثيرون أنه يمضى خلف صفات «المتصوفة»، يبحث عن تجلياتهم وأنوارهم لعلها تكون معينًا له فى الحياة وفى الخروج إلى النهار.
وزير النقل، مثلما أكد مقربون منه «يلتزم بالحضرة والمشاركة فى الموالد التى تقيمها العصبة الهاشمية»، و«العصبة الهاشمية» طريقة معروفة فى الجنوب، أسوان تحديدًا، وقد انضم إليها قبل توليه الحقيبة الوزارية بشهور قليلة، ما وصف بأنه كرامة من كرامات الجماعة الصوفية.
وبعد توليه الوزارة لا يزال «عرفات» يشارك متخفيًا فى الموالد والحضرات، ملتزمًا بآداب الصوفية وأهمها عبادة الله فى الخفاء، وعدم الجهر بالطاعات والعبادات.


انضم لـ«العصبة الهاشمية» قبل تولى الوزارة.. وأحد أتباعها: يذكر حتى تتورم قدماه
قبل توليه الوزارة بعدة شهور، وبحضور الآلاف من أتباع طريقة «العصبة الهاشمية» ومريديها، حصل الدكتور هشام عرفات على العهد من الشيخ «عفيفى محمد أبوالفتوح العربى»، إيذانًا بانضمامه للطريقة التى يقع مقرها فى أسوان، فى ظل تأثره بالمشايخ السيد أحمد الفاتح، والسيد على البدرى والسيد أحمد البدوى وغيرهم من رموز «العصبة».
ولاقى الخبر سعادة بالغة بين أتباع «العصبة»، الذين لم يترددوا بعد ذلك فى إعلان فرحتهم بتكليفه بالوزارة على صفحات التواصل الاجتماعى، معتبرين أن اختياره يعد كرامة من كرامات آل البيت، وشيوخ «العصبة»، الذين باركوا ابنهم البار حتى أصبح وزيرا.
وقالت مصادر داخل الطريقة: «الوزير يلتزم بحضور الحضرة والمشاركة فى الموالد التى تقيمها العصبة الهاشمية، ما يؤكد انتماءه للفكر الصوفى، وهو ما اتضح أيضا فى تكرار زياراته لمقامات وأضرحة الصالحين، خاصة ضريحى الإمام الحسين والسيدة زينب فى القاهرة، وضريح السلطان الفرغل فى أسيوط، بالإضافة إلى المشاركة فى كل فعاليات العصبة الهاشمية فى عموم مصر».
وكشف عدد من زملائه فى «العصبة» عن أنه شارك فى كثير من الموالد متخفيًا، بعد توليه الوزارة، حتى لا يعرفه الناس، مرجعين ذلك إلى أن من آداب الصوفية عبادة الله فى الخفاء، وعدم الجهر بالطاعات والعبادات.
وأشارت المصادر إلى أن شيوخ العصبة الهاشمية الصوفية ذهبوا إلى «عرفات» فى مكتبه بوزارة النقل، عقب توليه المنصب مباشرة، لتهنئته، ومطالبته بالالتزام والعمل والاجتهاد، والسعى إلى تطوير الوزارة، حتى تكون من أفضل الوزارات، كما طالبوه بالتحلى بأخلاق وصفات المتصوفة، وآدابهم.
وأكد محمد على، أحد أتباع العصبة الهاشمية، أن الوزير اعتاد مع أتباع «العصبة» على المشاركة بصفة دائمة فى الاحتفالات والموالد، بصحبة أبناء الإمام محمد أبو الفتوح العربى، وفى حضور السيد أحمد الفاتح، والسيد على البدرى والسيد أحمد البدوى، وغيرهم من شيوخ الطريقة.
وأضاف: «الدكتور هشام عرفات، رجل صوفى، سلك هذا المسلك بعدما رأى حقيقة المنهج الوسطى، وبعده عن الأفكار الإرهابية والمتشددة، التى تنشرها الجماعات والتيارات الأخرى، الأمر الذى جعله يتجه لأهل الصوفية، ويختار الطريق الهاشمى من بينهم».
وتابع: «الوزير لم يتكبر أبدا على إخوته الصوفية بعد توليه المسئولية، ويأتى إلى ساحة العصبة الهاشمية، ويقف فى الحضرة، ويردد الذكر مع المريدين، ويقرأ الأوراد حتى تتورم قدماه من كثرة الذكر والإنشاد، كما يقوم بإطعام الفقراء والمساكين الذين يشاركون فى موالد الصالحين، ويتصدق من أمواله لإطعام الطعام فى الموالد والحضرات».
وعن المنهج الذى تتبعه «العصبة الهاشمية»، التى انضم إليها الوزير، قال يسرى خالد، أحد أتباعها: «هى طريقة صوفية، ينتمى إليها الآلاف داخل مصر وخارجها، وشيخها المؤسس هو الإمام محمد أبوالفتوح العربى بن على بن سليمان الإدريسى الحسنى المكى الفاسى، الذى ولد عام ١٩٣٧، وهو من أئمة آل البيت الكبار فى مصر».
وأضاف: «كان رحمه الله أحد الأئمة المجتهدين، ممن جمع بين شرف النسب والدين، وشرف العلم والعمل، وشيخ العصبة الحالى هو السيد عفيفى ابن الإمام محمد أبو الفتوح العربى، وهو من تولى قيادة العصبة الهاشمية، بعد وفاة الشيخ أحمد أبوالحسن، وقام بنشر المنهج الصوفى الهاشمى المتمسك بالأخلاق الإسلامية الحميدة، والبعد عن المنكرات والبدع التى تسىء لصورة التصوف الإسلامى».
وأكد أن منهج «العصبة الهاشمية» يلزم المريد بطاعة الله عز وجل، والبعد عن الرذائل والالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية، وطاعة ولى الأمر، والنهى عما نهى الله عنه، بالإضافة إلى طاعة شيوخ الطريقة، الذين أفنوا حياتهم فى محبة الله، وتعليم الناس مبادئ المحبة والأخلاق.
وكشف عن أن «العصبة» تضم عددا من المسئولين والسياسيين ورجال القضاء، فى مصر والعالم الإسلامى، ما يعنى أن فكرها قادر على جذب هؤلاء المسئولين، لما يتحلى به من وسطية، وبعد عن التشدد والعصب.

مشايخ: عضوية المسئولين فى الطرق ليست جديدة.. ومفيد شهاب وأحمد رشدى أكبر دليل على الأمر
رأى الدكتور عبدالحليم العزمى، الأمين العام للاتحاد العالمى للطرق الصوفية، أن انضمام وزير النقل إلى إحدى الطرق الصوفية، لا يعد غريبا، لأن «كثيرا من المسئولين فى عهود مختلفة سبق لهم الانضمام إلى هذه الطرق، نظرا لما تتسم به من روحانيات».
واستشهد «العزمى» بأسماء لكبار المسئولين، من بينهم، محمد محمود، رئيس وزراء مصر الأسبق، فى عهد الملك فاروق، الذى انتمى للطريقة العزمية، والمهندس محمود أبوزيد، وزير الرى الأسبق، الذى كان من أتباع الطريقة الجازولية، والوزير مفيد شهاب، وزير المجالس النيابية الأسبق، الذى كان من مريدى الحامدية الشاذلية، بالإضافة إلى شيخ الأزهر، المنتمى للطريقة الخلوتية، وغيرهم.
وكشف «العزمى» عن أن انضمام المسئولين للطرق الصوفية لا يقتصر فقط على الوزراء، بل امتد ليشمل عددا من الزعماء، من بينهم الملك فاروق، الذى كان منتميا للطريقة الرفاعية، والرئيس السادات، الذى كان معتادا على زيارة الأولياء والصالحين، ومحبة كل الشيوخ الصوفية.
وحول تأثير هذا المنهج على سلوك الوزراء والمسئولين، قال «العزمى»: «التاريخ يشهد أن المسئولين المنتمين للصوفية لم يكونوا فاسدين، بل قدموا الكثير لخدمة الدولة، واجتهدوا حتى يكونوا مثالًا صادقًا للمنهج الذى ينتمون إليه».
واعتبر الدكتور سيد مندور، القيادى بالطريقة «السمانية»، انضمام الوزراء للطرق الصوفية دليلا على أن هذه الطرق قادرة على تربية رجال قادرين على تحمل المسئولية، وقيادة الأمة المصرية إلى بر الأمان.
وأضاف: «الصوفية استطاعوا تولى المسئولية، فى ظل وجود تيارات متطرفة، مثل الإخوان والسلفيين، الذين يعتقدون أنهم الأجدر والأولى بحكم مصر، رغم عدم قدرتهم على ذلك، لأنهم لا يسعون إلا لخدمة أنفسهم فقط، لذا كان وصولهم للحكم سبيلا لضياع الأمة، وتعرضها لنكسات وصدمات».
وتابع: «منذ وصول هشام عرفات لموقعه، لم يقم بإعلان تصوفه، ولم يكشف عن كونه مريدا ينتمى لإحدى الطرق، لأن أهل التصوف لا يحبون المظاهر، والجهر والعلانية بما يفعلون، مثلما يحدث من أصحاب المناهج الزائفة، التى أضرت الإسلام أكثر مما نفعته».
واستكمل: «الوزير موفق من الله فى كل الخطوات التى اتخذها، لأنه مسنود من آل بيت النبى، رضوان الله عليهم أجمعين، كما يشارك فى موالد الصوفية ويزور الأضرحة والمقامات بانتظام، ويتبرك بأولياء الله الصالحين». وأشار إلى أن هذه الزيارات لا تؤثر على كفاءة الوزير فى عمله، لأن الصوفى يتعلم كيف يفرق بين عمله ووظيفته، وبين حياة الزهد والعبادة والتقشف، وهو ما يعلمه المشايخ لمريديهم، الذين لا يخالفون المنهج، لكونهم على يقين تام من أن الله يراقبهم فى كل أحوالهم وأفعالهم.
وختم حديثه بقوله: «مراقبة الله تجعل المسئولين من الصوفية يجتهدون ليلا ونهارا، ويحاولون ألا يقصروا فى تحمل المسئولية، أمام شيوخهم وأساتذتهم، من أجل رفع مكانتهم أمام الله».
ورحب مصطفى زايد، الباحث فى الشئون الصوفية، بانضمام الوزير هشام عرفات لإحدى الطرق الصوفية، خاصة أن هذه الطرق «تربى أتباعها على محبة الوطن، والبعد عن الإرهاب والتطرف، الموجود عند التيارات الأخرى، وهذا ما يشجع الوزراء والمسئولين على الانضمام لهم، لأنهم أهل روحانيات، يعلمون أتباعهم الزهد فى الدنيا».
وأضاف: «التاريخ المعاصر شاهد على وجود كثير من المسئولين المتصوفة الذين لم يقصروا فى خدمة بلادهم، بل يدفعهم التصوف للاجتهاد أكثر من غيرهم، لأنهم يضعون الله نصب أعينهم، ويبحثون عن إجادة أعمالهم».
وتابع: «أهل التصوف، على عكس تيارات أخرى، دائما ما يقفون مع الدولة المصرية، ويؤيدون الخطوات التى تتخذها لمحاربة الإرهاب والقضاء على الفساد، وهذا يدل على أنهم من أهل البناء ومن الباحثين عن التنمية، لذا فإن أتباعهم ومريديهم يكونون دائما مثالًا ناجحًا فى كل المناصب التى يتقلدونها».
وحول احتمالية تدخل الشيوخ فى عمل المريدين، أكد الباحث فى الشئون الصوفية، أن واحدة من أهم ميزات مشايخ أهل التصوف أنهم لا يتدخلون أبدا فى الأعمال أو الشئون الخاصة بأتباع طرقهم، لكنهم ينشغلون بتربية الإنسان، وزرع روح العمل والاجتهاد فيه، حتى يكون نموذجا جيدا لغيره.
وضرب الباحث المثل بالوزير أحمد رشدى، وزير الداخلية الأسبق، الذى حقق شعبية كبيرة عند المصريين نتيجة تصوفه وزهده واجتهاده، نتيجة قربه من الحركة الصوفية، وتأثره بها.