رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سناء القزى تكتب: دراما 21 مارس

سناء القزى
سناء القزى

تفاديًا لأى لغط قد يطرأ عن السطور التى سوف تلى، أؤكد وأتعهد أن «أمى ملاكى وحبى الباقى إلى الأبد» وأنها «ست الحبايب وأغلى من روحى ودمى» وأن «روحى متعلقة بها» وأننى لولاها لما كنت ولا كبرت ولا أصبحت ما أنا عليه اليوم.. عشان محدش يزايد بس.
فلندخل الآن إلى صلب الموضوع: كمية الدراما التى تترافق مع نظرتنا إلى هذا الكائن الأنثوى الذى هو الأم ودفق المشاعر الذى يسيل كل ٢١ مارس من كل سنة.
لدى فى هذا الموضوع نظرية، قد لا يوافق الجميع عليها ولكنى أشاركها إياكم و«اللى يحصل يحصل».
هناك طبعا الكثير من الصدق فى المشاعر التى تنهال على الأمهات فى مثل هذا اليوم، ولكن هناك أيضا الكثير من الخبث الاجتماعى ليه بقا؟
لأننا كل مرة عظمنا فيها الأم المضحية، المسكينة، التعبة.. غرزنا سكينا فى أنوثة تلك المرأة.
وكأن الأمومة المعذبة هى الأمومة الوحيدة التى تستحق التكريم.. وكأن الأمومة المضحية هى التغفير الوحيد عن ذلك الذنب العظيم وهو أن الأم هى أصلا امرأة..
عارفين إيه أكتر حاجة بتستفزنى؟ جملة «أم عيالى» دى.. يعنى إيه «أم العيال».. يعنى أن الست دى مالهاش صفة عاطفية أو اجتماعية فى نظر جوزها غير من خلال ولادها.. إذا كان هذا ليس جرما ضد المرأة فما هو؟.
دليل آخر على الخبث الاجتماعى فى مناسبة عيد الأم بقا هو عدم احترام أم الشريك «أمى يا ملاكى».. بس «حماتى دى شيطان بشكل امرأة».. ما هى حماتك دى برضه أم؟ ولا لأ؟ طيب نسمى ده إيه بقا؟ لو مش خبث اجتماعى؟.
طيب عن كمية الذل والكبت التى تتحملها المرأة فى مجتمعاتنا باسم الأمومة و«الحفاظ على العائلة».. هى العائلة مسئولية الأم وحدها؟ هى الواحدة بتعمل عيلة عشان تتذل وتستحمل وخلاص؟ وآخرها صورة ووردة وحلة جديدة مرة فى السنة والباقى قهر ومرمطة؟ حب إيه وأمومة إيه دى اللى بنكرمها؟.
الخبث الاجتماعى ده، بتدخل وتساهم فيه الأم نفسها أيضا.. هى شريكة أساسية فيه. إزاى بقا؟ فى طريقة التربية بقا!.
التربية دى التى ترتكز على عقدة الذنب التى تزرعها الأم وتسقيها حنانا طوال سنين.. فيكبر هذا الكائن الذى اسمه الطفل وهو حاسس إنه مديون طول عمره لهذا الكائن المضحى الذى هو الأم.. تعيش طول عمرك.. لو حبيت كأنك بتخون مامتك، لو صرفت كأنك حرمت مامتك، لو سافرت كأنك هجرت مامتك، فيه حاجة كده، دايما قاعدالك فى زور ولو إنت متربى كويس حتفضل حامل عقدة الذنب دى طول عمرك من غير ما تحس بها.. بس هى موجودة! ومن يقرأ حاليا سوف يشعر بها، لا محال.
يا جماعة، الأمومة دى خيار وليست واجبا.. عندما تصبح الأمومة نوعا من الواجب للانخراط الاجتماعى خاصة بعد سن معينة لدى الكثير من السيدات، ده يبقى إيه لو مش خبث اجتماعى؟.

طيب أقولكم حاجة؟  انا ست الحبايب بتعاتي اشتغلت طول عمرها، وعمرنا أنا واخواتي ما حسينا بالنقص العاطفي… هي ضحت طبعا، لكن بمسؤولية… مسؤولية خيار هي عملته… مرة واثنين وثلاثة… ما هو الغلطة بتحصل مرة… مش معقول ح تحصل كل مرة… واكثر حاجة بحبها بماما؟ هي الست التي حافظت على نفسها وكيانها… تلك التي رغم أمومتها المفرطة، عندما انظر اليها، أرى أولا امرأة… ويا لها من أمرأة!