رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس «القابضة للصناعات المعدنية»: نحتاج خبراء أجانب لحل أزماتنا الإدارية (حوار)

جريدة الدستور

◘ توسعات جديدة فى «ألومنيوم نجع حمادى» لزيادة الإنتاج.. ووضع أساس المصنع الجديد قريبًا
◘ طلبت رفع تركيز الحديد فى الخام المحلى.. وتوجيهات رفيعة بدمج جميع شركات صناعة السيارات

كشف الدكتور مدحت نافع، رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، عن محاور التطوير التى ستتبعها الشركة فى المرحلة المقبلة، فى ضوء تكليفات القيادة السياسية بالاهتمام بقطاع الأعمال، واستراتيجية الوصول به إلى مكانته المستحقة.

وأوضح «نافع»، فى حواره مع «الدستور»، أن هذا التطوير يتضمن الدفع بالقيادات الشابة فى بعض المناصب، من أجل ضخ دماء جديدة، مشيدا بتوجه الحكومة نحو الشراكة مع القطاع الخاص، فى ضوء الإصلاحات الاقتصادية التى أدت إلى تحسن مناخ الاستثمار فى مصر.

■ توليت مؤخرا رئاسة «القابضة للصناعات المعدنية».. ما أهم الذى كلفك به وزير قطاع الأعمال؟
- الوزير كلف الشركة القابضة بتحسين نظم الإدارة فى الشركات التابعة لها، والاستفادة من الأصول غير المستغلة، وتعظيم العائد منها، لتمويل عمليات التطوير وإعادة الهيكلة، كما طالب بإجراء إصلاحات جذرية وشاملة، وأكد وجود دعم قوى على جميع المستويات لاتخاذ قرارات جريئة من أجل إصلاح الشركات المتعثرة، وتعظيم عوائد الشركات الرابحة.

■ ما أهم المشروعات الموضوعة على قائمة مهامكم فى الفترة الحالية؟
- الشركة القابضة لديها قطاعات صناعية شديدة الأهمية وذات فرص واعدة، ومن أهم المشروعات الموضوعة على قائمتنا، عملية التوسعات الجديدة لشركة «مصر للألومنيوم» فى نجع حمادى، والتى تهدف لزيادة طاقتها الإنتاجية، لذا لدينا توجه بالعمل على إنجاز الدراسات فى أسرع وقت، من أجل بدء الخطوات التنفيذية.
■ كم تبلغ قيمة أصول الكيانات التابعة للقابضة للصناعات المعدنية؟
- قيمة الأصول الدفترية وصلت تقريبا إلى نحو ١٢ مليار جنيه، وما زال الحصر مستمرا، وهو ما يختلف بالطبع عن قيمتها الحقيقية، فعلى سبيل المثال لدينا شركة مثل «مصر للألومنيوم» تبلغ قيمتها التسويقية حوالى ١٧ مليار جنيه.

■ هل تعبر موازنات الشركات التابعة للقابضة عن حقيقة الوضع فى قطاع الأعمال؟
- نعم الموازنات تعبر عن قطاع الأعمال، وللعلم فالأرقام لا تبعث على التفاؤل، لذا فنحن نخطط فى الفترة المقبلة لتنفيذ استراتيجيات واضحة للاستفادة من الأصول غير المستغلة حتى الآن، حتى تتحول أوضاع هذه الشركات إلى الربحية والإنتاجية. والتكليف الصادر لنا فى هذا الشأن كان واضحا وصريحا ومشجعا، وعبر عن اهتمام القيادة السياسية، ممثلة فى شخص الرئيس عبدالفتاح السيسى، بقطاع الأعمال، من أجل العمل على إعادته لمكانته التى يستحقها، وعلى الأخص الصناعات الثقيلة.

■ شغلت لفترة منصب العضو المنتدب للشركة القابضة.. فكيف ترى وضع هذه الكيانات؟
- أجريت جولات عديدة فى جميع الشركات، ومنها الحديد والصلب، وشينى، والألومنيوم والنصر للتعدين، والسبائك الحديدية، لذا فإنى أملك دراية ومعرفة هامة، ورؤية مقربة لكل ما يحدث فى هذه الشركات، وأظن أن فرص تطويرها موجودة.

■ متى تضع الشركة حجر الأساس لبدء إنشاء مصنع الألومنيوم الجديد؟
- عقب الانتهاء من مناقصة الطرح، والحصول على جميع الموافقات النهائية لإنشائه.

■ كيف تقيّم أحوال شركة الحديد والصلب؟
- شركة الحديد والصلب لديها فرصة عظيمة للنمو وتحسين الأداء، وطلبت العمل على رفع نسبة تركيز الحديد فى الخام المحلى، المستخدم فى الإنتاج، والذى يشكل أساس العملية الإنتاجية، مع التوسع فى المنتجات ذات الطلب المرتفع فى السوق، وسيحدث هذا التطوير بالتوازى مع تطوير شركة «النصر لفحم الكوك»، لإحداث التكامل.

■ ماذا عن «النصر للسيارات»؟
- فيما يخص صناعة السيارات، وزير قطاع الأعمال أوضح أن رؤية الوزارة فى هذا الشأن تتمثل فى وضع جميع الشركات التابعة للوزارة، والتى تعمل بمجال صناعة السيارات، تحت مظلة واحدة، لتكوين كيان اقتصادى قوى، وطالب بالتركيز على الصناعات المغذية للسيارات، وإدخال المنتجات الجديدة ذات الصلة، كما أكد ضرورة الاستفادة من فرص الشراكة مع القطاع الخاص، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية مع الدول العربية والإفريقية والأجنبية للتوسع فى التصدير للخارج.

■ هل تعتقد أن قطاع الأعمال قادر على تجاوز أزماته الهيكلية؟
- هناك دول مرت بأزمات مشابهة، وتجاوزتها، ويمكننا الاستفادة من تجاربها، فلدينا تجارب البرازيل والأرجنتين، وبولندا، التى عانت من أزمة مشابهة جدا لأزمتنا، وخرجت منها باتباع برامج إصلاحية، فيها كثير من الإجراءات الاقتصادية التى تماثل ما تتخذه مصر فى الفترة الحالية، كما أن بعض الدول اعتمدت على خطط صندوق النقد الدولى، ونجحت أيضا.
■ هل هناك توجه للدفع بالقيادات الشابة لتولى الأمر فى الشركات التابعة؟
- نعم، هذا التوجه موجود، وهناك تقييم شامل فى الفترة الحالية لأداء الشركات، ووفقا له سيتم الدفع بقيادات جديدة فى بعض المناصب التى تحتاج إلى دماء شابة، للعمل على تنفيذ خطة الوزارة لإصلاح القطاع.

■ كيف تقيّم المناخ الاستثمارى فى مصر؟
- شخصيا أرى أن أهم عوامل جذب الاستثمارات هى إصلاح الجانب التشريعى، والتقدم فى اللوائح والقوانين المنظمة، والدولة تخطو فى هذا الاتجاه بشكل جيد، كما فعلت عند إصدار قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية، ثم تدشين مركز خدمة المستثمرين، وهى مؤشرات إيجابية تدفع إلى تحسن المناخ الاستثمارى، وإن كنا نحتاج إلى قوانين جديدة تتعلق بإصدار التراخيص الصناعية.

■ كيف تنظر إلى توجه الحكومة لتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص؟
- أعتقد أن رأس المال الخاص أكفأ فى إدارة الموارد من المال العام، فى ضوء حرص المستثمر على تحقيق الربح، كما أن القطاع الخاص يتعامل مع مشكلات العمال بشكل أكثر عمليا، ما يحفز الإنتاج.

■ ماذا عن تطوير نظم الإدارة فى القطاع؟
- التحول من الهياكل التنظيمية القديمة التى تقوم على الضوابط والأوامر إلى هياكل جديدة تقوم على العمل الجماعى وروح الفريق- أمر حتمى لتطور هذه الكيانات، ما يجعل الاقتصاد أكثر إنصافا، كما أن الثورة التكنولوجية سهلت الوصول إلى المعلومات والخدمات، ويمكن الاستفادة منها فى رفع كفاءة المؤسسات والخدمات.

■ ما الضمانات الواجب توافرها فى الشراكة بين القطاعين الحكومى والخاص؟
- لدى اتخاذ قرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بكافة صورها، لا بد من وجود شروط واضحة وملزمة تضمن تعظيم المنفعة الاقتصادية للأصول المستغلة، مع صيانة حق الدولة فى بسط نفوذها على كل شبر من أرضها.

وأشكال الشراكة المختلفة تتطلب أيضا أدوات مرنة ومتطورة وواقعية للتقييم، لأنك تحتاج إلى تقييم الأصول التى تدخل بها شريكا بحصة عينية فى صورة أراضٍ أو عقارات أو أى نوع آخر من الأصول، بما فى ذلك التدفقات النقدية المستقبلية للقيمة الإيجارية لبعض العقارات والأراضى.

ونحن نعانى من المغالاة فى تقييم الأصول بغرض سد باب الاتهام بالفساد، ما يأتى بنتائج سلبية للغاية، خاصة إذا عهد بالتقييم إلى جهات حكومية، لأن هذا يعنى أن فرص قبول الشريك الخاص لهذا التقييم المبالغ فيه تصبح ضعيفة للغاية، ما يترتب عليه فشل مشروعات الشراكة، رغم أن نجاحها يمثل إضافة مهمة للاقتصاد القومى، ووسيلة سريعة لوقف نزيف الخسائر التى تحققها بعض الشركات والمؤسسات.
■ هل نحتاج للاستعانة بخبرات إدارية أجنبية؟
- نحن نستورد الحكام الأجانب والمدربين الأجانب فى كرة القدم، لكننا نأبى أن نعترف بالقصور الإدارى الكبير لدينا، وتفشى الفساد والمحسوبية، وما يستلزمانه من الاستعانة بخدمات إدارية جديدة، سواء كانت محلية أو مستوردة، وإذا كنا نشارك الأجانب فى مشروعات البنية الأساسية وتوليد الطاقة، فلماذا لا نشاركهم فى إدارة مرافقنا متى كان العائد كبيرا على كافة الأصعدة الاقتصادية والثقافية والسياسية، خاصة أن هذا سيحسن من صورة الدولة، ويسوقها على نحو ملائم، كما يعزز من استقلالها المالى أيضا.

ففى قطاع السياحة، مثلا، وكما يحدث فى كافة المتاحف العالمية، ينبغى تقديم معاملة سعرية تفضيلية للسياحة الوطنية، ومعاملة أكثر تفضيلا لطلبة المدارس والجامعات وقدامى المحاربين وذوى الاحتياجات الخاصة، ولا بد من تضمين ذلك فى شروط التعاقد مع شركاء التطوير والإدارة، مع التزامهم بتحقيق أعلى مقاييس الأمن والسلامة، ما يضمن تمتع الزوار بمختلف أدوات ووسائط التكنولوجيا، التى تمنح للسياحة الثقافية مذاقا ممتعا.

■ ما أهم البدائل المتاحة حاليا لحل أزماتنا التمويلية؟
- البحث فى بدائل التمويل عادة ما يكون مقصورًا فى بلادنا، إذ جرى العرف على تمويل كل ما هو جديد، إما تمويلا ذاتيا أو عبر قرض مصرفى، أو من خلال الطرح للأسهم والسندات عبر بورصة الأوراق المالية، والأخيرة لا يطرق بابها إلا قليل، لكن الدول المتقدمة أدركت أهمية التمويل منذ زمن بعيد، واستطاعت أن تستحدث بدائل تمويل جديدة، عبر أدوات الدخل الثابت أو المشاركة أو التمويل الذاتى، وهناك منتجات مالية متنوعة كان لعلم الهندسة المالية دور فى تطويرها، وصور مبتكرة للمشاركة نتجت عن الحاجة الماسة إليها.

ومن بين البدائل أنظمة الـBOOT المعروفة، التى يقوم من خلالها الشريك الخاص ببناء المنشأة أو خط الإنتاج أو المشروع بصفة عامة، ثم امتلاكه وتشغيله، ثم نقله مجددا إلى الشريك، الذى عادة ما يمثل المال العام، ويمكن التوسع فى هذا المجال، وتسهيل إجراءاته لكونه يمثل فرصة جيدة لحل مشكلات التمويل الخاصة بالمشروعات ذات الطابع القومى. كما نتطلع فى مصر إلى توفير الأساس التشريعى المناسب لإصدار سندات الإيراد، التى تكتتب فيها المؤسسات والأفراد لتمويل مشروع ما، وهى فى الغالب من مشروعات البنية الأساسية، على أن يحصل حاملو السندات على عائد ثابت من الإيراد الذى يدره المشروع بعد ذلك.


■ بخلاف التمويل.. ما أهم الأزمات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى؟
- التضخم، والدين العام، وعجز الموازنة، بالإضافة إلى عجز ميزان التجارة، وإن كانت المؤشرات ارتفعت فى الفترة الأخيرة.

■ كيف تنظر إلى انخفاض أسعار الفائدة فى الفترة الأخيرة؟
- انخفضت أسعار الفائدة بسبب التضخم الجامح الذى طرأ على الاستثمار، نتيجة إجراءات الإصلاح الاقتصادى.


■ كيف تقيّم الدين العام للدولة المصرية؟
- الرئيس السيسى ناقش فى أحد المؤتمرات مشكلة الدين، وأوضح أنه أسوأ ما تعانى منه مصر حاليا، وتشير معدلات نمو الدين العام إلى القلق والخوف، خاصة أن نسبة الدين المحلى تبلغ ٩١٫١٪ من الناتج الإجمالى، ويبلغ الدين الخارجى منها نسبة ٣٣٫٦٪. وهذه النسب تثير القلق نوعًا ما، فى ظل معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى ٤٫٢٪، وإن كنت أرى أنه حدث نمو كبير فى الناتج المحلى حاليا، مقارنة بعام ٢٠١١، عندما كان النمو ١٫٨ فقط، وارتفعت نسبة الاستثمار العام والخاص بشكل متزايد، وهذا مؤشر جيد.

■ هل حجم الدين سينخفض؟
- نعم، أتوقع أن حجم الدين سوف يقل فى الفترة المقبلة.

■ ماذا عن المشروعات الجديدة ودورها فى جذب الاستثمارات؟
- المشروعات الكبيرة، خاصة مشروع قناة السويس الجديدة، تعطى فرصا كبيرة لتعزيز الاستثمار المباشر، وجذب الاستثمار غير المباشر، وهناك أيضا الارتباط الذى حدث بين مصر والسعودية، والاستثمار المشترك من أجل إقامة عدة مشروعات، منها إقامة جسر بين البلدين، ومشروع نيوم الحيوى لاقتصاد البلدين.

■ فى ضوء المشروعات القومية الكبرى.. ألا تخشى من حدوث فقاعة عقارية فى الفترة المقبلة؟
- لدينا أزمة كبيرة فى العقارات نظرا لارتفاع أسعارها، وكنا كخبراء اقتصاد نتوقع انخفاض الأسعار بعد ثورة يناير، لكن ما حدث كان العكس، فى ظل إقبال المواطنين على الشراء بشكل متزايد.

هل نعانى فى مصر من أزمة تمويلية؟
- الرقم الأهم فى معادلة الإصلاح على اختلاف أهدافه هو التمويل، الذى يجب أن يختص بنك أفكار وطنى كبير بالبحث فى بدائله، من أجل خدمة المشروعات المختلفة، خاصة تلك التى تتضمن أشكال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.