رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد صبحي: معظم المسلمين يقدسون المصحف ولا يؤمنون بآياته (حوار)

أحمد صبحي منصور
أحمد صبحي منصور

رأى الدكتور أحمد صبحى منصور، المفكر الإسلامي، زعيم تيار «القرآنيين»، الداعى إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم، والتخلى بشكل كامل عن كتب الحديث، أن «تجديد الخطاب الدينى» مصطلح خاطئ.

واعتبر «منصور»، فى حواره مع «الدستور»، أن الإصلاح الدينى يحتاج إلى إصلاح دستورى وقانونى، يضمن حذف كل التشريعات التى تعوق حرية الفكر، وتسمح بتوضيح التناقض بين الإسلام وشريعته القرآنية، وبالأحكام التراثية الموجودة فى كتب التراث.

ورأى أن المسلمين يعانون حاليًا من تقديس «المصحف» دون الإيمان بكثير من آياته، فضلًا عما وصفه بـ«رفع شخص النبى إلى مكانة تختلف عن مكانته القرآنية»، إضافة إلى وضع بعض الكتب فى مكانة التقديس وجعلها حكما على القرآن وتشريعاته، داعيا إلى الاكتفاء بالقرآن وحده، من أجل تحقيق الإصلاح.


■ لماذا لم تبدأ حركة حقيقية لإصلاح الخطاب الدينى رغم مطالبات الرئيس السيسى بذلك أكثر من مرة؟
- الدراسات الدينية والمؤلفات الأزهرية تقوم على عمودين، هما القرآن والتراث، وهناك تناقض واضح بينهما، يتحكم فى طبيعة من يتخرج فى هذه المدارس، وعلى رأسها الأزهر الشريف، فإن أسلم الدارس عقله للقرآن فإنه يصبح متمردا على كتب الثرات، أما إذا أسلم الدارس نفسه لكتب التراث، فإنه سيسير فى قطيع أغلبية المشايخ الذين لا يمكنهم قيادة الإصلاح.

■ كيف نضبط مفهوم الإصلاح فى رأيك؟
- الإصلاح الدينى لا ينفصل عن الإصلاح السياسى، ويجب أن يؤسس على إصلاح دستورى وقانونى، ينقى التشريع من كل ما يعوق حرية الفكر، وأهم ملامح الخطاب الدينى الإصلاحى الذى يحتاجه العالم الإسلامى اليوم هو توضيح التناقض بين شرائع المسلمين التراثية خصوصا الوهابية السُّنّية من جهة، الإسلام وشريعته القرآنية وقيمه العليا السامية.

■ البعض يتهمك بالهجوم الدائم على التراث الإسلامى فما أسباب ذلك؟
- ليس صحيحا أن نصف التراث بـ«الإسلامى»، ولا يجب أن ننسبه إلى الإسلام، بل ننسبه إلى أصحابه، وعليه فهناك تراث سنى وتراث شيعى وآخر صوفى، والغريب أن الذين يقدسون هذا التراث لا يفقهون فيه شيئا، فهو مجرد عمل بشرى يعبّر عمّن كتبه، وليست له أى صلة بالإسلام، ولا يوجد به سوى التناقض، وأصحاب الاختصاص فيه، ونحن منهم، يعلمون ذلك، وتشهد عليه آلاف المقالات والأبحاث والكتب التى كتبناها فيه.

■ ألا يعنى ذلك إلغاء السنة التى ذكرت فى القرآن؟
- السُنّة طبقا للقرآن هى الشرع الإلهى، ومنهاجه فى التعامل مع المشركين، أى هى سُنّة الله جل وعلا، أما الرسول فهو «أسوة حسنة»، وليس «سُنة» حسنة، لذا فأقاويل الرسول هى ما جاء فى القرآن الكريم بعد كلمة «قل»، التى تحصر له ما يجب أن يقوله، وبالتالى فإن السُّنّة هى فى القرآن نفسه، وكذلك أقوال الرسول.

وعلى هذا نقول إن القرآن كاف للمسلم، كما أكّد رب العزة فيه، والفارق بيننا وبين تيار «السنيين»، أنهم يقولون بأن السنة العملية هى العبادات وهذا نتفق معهم فيه، لكنهم يرون أن السُّنّة القولية هى فى أحاديث البخارى وغيره، وهذا ما نخالفهم فيه، لأننا نرى أن الله جل وعلا سيحاسبنا وفق ما جاء فى كتابه، وليس وفقا لما افتراه أصحاب الكتب، ومن بينهم البخارى.

■ كيف توصلت لهذا الرأى؟
- حين كنت سنيا معتدلا وإصلاحيا، نقدت كتاب البخارى وفق منهج جديد، هو عرضه كله على القرآن الكريم، ثم تطور الأمر إلى إثبات عدائه للإسلام من خلال طريقة صياغته للأحاديث، ومنهجه فى عرضها، وفى تكرارها، وفى نثرها فى كتابه، ثم تطور الأمر فيما بعد، وابتداء من ١٩٨٧ توصلت للاكتفاء بالقرآن الكريم وحده، والبحث عن الإسلام وشريعته وقيمه العليا من خلاله فقط.

وتاريخيا، تعرض كتاب البخارى لانتقادات من حيث الرواة فى عصر الاجتهاد العباسى، قبل أن يتحول البخارى إلى كتاب مقدس فى عصر التقليد، المملوكى والعثمانى، حتى صار له ميعاد سنوى يجرى فيه «ختمه» فى شهر رمضان فى حضور السلطان، وتجدد الانتقاد على استحياء فى العصر الحديث، كما فعل الشيخ عبدالرحمن الوكيل، رئيس جمعية أنصار السنة الأسبق، لكن النقد تركز على متن بعض الأحاديث، مثل حديث «الذبابة»، وحديث رهن النبى لدرعه عند يهودى، وحديث اليهودى الذى سحر النبى، وغيرها.

■ قلت فى بعض المناسبات إن المسلمين يقدسون القرآن لكنهم لا يؤمنون به.. فماذا عنيت بذلك؟
- قلت إن المسلمين فى معظمهم يقدسون «المصحف» لا القرآن، فمعظم المسلمين لا يؤمنون بالقرآن إلا إذا كان معه كتاب بشرى آخر، لأنهم يجعلون هذه الكتب حكما على القرآن وأعلى منه، فمثلا: يوجد فى القرآن الكريم حوالى ١٥٠ آية قرآنية تنفى شفاعة النبى، لكن المسلمين لا يؤمنون بها، بل يتمسكون ببضعة أحاديث تزعم شفاعة النبى، حتى إن بعضهم يتطرف فيزعم أن أحاديث السّنة تنسخ أى تلغى أحكام القرآن.

وهذا يعنى أنهم عمليا يرفعون البخارى ورواة الأحاديث فوق رب العزة جل وعلا، أى هم أسوأ من قوم الرسول، الذين اتخذوا القرآن مهجورا، وهذا ما يبدو واضحا فى الاضطهاد الذى يتعرض له أهل القرآن، فى دعوتهم الإصلاحية للاحتكام إليه وحده.

■ فى رأيك.. ما أهم الأفكار الخاطئة التى يتمسك بها المسلمون؟
- أديان المسلمين الحالية أرضية، بما فيها من تصوف وسُنّة وتشيع، وكلها تختلف مع بعضها، وتتفق فى تناقضها مع الإسلام الذى نزل به القرآن، بدءا من تقديس البشر والحجر، إلى اختراع شرائع تستحل الحرام وتحرم الحلال، ويكفى أنهم يحرمون الغناء الحلال ويستحلون قتل النفس البريئة.

كما أن المسلمين اليوم هم فى معظمهم «محمديون»، أى أنهم يقدسون النبى محمد، بعدما صنعوا منه شخصية إلهية تتناقض مع شخصيته القرآنية، ومن هذه البداية تفرعت العقائد والتشريعات التى تتناقض مع الإسلام، ويرفض كثشيرون التخلى عنها، فى ظل تقديسهم النبى والصحابة والأئمة، ورفض التخلى عن تقديس الكتب والأسفار المقدسة، وأقول لكل هؤلاء: موعدنا أمام الواحد القهار ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون.