رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بديلاً عن الزنا..انتشار الزواج العرفي في الجامعات بين إسلاميي المغرب

بديلاً عن الزنا..انتشار
بديلاً عن الزنا..انتشار الزواج العرفي في الجامعات بين إسلام

رغم أنّ قانون الأحوال الشخصية في المغرب لا يعترف بزواج سري أو عرفي، ويدرجه في خانة الزنا والفساد، فإن الأمر داخل الجامعات يبدو منفلتًا بعض الشيء، فالسلفيون والمنتقبات يعقدون قرانهم وينجبون أبناءً يصعب فيما بعد تحديد نسبهم.

يقول أيمن بن التهامي من الرباط: "ينتشر في الجامعات المغربية بشكل مقلق، الزواج العرفي أو السري، وخاصة وسط الإسلاميين والفتيات المنتقبات".

وترتب عن هذا النوع من الزواج، مآسٍ اجتماعية راح ضحيتها أطفال أبرياء، بعد أن رفض آباؤهم الاعتراف بهم.

إثبات النسب ..

تعج محاكم الأسرة في المغرب، بعدد من قضايا إثبات النسب، وسط غياب إحصائيات رسمية بخصوص هذا الظاهرة التي بدأت تبرز بشكل قوي، منذ العام 2000.

تشير معطيات غير رسمية، إلى أن 70 في المائة من المتزوجات عرفيًا فتيات تتراوح أعمارهن ما بين 18 و25 سنة، أميات ومحدودات التعليم، وجامعيات وحتى موظّفات، وسط وعود بإعلان وتوثيق الزواج في الوقت المناسب، أو بعد مرور ظروف معينة، فيقبلن خوفًا من شبح العنوسة، و30 في المائة نساء ناضجات كالأرامل والمطلقات وهدفهن التحايل على القانون والتهرُب من الالتزامات، كالأرامل اللوتي يحصُلن على المعاش، والحاضنات اللوتي لا يردن فقدان حق الحضانة أو النساء الفقيرات اللوتي لا معيل لهن.

العُرفي يسود الحرم الجامعي ..

عادت ظاهرة الزواج العرفي أو السري؛ للانتشار بشكل يثير القلق وسط الجامعات المغربية، وتحديدًا في صفوف الطلاب الإسلاميين، ويرى المقبلون على هذا النوع من الزواج، أنه "الحل الشرعي" لعدم السقوط في فخ الزنا المنتشر في الأوساط الجامعية.

غير أن الذي يجري السكوت عنه، هو أن هذا النوع من العلاقات التي تبنى على رابط شفاهي، في الغالب ما يتمّ التنصل منها شفاهيًا كذلك، لتهضم حقوق الزوجة، قبل أن يأتي الدور على الأبناء في حالة ما إذا ترتب عن هذا الزواج حمل.

في هذا الإطار، قال علي الشعباني -الباحث في علم الاجتماع- "دائمًا كان يعرف المغرب هذا النوع من الزواج، فقبل أن يكون هناك نوع من التوثيق العدلي، كان الزواج بالفاتحة الذي هو نوع من الزواج السري أو العرفي".

أكد علي الشعباني -في تصريح لـ"إيلاف"- أنه بالإضافة إلى الفئات المتأثرة بالثقافات الغربية، التي تؤمن بالعلاقات الحرة، بدأنا نلاحظ أن هذا النوع من الزواج السري يتداول بكثرة الآن فيما بين الإسلاميين في الكليات، عن طريق (زوّجتك نفسي).

وأضاف، أن هذا النوع من الزواج عادة ما ينفض في نهاية الدراسة، أو عندما يفشل أحدهما ولا يكمل دراسته.

عادات وتقاليد ..

يرى الباحث في علم الاجتماع، أنّ الزواج السري، الذي يتم خفية، أي في تستر عن المجتمع وعاداته وتقاليده وقوانينه وتشريعاته المختلفة المرتبطة بالزواج، أصبح متداولاً الآن بكثرة ما بين بعض الطلبة، وذلك رغم أن زواج الفاتحة يكون فيه نوع من الإشهار وسط الجيران والعائلة، إلا أنه يبقى واحد من هذا النوع من الزواج.

وذكر علي الشعباني، أنه نتيجة هيمنة العادات والتقاليد والدين الإسلامي، الذي يحرم كل علاقة خارجة عن الإطار الشرعي، يجري اللجوء إلى مثل هذه العلاقات السرية والاتفاق الثنائي في ما بين الشاب والشابة، لكي يعيشها مع بعضهما البعض في علاقة (جوازية)، إذ يعيشان الحياة الزوجية تمامًا، ما عدا تجنب إبرام العقد والإنجاب والاختلاط بالعائلات إذا كانت غير متفقة على هذا النوع من الزواج.

الزواج العرفي... زنا ..

وضعت مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية)، التي جرى اعتمادها منذ عام 2003، حزمة من الشروط التي صار من الصعب بسببها زواج الرجل بثانية، ومنها ضرورة موافقة كتابية من الزوجة الأولى على زواج زوجها، والقدرة المالية للإنفاق على بيتين، ووجود المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد.

كما لا يعترف القانون المغربي بشيء اسمه الزواج العرفي أو السري، إذ تصنفه في خانة الزنا الذي يعاقب عليه القانون.

وفي هذا السياق، قال سعيد بوزردة، وهو محام عن هيئة الدار البيضاء: "الزواج العرفي في المغرب غير موجود، وهو ممنوع، إذ أن المشرع المغربي في مدونة الأسرة وضع مجموعة من الشروط حتى يكون الزواج صحيحا، ومنها أن يكون رسميا عبر ميثاق ترابط وتساكن، والإيجاب والقبول، وتسمية الصداق، والولي بالنسبة للقاصر، وشرط الكتابة".

وأكد سعيد بوزردة في تصريح لـ "إيلاف"، أنه لا يمكن تسمية الزواج بالعرفي أو السري، بل إن هذا النوع من العلاقة يعتبر فسادًا.

استثناء ..

أوضح المحامي بهيئة البيضاء، أن الاستثناء الوحيد الذي كان في المغرب هو الزواج الموثق وغير الموثق، مشيرًا إلى أن المشرّع نَص في المادة 16 من مدونة الأسرة، على أن هذا الزواج غير الموثق، يستوجب أجلاً لتوثيقه إذا كانت ظروف وشروط قاهرة حالت دون توثيقه.

وذكر، أن هذا الأجل حدد في خمس سنوات، مبرزًا أن هذا النوع من الزواج يدخل في إطار ما يطلق عليه "الزواج بالفاتحة"، الذي من شروطه "حضور الشهود، وقراءة الفاتحة، وتسمية الصداق وتسليمه أمام الناس.

أما الزواج السري أو العرفي، "فهو غير موجود لأن من شروط الزواج العلنية، فالزواج السري نوع من أنواع الفساد لأن الزواج لا يتم بشكل سري"، بحسب المحامي سعيد.

المنقبات... مآسٍ اجتماعية ..

يؤثر الزواج العرفي أو السري، سلبًا في تمدرس الأولاد المنحدرين من زواج يوصف في المغرب بالعرفي، حيث لا يتمكن الآباء من تسجيل أبنائهم بسهولة في المدارس، ما يضطرهم أمام تعقد الإجراءات القانونية إلى العدول عن تعليم أبنائهم.

تزوج، أنجب... ثم اختفى !

كما أن لهذا الزواج عدد من المآسي التي ذاقت ويلاتها سناء (م)، 28 سنة، التي وجدت نفسها تكافح في محكمة الأسرة بالبيضاء لإثبات نسب ابنها الأول، علما أنها حامل في شهرها الثالث.

تقول سناء في إفادة لـ"إيلاف": "بعد زواجي عرفيا من طالب متدين في الجامعة، طلب مني التوقف عن الدراسة والتفرغ لمقابلته والاهتمام بأمور المنزل، وفعلاً استجبت لطلبه، لكن بعد أن وضعت ابننا الأول تراجع تردده عن المنزل وبدأ يغيب لفترات طويلة، قبل أن يختفي نهائيًا".

أكدت سناء، على أن المعني بالأمر ربط علاقة مع فتاة أخرى منتقبة، ليخبرني بأنني لم أعد أناسبه لأن الولادة كان لها أثر على أعضائي التناسلية، ثم اختفى عن الأنظار وتركني حامل في شهري الثالث.

أضافت: "خسرت دراستي في كلية الحقوق، وانقطعت علاقتي بأسرتي التي رفضت زواجي بهذه الطريقة، وابني بدون تعليم الآن بسبب عدم تمكني من إثبات نسبه... وأنا بدون معيل وأشتغل الآن في البيوت".

وتعج محاكم الأسرة في المغرب، بآلاف القضايا من هذا النوع في وقت يعيش أبناء بدون وثائق، وهو ما يجعلهم يلجأون إلى سوق الشغل في سن مبكرة جدًا، بينما يجرى تزويج الفتيات بالطريقة نفسها، خوفًا من سقوطهن في الرذيلة، على حد اعتقاد الأمهات.