رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

داعشى تائب فى سيناء: قطاع طرق وتجار مخدرات يقودون التنظيم.. والتابعون جهلة وبلا فكر

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه

قال «أبو عبدالرحمن المقدسى»، فلسطينى تائب، ترك الموالين لـ«داعش» فى سيناء منذ فترة، إن قادة التنظيم يلقبون المتحالفين معهم ممن هم خارجهم بـ«الأنصار»، ويقدمونهم قرابين موت، فى الوقت الذى يبعدون فيه أبناءهم وأحباءهم عن المعارك.
وأضاف «المقدسى»، وهو اسم حركى، الذى حاورته «الدستور»، عبر صفحته «مذكرات عائد» على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، أنه بقى مع الموالين لـ«داعش» سنتين، ضمن جهازهم الإعلامى، ثم قضى شهرين كاملين للهروب من التنظيم.

■ بداية.. هل يمكن أن تعرفنا على نفسك؟
- أنا شاب التحق فى السابق بالموالين لـ«داعش» فى سيناء، قبل أن أنجح فى الهروب منهم، والعودة مرة أخرى إلى فلسطين، لأننى من أبناء غزة، وكنت أحمل كنية «أبوعبدالرحمن المقدسى»، وأعمل فى الجهاز الإعلامى للتكفيريين.
■ متى قررت الانضمام إلى التنظيم؟
- بعدما أعلن ما يسمى «أنصار بيت المقدس» فى ٢٠١٤ مبايعته تنظيم «داعش» وزعيمه أبوبكر البغدادى، بدأت أنا ومجموعة من الشباب معى فى التخطيط للانتقال إلى سيناء، وظللت فى التنظيم أكثر من سنتين، حتى عدت إلى بلادى هاربا.
■ لماذا قررت الهروب؟
- أول ما وضعت قدمى فى أرض الخلافة المزعومة، انكشفت لى جميع الأكاذيب التى يروجونها لاستقطاب الشباب، وتيقنت أنهم خدعونا عندما قالوا: «نحن دولة الإسلام ونقيم الشرع». من يطلق على نفسه زورًا بأنه «والى» كان يستضيف «المهاجرين» فى مضيفته ويقول لهم: «اللهم اجعلهم سهاما فى كنانتنا»، وبعدها لا يبالى إن عاشوا أو ماتوا، كما أنه كان مهربا هو وابن عمه «ذو السبعة أرواح»، كما كان يحب أن يسميه.
خدعونا بقولهم «دين وشريعة»، والله وحده يعلم أنهم يبعدون عن الدين بُعد المشرق عن المغرب، كما أن زعيمهم فى سيناء استقبل فى مضيفته أحد أفراد جهاز مخابرات غربى، وأخذ منه مجموعة من الملفات و«لاب توب» حديثا، ولم ينكر ذلك، وعندما سألته قال إنه من المهاجرين وينوى القتال، لكن بعد ساعات قليلة غادر سيناء.
■ أتتوقع أن يكذبك مؤيدو التنظيم عندما يقرأون هذا الحوار؟
- التنظيم افتضح أمره خلال الفترة الماضية، خاصة مع العمليات الإرهابية التى نفذوها ضد المسلمين، ولأن الصورة تختلف عن الواقع، فإنك عندما تذهب لتكفيريى سيناء سترى تنظيما، وإن شئت فقل شبه تنظيم، يتسابقون لتقديم من هم من خارجهم كـ«قرابين موت».
وقيادات التنظيم يحافظون على أبنائهم وأحبائهم بعيدا عن المعارك، ويرمون فقط من يسمون «الأنصار» من خارج سيناء للقتال، ومن يرد التأكد عليه الرجوع لأسماء قتلى المعارك وسيعرف جيدا ما أقول.
■ ما الذى يدور داخل التنظيم؟
- الوضع بالداخل يشبه لحد كبير «لهيب الصحراء»، فهذا ليس مجرد اسم على أحد إصدارات «داعش» فقط، بل هو واقع تعيشه العناصر هناك، فقيادات التنظيم قمة التفكير والإبداع فى إلقاء أتباعهم إلى «لهيب الصحراء»، حيث لا طعام ولا ماء إلا للشرب والوضوء.
«المقاتل» يمكث ٣ أيام فى المضيفة المخصصة لاستقبال الوافدين الجدد، وبعدها يترك للمحرقة، فإما أن يحترق بنار الصحراء، وإما أن يترك ليموت ضحية لمآرب ومصالح «داعش» وقادته.
والتنظيم يحسن استغلال حب بعض الشباب للعيش فى حياة قاسية مليئة بالصعاب والمشقة والتعب، ويهيئون له أن الوضع لن يكون كما كانت حياته فى السابق، حين كان يتوفر بها كل وسائل الراحة مع والديه، وبذلك لا يستطيع الشاب الاعتراض على الواقع الذى يعيشه، فيصبح أسيرًا لهذه الأفكار.
وإذا تجرأ وسأل: «لماذا نعيش هذه الحياة الصعبة؟»، تكون الإجابة من قبلهم حاضرة: «إنت بتفكر حالك جاى على رحلة، هنا أرض الخلافة والجهاد»، هذه جملتهم الدائمة، وفى نهاية اليوم يعود السيناوى المنتمى إليهم لأسرته وأبنائه، ويبقى «المهاجر» يعانى «لهيب الصحراء».
■ هل هناك الكثير من الشباب الذى يريد العودة؟
- الكثير من الشباب بعد أن انضم إليهم تراجع وأراد العودة مرة أخرى، لكنه فشل فى ذلك، إذ يواجه القتل فورا، لأنه بعد أيام قليلة من الانضمام يورطون الشاب فى عمليات ويصورونه بوجهه فيها، فيصبح مطلوبًا من أجهزة الأمن فى بلده ومتهما فى قتلى العملية.
إعلاميو «داعش» يصورون الشخص بوجهه ثم بلثام، ويصورونه قبل القتل وبعده، كى يتم توريطه ولا يستطيع العودة، وإذا أصر وألح على العودة يتم حبسه وسجنه أو تصفيته وقتله، فتكفيريو سيناء قمة فى الإجرام، وفى إجبار الشخص وابتزازه على فعل ما لا يريد.
وهناك تشابه كبير بين أسلوب الابتزاز، الذى يستخدمه الصهاينة للإيقاع بالشباب بعد توريطهم، والأسلوب الذى يتبعه هؤلاء، والفارق فقط فى مادة ومحتوى الابتزاز.
■ ما حقيقة انضمام أعداد كبيرة من الشباب الفلسطينى لتكفيريى سيناء؟
- نعم.. صحيح، لكن الآن بدأوا مسلسل تصفية أبناء غزة، وجعلوا من سيناء مصيدة للشباب المتحمس وزجوا بهم فى معارك خاسرة، لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وقبل أن أتركهم بأيام حدث حوار بين الفلسطينى أحمد الحلاق «أبوأسيد» وأحد قادة التنظيم عن الوضع الإنسانى فى غزة وسيناء. وأظهر «أبوأسيد» تعاطفه مع الأهالى فى البلدين، واشتد بينهما النقاش، وبمجرد أن مرت أيام تم الإعلان عن مقتله، وحسب معلوماتى فإن ذلك لم يتزامن مع أى اشتباكات بين الجيش المصرى والتكفيريين.
وعلمت من أحاديث أفراد التنظيم عبر «تليجرام»، والرسائل التى وصلت إلى ذويهم، أن «أبوأسيد» تعرض لعملية تصفية على يد رجال «المفرزة الأمنية» وهو «جهاز أمن داعش».
ومن جملة ما يسرى من أحاديث فى صفوف هذه العناصر هو الاستهداف المقصود لشباب غزة، حتى إنهم أصبحوا يصفون إرهابيى سيناء بـ«المصيدة» التى تستغلها إسرائيل عبر عملاء لها، باستدراج هؤلاء الشباب المتحمس وتصفيتهم وتحييدهم بعيدا عن معركتهم الحقيقية مع الاحتلال الإسرائيلى.
■ فى النهاية.. ما الرسالة التى تريد أن توجهها للشباب؟
- أقول لهم: إن هؤلاء الشباب مغرر بهم ومضحوك على عقولهم، ومغسولة أدمغتهم، فهل من الدين أن يذهب شاب فى العشرين من العمر أو أقل، ليقتل الآمنين ويحارب الجيش المصرى، متضامنًا مع أناس يدعون ولايتهم على الخلق، ولا يعرف أحد عنهم شيئًا، وليصبح مأمورًا من تجار المخدرات وقاطعى الطرق وقتلة الأبرياء، يحكمون تابعين بالجهل والكذب وفساد الرأى والفكر.