رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر وقرارات ترامب


منذ المعركة الانتخابية الرئاسية التى خاضها دونالد ترامب الرئيس الأمريكى الحالى، كان من الواضح أن اتجاهات هذا الرئيس تحمل مخاطر كبيرة حيال المنطقة بما فيها مصر، وإذا كان قد أبدى بعض التعاطف والود حيال مصر ورئيسها، فإن مواقفه حيال قضايا المنطقة والوضع المصرى تجاهها، لا تحقق مصالح مصر، وإنما هى أقرب إلى القوى المعادية لأى تجمع أو تعاون عربى.
وهو يعمل على استغلال العرب لمصلحته ولمصلحة الولايات المتحدة، ولا يولى اهتمامًا لمصالح الدول العربية بما فيها تلك الدول التى بدا كما لو كان يحتفظ بعلاقات جيدة معها بما فيها كل من مصر والمملكة العربية السعودية، بينما هو حريص للغاية على العلاقات مع إسرائيل حتى تلك التى تتعلق بموقف أوروبى مخالف، وهكذا كنت وما زلت أتابع مواقفه حيال قضايا المنطقة، وخاصة ما تعلق بقراره بنقل سفارة بلاده فى إسرائيل إلى القدس، وأخيرًا قراره الخاص بإلغاء الاتفاق مع إيران رغم معارضة دول الاتحاد الأوروبى ودول أخرى. ولقد حاولت أن أحدد موقف مصر من قراره الأخير الخاص بالاتفاق مع إيران، وللحق فإننى لم أتمكن من الحصول على تعبير دقيق مؤكد حيال الاتفاق مع إيران، وأقتصر على ما أمكن الحصول عليه فى رأى الأهرام وفى الخبر نفسه، بينما عثرت على تعليق للدكتور عبدالمنعم سعيد فى المصرى اليوم حول «مصر وقرار ترامب».
مما فهمته عن مشتملات موقف مصر من قرار ترامب، أن مصر أكدت ضرورة وفاء إيران بالتزاماتها وفقًا لمعاهدة عدم الانتشار النووى، واتفاق الضمانات الشاملة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبما يضمن عدم حيازة إيران للسلاح النووى باعتبارها طرفًا فى المعاهدة، ويعزز من جهود مصر وفرص جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، وغيرها من أسلحة التدمير الشامل، كما وصف بيان وزارة الخارجية موقف مصر، بالثابت الداعى إلى ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وسلامة شعوبها. ومن الواضح مما سبق أن بيان وزارة الخارجية يمكن أن ينطبق على أى موقف ولا علاقة له بقرار الرئيس الأمريكى، وأن البيان لم يحدد ماذا تفعل مصر.
ربما كان رأى الدكتور عبدالمنعم سعيد، يشتمل على محاولة لصياغة موقف لمصر من القرار الأمريكى، ويقترح خطوات لتحقيق الهدف، حيث يقول إن أمن منطقة الخليج خط أحمر واختراقه يعنى وجودًا عسكريًا مصريًا مباشرًا، ثم أكد العودة إلى إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، ويرى أن استقرار المنطقة يتحقق بسحب جميع الدول قواتها المسلحة من الأراضى العربية، والتوقف عن إمداد الميليشيات والحركات الإرهابية بالمال والسلاح، وأنه يمكن تشكيل قوات حفظ سلام تشتمل على قوات عربية، على أن تستند إلى قرارات صريحة من مجلس الأمن، ثم يرى عقد مؤتمر دولى يشمل جميع الأطراف المعنية، يستند إلى مبادئ الأمم المتحدة، ويشرع فى التعامل مع أزمات المنطقة. ثم يرى أن مصر بتاريخها ومؤسساتها وقيادتها، ستكون الحاضنة للمشاورات الضرورية لكل ما سبق.
لا شك أن رأى الدكتور عبدالمنعم سعيد، اشتمل على خطوات يتصور أن مصر تستطيع القيام بها، أولاها أن تقوم مصر بإرسال قوات مصرية إلى الخليج، فى حال اختراق منطقة الخليج، وهو أمر سبق لمصر أن أكدت التزامها به، وربما نذكر مصطلح «مسافة السكة»، كما سبق أن اقترحت إنشاء قوة عربية مشتركة، أى أن هذا الالتزام قائم قبل صدور قرار ترامب، ولا يعتبر موقفًا مصريًا حياله. وينطبق نفس ما سبق على ما يتعلق بالالتزام بمعاهدة عدم الانتشار النووى، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، ولكن يبقى السؤال ما إذا كان قرار ترامب يغير شيئًا من الواقع، ويحقق ما لم يحققه من سبقوه؟، ويظل السؤال عن أسلحة إسرائيل النووية قائمًا ولا يجد إجابة.