رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخطر الأسئلة فى اختبار السياسة الخارجية والأمن


مر أسبوع من عمر الزمن، وشكل الأسبوع تحديات للسلطات المصرية والعربية، فى حين أن مصر تنتظرها تحديات، بل تهديدات لم تتعود عليها، بل إن التهديدات تعتبر غير مسبوقة، والأخطر أن بعض جهات العالم أصبحت تدار بواسطة مجموعة من غير المسئولين، بل ربما من غير العاقلين، وبالتالى أصبح علينا أن نراجع استعداداتنا ونسأل أنفسنا: ماذا لو أن القوة العظمى فى العالم أصبحت تحت إدارة مجموعة من غير العاقلين؟
ماذا يمكن أن نتوقعه، وماذا يمكن أن نفعله فى مثل هذه الظروف؟. هنا لا بد أن نشخص بأبصارنا لمحاولة معرفة ماذا يمكن أن نفعل فى مثل هذه الظروف؟.
نقول ما سبق، وما زال فى ذاكرتنا واهتماماتنا ما حدث فى الأسبوع الأخير من مارس ٢٠١٨ من انتخابات، كان معروفا أنها لا بد أن تسفر عن فوز المرشح عبدالفتاح السيسى بفارق كبير عن منافسه مصطفى موسى ولفترة رئاسية ثانية، لكننا لا ننسى أيضا أن فى نفس الأسبوع فاز الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بفترة رئاسية جديدة، وأن فى نفس الأسبوع أقال الرئيس الأمريكى مستشاره للأمن القومى وعين مكانه شخصية متطرفة وعنصرية للغاية مناصرة للكيان الصهيونى على طول الخط هو جون بولتون، ولو كان الأمر مجرد تغيير الموقع الحساس فى الولايات المتحدة لهان الأمر، لكنه ليس أول من يجرى عليه التغيير، ومن المؤكد أنه لن يكون الأخير، الأخطر من كل ذلك أنه من الواضح أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعمل على إبعاد كل من تلوح فى تصرفاته مسحة، نعم مجرد مسحة من العقل، فالمؤكد أنه بدأ فترة رئاسته بفريق من المتطرفين، لكن بعضهم على الأقل كان ما زال محتفظا بشىء من العقل، ومن خبرة السنوات السابقة، بما جعلهم كلهم يسعون إلى تفادى الاصطدام بروسيا وغيرها، لكن الرئيس الأمريكى ترامب لم يستطع أن يتحمل أن يكون بين فريق عمله شخصيات تحمل ذرة من العقل والحكمة أو تحتفظ ببعض خبرة العمل الدبلوماسى، وهكذا فإن المرشح الفائز برئاسة جمهورية مصر العربية عليه أن يكون مستعدا لمواجهة التهديدات التى ستنجم عن استمرار الإدارة الأمريكية بعلاقاتها مع الدول الأخرى، خاصة الدول العربية والدول المجاورة، وأنه فى ظل هذه الظروف مطلوب أن نواجه احتمالات حرب بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جانب، وإيران وسوريا وروسيا ولبنان «حزب الله» من الجانب الآخر. ماذا تفعل مصر فى مثل هذه الظروف، وهى بلا شك تمس أمن مصر المرتبط دائما بالأمن القومى العربى؟ لا شك أن تحديا آخر قد استجد بالساحة بما قامت به إسرائيل من قتل أفراد من المسيرة الفلسطينية المسالمة فى احتفالات ذكرى يوم الأرض، والتى أدت إلى استشهاد ما يزيد على ١٤ شهيدًا فلسطينيًا وإصابة أكثر من ألف فلسطينى، واجب مصر القومى والإنسانى يدفعها إلى القيام بعمل قومى يسعى إلى محاسبة إسرائيل ومنعها من القيام بعمل مشابه، وهنا يجب أن يكون العمل المصرى قويا فى مواجهة إسرائيل، وهو ما يعنى أنه يجب أن يكون قويا أيضا ضد الولايات المتحدة الأمريكية التى تساند إسرائيل دون قيود، فإذا تذكرنا الوضع الاقتصادى المصرى واعتماد مصر على تعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى نجد أن البدائل التى يمكن أن تفكر فيها مصر تتضاءل بدرجة ملموسة.
وإذا فكرنا فى الجانب السياسى والمعركة التى تخوضها مصر ضد الإرهاب نخرج بأن العمل المصرى سيكون بالضرورة محدودا لحين توفر أوضاع أفضل. فإذا انتقلنا إلى الساحة العربية فى محاولة لتوسيع مجالات الاختيار وفتح منافذ للعمل الدبلوماسى والسياسى المصرى والعربى نجد أن دولا عربية قد ضيقت من مساحة البدائل التى يمكن البحث فيها. الأخطر هو أن دولا عربية قد قلصت فعلا من اختياراتها ونسيت أنها سبق أن أعلنت أن القضية الفلسطينية هى القضية المركزية، وأنها القضية المصيرية، ورغم أن مصر لم تعلن عن تخليها عن مركزية القضية الفلسطينية إلا أن الظروف السابقة على الأقل جعلت مصر تعتمد على جهودها فى مجال المصالحة الفلسطينية، باعتبارها أكثر الجهود احتمالا للتأثير والنجاح، وتعتبر معالجة القضية الفلسطينية هى السؤال الأكثر إلحاحا فى «بوكليت» امتحان الرئاسة الجديدة فى مجال السياسة الخارجية.
يبقى سؤال لا يمكن تجاهله وهو الأكثر صعوبة: ماذا يكون موقف مصر فى حال تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وروسيا من الجهة الأخرى، وما يمكن أن يؤدى إليه من خراب لا يمكن قياس أثره؟.. من لديه إجابة عن سؤالى له جائزة!.