رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أسرار الصنايعية».. «الجارديان» تتجول في الدرب الأحمر: من هنا خرج كل شىء

صوره أرشيفية
صوره أرشيفية

الدرب الأحمر، ذلك الحى التاريخى المزدحم، الذى لا يزال يحافظ على وجود آلاف الورش المتخصصة فى الصناعات الحرفية واليدوية، التى تعود إلى قرون مضت أصبحت شوارعه هى الحدث الأهم فى معرض جديد للجمعية الجغرافية الملكية فى لندن، والذى يحتفى حاليًا بمهارات هؤلاء العمال، بداية من غد الجمعة، حتى بداية شهر إبريل المقبل.

البداية كانت بتقرير أجراه صحفى جريدة «الجارديان» البريطانية هارى جونستون، وزميله المصور كريستوفر ويلتون، عن حى الدرب الأحمر، وأكد «جونستون» خلاله أن هذا الحى يعد من أقدم مناطق القاهرة التاريخية، ويضم ٦٥ أثرًا إسلاميًا، فضلًا عن جامع الأزهر، وتنتشر تلك الآثار بدءًا من بوابة المتولى، مرورًا بشوارع «التبانة، والمغربلين، وسوق السلاح، والمعز لدين الله، والقلعة»، وغيرها من الشوارع التى تميز الحى القديم، والذى يحتفظ بعبق التاريخ.

وبحسب الصحيفة، فإنه مهما كانت الأصناف المصنعة يدويًا فى العالم، فإن فنانى الدرب الأحمر يستطيعون تصنيعها، ويتاجرون بها منذ مئات السنين، وتضم ورش حى الدرب الأحمر الذى يسكنه ١٠٠ ألف شخص الخيام، والكتب، والصناديق، والفوانيس النحاسية، إلى الأوانى الزجاجية، والسجاد الحريرى».
وتضيف الصحيفة عن الحى، الذى تجول فيه مراسلها، أنه تم بناؤه فى عام ١٦٥٠، وكان عبارة عن أروقة، وسلسلة من غرف العمل، التى زخرفت حوائطها بالأعمال الفنية.
ونقلت الصحيفة، عن خياط يدعى «حسن»، يعمل بحى الدرب الأحمر، قوله: «يعود تاريخ صناعة الخيام فى مصر، أو الخيامية كما يطلقون عليها، إلى زمن الفراعنة، وينحدر بعض النساجين اليوم من العائلات، التى كانت تتولى صناعة كسوة الكعبة، وكذلك الخيام، والملابس، والسروج، لأولئك الذين يخططون للحج».
وأضاف «حسن»: «كان السلطان حينها يعيش بالقرب من البوابة الفاطمية القديمة وباب زويلة، ويشاهد قافلة كسوة الكعبة، وهى تغادر فى موكب مهيب».
من جانبه، قال مراسل الصحيفة: «من المستحيل أن نصور جميع الفنون التى شاهدناها فى الدرب الأحمر، بسبب ذلك الزخم فى الحى القديم».
وتشير الصحيفة إلى أن الوجوه الأجنبية الوحيدة التى يمكن أن تراها فى الدرب الأحمر، أصحابها مسلمون شباب من إندونيسيا، يدرسون فى جامعة الأزهر القريبة منه، ويقول كل من «جونستون وويلتون» إنهما كانا يشعران بالأمان التام، وهما يتجولان فى ذلك الحى، وسط عدد لا يحصى من الرجال والعجائز، جالسين عند المقاهى، يشربون أكواب القهوة أو الشاى، ويرحبون بنا بعبارة (أهلًا وسهلا)».
ويروى «جونستون» قصته مع الحى: «بجانب مسجد السلحدار الذى يعود بناؤه للقرن الرابع عشر، دخلت بيت صبغ الخيوط والنسيج، وقابلت حرفيًا يدعى سلامة، والذى كان يعمل صباغًا لمدة ٧٣ عامًا، حيث يتم صبغ الأقطان بالحبر الأسود».
وتابع «جونستون»: «أخبرنى سلامة كيف أن العمل كان جيدًا فى ظل نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقال لى: إن الروس كانوا يعطونهم الأسلحة مقابل القماش، لكن فى عام ١٩٦٧ تغيرت الأمور بعد الحرب الكارثية التى استمرت ستة أيام ضد إسرائيل، وبعد أن جاء السادات، الذى حرّر الاقتصاد، وفتحه أمام الاستثمار المحلى والأجنبى، دخلت بضائع أرخص فى السوق المحلية، وكانت ضربة لصغار المنتجين، والكثيرون فقدوا وظائفهم».
وأكمل: «ينغمس معظم الحرفيين من الرجال والنساء فى تاريخهم، ويحيون عناصر ثقافتهم كل يوم، وداخل ورشة عمل بالقرب من جامع الأزهر فى القاهرة، رأيت يغلف (إسلام) وزميلته، يغلفون ١٥٠ كتابًا فى اليوم، عبارة عن تفسيرات للقرآن الكريم، ويتم الانتهاء من الكتب وإعدادها للبيع والشحن».
كما قال «جونستون»: «إنهم ينسجون منذ زمن بعيد سجاد يستخدم الحرير فى صناعته، وسجاد للصلاة فى غرفة صغيرة فى الشوارع الخلفية لحى منشية ناصر القريب من الدرب الأحمر، وهذه المهارة لا تزال حية حتى اليوم، حيث يستغرق شخصان ستة أشهر للحصول على سجادة حريرية بطول مترين إلى ثلاثة أمتار.