رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمين «البحوث الإسلامية»: بعض التراث الإسلامي لا يتفق مع الواقع الحالي (حوار)

محيى الدين عفيفى
محيى الدين عفيفى

قال الدكتور محيى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن التراث الإسلامى، به بعض المسائل التى لا تتفق مع الواقع الحالى، نظرًا لارتباطها بتوقيت إصدارها.

ورأى، فى حواره مع «الدستور»، أن الحفاظ على التراث ومواجهة محاولات تشويهه «ضرورة»، لكن ينبغى أن يتم ذلك اعتمادًا على قواعد موضوعية، بعيدًا عن «التقديس التام» أو «الرفض الكامل»، معتبرًا أن قراءة النص أو التراث الإسلامى مسألة جدلية بين من يتجهون للتقديس الكامل، ومن يدعون لتركه بكل ما فيه.

■ ما الإشكالية التى تواجه التراث الإسلامى فى الوقت الحالى؟
- التراث به بعض المسائل التى لا تتفق مع الواقع الحالى، لأنها مرتبطة بتوقيت إصدارها، إلا أن ذلك لا يدعو للطعن فيها أو فى جهد الأئمة والعلماء القائمين عليها الذى أفنوا أعمارهم فى خدمة العلم، بل وخدمة المجتمع من خلال ما نشروه من علوم خدمت الإنسانية، لذلك يمكننا النقد، وفتح باب التقويم، من غير سب وطعن وتشويه الحقائق.

■ هل التراث قابل للتغيير؟
- لا نقبل المساس بالتراث ورفضه رفضًا قاطعًا، ونرى فى الوقت ذاته أنه صنع بشرى قابل للتغيير، لأن الإنسان يخطئ ويصيب، لكن ضبط التراث وتغييره ونقده يتم وفق ضوابط وقواعد، ومسأله الهجوم على التراث فى ذاته غير مقبولة، فلا يمكن أن نقرأ ما فى الكتب السابقة ونحاكمها من منطلق اللحظة الحاضرة.

وعامة، الواقع الحالى يتطلب نوعًا من الاجتهاد، فهناك مثلًا عدد من تفسيرات القرآن الكريم، فإذا جاء فى وقتنا هذا عالم دين يفسر القرآن الكريم، هل من المنطق أن نقول له: «يوجد علماء كُثر فسروا القرآن»؟

■ ما الضوابط التى يضعها الأزهر الشريف لضبط التراث؟
- الضوابط فى المؤتمرات والمناقشات العلمية التى يعقدها الأزهر، لكنها ليست مسائل نظرية، إذ يجب اختبار مضامين علمية على الواقع المعاصر، والأزهر يؤكد دائمًا حقيقة مهمة، وهى أن قراءة النص أو التراث الإسلامى مسألة جدلية بين من يتجهون للتقديس الكامل لمضمون التراث، ومن يدعون لتركه بكل ما فيه.

■ هل من الممكن أن تسن قوانين لمعاقبة مهاجمى التراث؟
- لا أعتقد.. والأزهر يعمل على منهج لتصحيح المفاهيم المغلوطة.

■ أيمكن تحديد «أعداء التراث»؟
- لا يشغلنا أن نحدد فئة بعينها لنهاجمهم مثلما يهاجموننا، لكن لا بد أن يعلموا جيدًا أن القرآن والسنة حينما توجها بالخطاب لم يخاطبا أشباحًا، وإنما خاطبا الأشخاص بواقعهم وحيواتهم، وكما أن حال الإنسان لا ينفك عن الماضى والحاضر والمستقبل، فنحن دون الماضى لا قيمة لنا.

■ كيف ترى «الاجتزاء» من التراث، وعلاقته فى انتشار الأفكار المتشددة؟
- علاقتهما قوية بالتأكيد.. لأن المتطرفين يأخذون من التراث ما يتوافق مع منهجهم وأهوائهم، ويطبقونها دون التعرف على زمانها وأسباب نزولها، واشتمال بعض كتب التراث على آراء قيلت من قبل لا يعنى تبنى تلك الآراء، فهناك منهجية علمية فى التعامل مع التراث.

هذه المنهجية تشمل عدم اجتزاء رأى من التراث من سياقه التاريخى، خاصة أنها وردت فى وقت وظروف معينة، ونؤكد دائمًا أن الزمان والمكان لهما اعتبار فى هذه الآراء، ولا يمكن بحال من الأحوال الادعاء بأن آراء ظهرت منذ ٥٠٠ سنة وكانت تعالج قضايا معينة فى زمن معين، تُستدعى حرفيًا للقرن الـ٢١، فهذا كلام لا يقره عاقل، بل يجب الجمع بين الأصالة والمعاصرة ومراعاة الواقع بكل ظروفه.