رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكمة المكتئبين.. دراسة أمريكية: كبار السن ليسوا أكثر خبرة

جريدة الدستور

من منّا يملك الحكمة؟ سؤال انشغل به البشر منذ القدم، محاولين وضع مقياس يحدد من هم أصحاب الحكمة. وفى سبيل ذلك أنتجت المجتمعات مقولات وأمثالًا، حاول الأولون من خلالها رسم طريق يهدى الأبناء إلى أهل الحكمة.


الغالبية قالت إن كبر السن عامل مهم لأن الخبرات صورة من صور الحكمة، والبعض رأى أن «المجانين» هم من يملكونها، ولكن دراسة أمريكية حديثة نسفت جميع تلك الجهود النظرية، مثبتة أن الانطوائيين والحزانى هم أهل الحكمة.
وحسب الدراسة التى نشرت فى مجلة «سوشيال سيكولوجى»، فإن العلماء الأمريكيين أجروا اختبارًا لمعرفة ما إذا كان لدى «الخاضعين للدراسة» حكم جيد على الأشياء والمواقف، والاختبار كان تفاعليًا، ووجدت جامعة «ييل» الأمريكية أن «كبار السن» لا يؤدون أفضل من الشباب فى اختبار الحكمة، رغم أنه كان يُعتقد دائمًا أن الحكمة تأتى مع التقدم فى السن، لكن العلماء يؤكدون الآن أن امتلاك المزيد من الخبرة الحياتية لا يجعلك بالضرورة أكثر دراية بالحياة.
وترى الدراسة أن الشيخوخة لا تساعد الناس فى الحصول على موهبة إضافية لاستيعاب كيف يفكر الآخرون ويتصرفون، إذ وجدت الدراسة الاستقصائية أن الشباب الذين مروا بظروف نفسية مختلفة انتصروا على كبار السن فى مدى فهمهم للصفات البشرية. ووفقًا للمجلة، فقد ابتكر الباحثون فى جامعة «ييل»، وهم من علماء النفس، طريقة لقياس حكمة العجائز والشباب، وشمل الاختبار أكثر من ألف متطوع، للنظر فى كيفية تأثير العوامل المختلفة على تفكير الشخص العادى أو شعوره أو تصرفاته فى سياقات اجتماعية مختلفة. ويقول أنطون جولويتزر، وهو طالب دراسات عليا بجامعة «ييل»، أحد الباحثين المشاركين فى عمل الدراسة: «عدد التجارب التى حصل عليها المرء فى العالم لا يبدو أنه يزيد من قدرته على استنتاج كيف يفكر معظم الناس ويتصرفون فى السياقات الاجتماعية، فلطالما كان يعتقد أن الحكمة تأتى مع التقدم فى السن لكن الحقيقة أن وجود المزيد من الخبرة الحياتية لا يجعلك بالضرورة أكثر دراية بالحياة».
وبسبب المفاجأة التى تسببت بها نتائج الدراسة، شرع الباحثون وعلماء النفس الطبيعى فى تحديد أى مجموعة من الناس هم أفضل، ومن هنا طوّر الباحثون أربعين سؤالًا لتقييم مهارة الأشخاص فى قراءة ما بين السطور، وفهم ديناميكيات الوضع الاجتماعى، ويمكن لأى شخص فى العالم أن يدخل على الاختبار عبر الإنترنت من خلال الموقع الإلكترونى لجامعة «ييل»، وذلك ليقيس مدى الحكمة التى بداخله.
وعن آليات الاختبار حاول العلماء تحليل تصرفات المشاركين الأعلى درجة، لمعرفة ما إن كانت لديهم قواسم مشتركة، ومن خلال القيام بذلك كانت المفاجأة، حيث اكتشف الباحثون خصائص الأشخاص الأفضل فى فهم الآخرين، ووجد الباحثون أن الانطوائيين المعرضين للكآبة يبدون أكثر فاعلية فى فهم كيف يتصرف البشر، أكثر من أقرانهم الطبيعيين، أو كبار السن.
ووجدت الدراسة أن الناس من أمثال المؤلفة الشهيرة «هاربر لى» - وهى كاتبة أمريكية انطوائية- هم الأكثر مهارة فى فهم القرائن الاجتماعية، ووجد الباحثون أن هذا يعنى أن الانطوائيين المعرضين للكآبة يبدون أكثر ذكاءً فى فهم السلوك البشرى، ووجدت الدراسة أيضًا أن الذكاء والرغبة فى الانخراط فى المشاكل المعقدة كان مؤشرًا رئيسيًا للحكمة، وأن حالة حزن يمكن أن تؤدى بالشخص ليكون أكثر حكمة، فهم لا ينظرون إلى العالم من خلال نظارات ذات ألوان زاهية كما يفعل الناس المنفتحون.
وأوضحت الدراسة أن الانطوائيين والأكثر حزنًا يقضون المزيد من الوقت فى مراقبة الطبيعة البشرية أكثر من الذين ينشغلون بالتفاعل مع الآخرين.