رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في عمق الذات.. السلوك فكرة!

ياسمين
ياسمين

السلوك.. فكرة!
إن ما تحتاج إليه حقًا هو أن تصل إلى تلك المرحلة التى تدرك فيها أنك لست فى حاجة إلى شىء أو إلى إنسان!
فذلك هو المؤشر الحقيقى للوصول إلى حالة السلام، تلك الحالة التى تعد أعظم النعم على الإطلاق، فهناك تشعر بالتحرر من مكبلات الحياة، هناك تستشعر تخلصك من قيود الأنا (إحدى مكونات النفس) ذلك المكون المتطلب المتسلط الذى لا يستقر إلا بغزل خيوط تقيدنا إلى العالم المادى، سواء بتطلب ماديات الحياة أو بالتعلق ببعض البشر، كلاهما قيودٌ تمنعنا من السلام، فارتباط النفس البشرية بكل مادى سعيًا وراء وهم السعادة يعيقه عن استمرار تلك الحالة من الاستقرار الروحى كلما توهم اقترابه من تلك السعادة المنشودة.
والحقيقة أنه وللتخلص من تلك القيود، علينا البدء من حيث توجد الأفكار، فالسيطرة على ما يخالجنا من أفكار يمكننا من السيطرة على ما نقدم عليه، وقد ألزم الله الإنسان بالامتناع عن إيذاء النفس "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" وتبدأ التهلكة دائمًا من حيث تكون الأفكار.
فإذا ما تناولنا مفهوم الانتقام على سبيل المثال، فالتفكير بالانتقام هو تفكير سلبى يمد الإنسان بقدر كبير من الطاقة السلبية التى تعمل على اجتذاب طاقات سلبية أخرى على نفس ترددها، فتتصاعد الأفكار السلبية الموجهة إلى الأفعال، ممتطية تلك الموجات السلبية المتلاحقة فتطغى نبرة الانتقام على صوتك وشرارته على نظرتك وغشاوته على إدراكك وتحيط أسواره بوعيك ومعانيه على ألفاظك، فتتهيأ ذاتك بأكملها للانتقام!.
ثم وبعد الانتقام يأتى الندم، فالدافع للانتقام هو دافعٌ أنوى بحت لا علاقة له بالسلام، وإنما هو وعدٌ كاذبٌ بالسلام! بينما تترسخ مبادئ السلام على مفاهيم العفو والتسامح والصفح والإحسان والمعاملة بالتى هى أحسن.
وتلك النتيجة يعانى منها البشر على اختلاف أحوالهم، فحتى أولئك الذين وجدت على قلوبهم أقفالها، لا تهدأ أنفسهم بالانتقام بل تزداد اشتعالًا وتتأجج نيرانها لتحرق المزيد من السلام، متوهمين خطأ أنهم فى سعيهم إليه! فنتيجة الانتقام فى كل الأحوال  أبعد ما يكون عن السلام، وأن الأرق ما هو إلا مزيد من الهم والحزن والإجهاد.

ويعد التباس المفاهيم أحد أهم أسباب توالد الأفكار السلبية، لذا فإدراك المفاهيم والتمييز بينها هو إحدى الطرق الفعالة فى السيطرة على توالد الأفكار السلبية. فإذا ما تناولنا المثال السابق وجدنا أن هناك التباسًا حادًا بين مفهومى الانتقام والقصاص!.

فالانتقام يكون من النفس ما من معيار أو قوانين تحكمه إلا قانون الأنا!، بينما القصاص هو عدلٌ  ربّانى له آلياته الدنياوية المشروعة والتى تقدمه وفقًا لقوانين ومعايير وتشريعات واضحة.. "ومن عفا وأصلح فأجره على الله".

علينا أن نميز بين المفاهيم ومن ثم الإبقاء على الإيجابي منها، فالأفكار هى الخطوة الأولى التى تقود إلى كل شىء.
يتبع..

[email protected]