رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مدريد في انتظارك.. كيف أصبح صلاح أفضل من رونالدو؟

 صلاح
صلاح

يوم الجمعة الماضى، كنت فى منزل أحد نجوم الكرة المصرية لإجراء حوار ضمن سلسلة حلقات حول أزمات الكرة المصرية، وخلال حديثنا تطرقنا إلى ظاهرة محمد صلاح، فاجأنى الضيف بجملة: «صلاح أفضل من ميسى».. ضحكت بسخرية، وسألته: «كيف ترى ذلك دون جميع البشر؟».

وكانت إجابته مفاجأة حيث ظل يسرد بالبراهين والأسانيد العلمية على مدار ٣٥ دقيقة كاملة بأن محمد صلاح هو «ليونيل» بل وأفضل، لمعطيات وعوامل سنشرحها بالتفصيل قريبًا. وحينما سجل صلاح أول سوبر هاتريك له فى البريميرليج، أمس الأول، أمام واتفورد، وهو رقم فريد كان آخر من سجله مع «الريدز» هو لويس سواريز نجم برشلونة فى ٢٠١٣، تذكرت تلك الكلمات وبدأت أفكر بجدية فيما قاله الضيف: هل يستطيع صلاح التفوق على ميسى وكريستيانو رونالدو؟


ماكينة أهداف.. يتطور ويدير نجوميته باحترافية.. ويبحث عن إنجاز بعد كل سقوط

وصل صلاح لمرحلة وعى ونضج الأساطير، يعرف جيدًا معنى كلمة «نجم»، ومشغول طول الوقت بكيفية رعاية هذه النجومية والطريقة المثلى لإدارتها، لا شىء يشغله سوى التطور يومًا تلو الآخر، وإنجاز الجديد.
٢٨ هدفًا فى صدارة هدافى الدورى الإنجليزى، بفارق ٤ أهداف عن هارى كين نجم توتنهام، وبفارق ٧ عن ألكون أجويرو نجم مانشستر سيتى، وبفارق ٤ أهداف عن ليونيل ميسى وكافانى فى صراع «الحذاء الذهبى» كهداف للدوريات الكبرى.
هذه وغيرها من الأرقام القياسية الخيالية التى يحققها صلاح مع ليفربول هذا الموسم، تجعلنا نقول بصوت قوى إننا على موعد مع أسطورة ستتوقف عندها كرة القدم كثيرًا، وسيكتب اسمه بحروف من ذهب فى سجلات الكرة العالمية.
هل الأرقام التى قدمها صلاح وحدها كفيلة بذلك؟.. بالطبع لا، فثمة أمور أخرى كثيرة تعكس ذلك، فى مقدمتها وأهمها على الإطلاق التكوين الشخصى للاعب، وحجم الوعى الذى وصل إليه، وطريقة تعامله مع كرة القدم.
لذا عندما قيده مورينيو فى مواجهة الليفر واليونايتد بـ«يونج» الذى ظل رقيبًا له وملتصقًا بجسده فغيبه عن اللقاء، عاد إلى منزله حزينًا، يشعر بأنه وجب عليه الرد فكان عقاب واتفورد وإذلال دفاعه هو النتيجة.
فى هذا المشهد الأخير انعكاس حقيقى لحالة النضج والتركيز التى وصل إليها صلاح، ففكرة التخلص من الضغوط والخروج من فشل بتجديد الدوافع ليتبعه إنجاز كبير، من عادات الأساطير، هكذا عرفنا كريستيانو شرسًا بعد المرض، وميسى ثائرًا بعد الخمول، ليصبح الفرعون محمد صلاح أكثر لاعب يستحق أن يكون إلى جوار هذا الثنائى.
بعد النصف الأول من هذا الموسم كتبت إلى صلاح ناصحًا: «لا تذهب إلى برنابيو»، رأيت أن الفرصة ما زالت سانحة للتطور، وأن الوضع سيكون أفضل عندما يتحول إلى النجم الأول فى «الليفر» خلاف الأمر فى ريال مدريد، لكن الآن تبدل الوضع ومع حالة التوهج التى أظهرها «المو» بات لزامًا عليه التفكير بجدية فى الوصول إلى مدريد.
لماذا عدلت عن موقفى من ضرورة بقاء صلاح فى ليفربول؟
لن يقدم محمد صلاح مع ليفربول أفضل مما يقدمه اليوم: قمة العطاء، وأشياء خرافية يؤديها، ولم يعد ينقصه شىء ليصبح النجم الأول فى مدريد.
ورونالدو؟
رونالدو يتفوق على أى لاعب فى العالم فيما يتعلق بالقدرات العالية كهداف، وهذا بات صلاح يمتلكه وربما أفضل منه، وأضف إلى فاعليته أمام المرمى كهداف، قدرته على القيام بأدوار الجناح العصرى، فهو قادر على الاستلام عبر الأطراف واختراق العمق فى غمضة عين، وتحقيق الفارق سواء بالتسجيل أو صناعة اللعب، وهذا الدور لا يقوم به رونالدو الذى يحتاج لمن يضعه فى مواجهة مباشرة أمام المرمى ليسجل.

زيدان أكبر عائق حال الانتقال للملكى

نعم صلاح بات أكثر فاعلية أمام المرمى من رونالدو، ويزيد عليه بالقدرة على خلق المساحات، وفرص التهديف بكثرة تحركاته ونشاطه، عوضًا عن تمتعه بالقدرة على لعب أكثر من دور سواء فى مركز الجناحين أو المهاجم الوهمى أو حتى المهاجم الصريح.
قلت لـ«صلاح» مطلع الموسم: «لا تكون ظلًا لرونالدو»، والآن أقول بأنه لا أحد فى مدريد يستطيع تقديم ما يقدمه الفرعون، بمن فيهم رونالدو، فهو أكثرهم قدرة على كسب الصراعات الثنائية مع أى مدافع، ويمتلك تركيزًا شديدًا على حدود وداخل منطقة جزاء الخصم، فى مدريد يعانون من لاعب يصنع الفارق خارج منطقة الجزاء وداخلها، كما يفعل ميسى، يقوم بأدوار كبيرة بالقرب من الوسط وعلى الأطراف، قبل أن يصل إلى العمق فيكون المفتاح بحوزته، وهذا الدور بات صلاح قادرًا على القيام به، بينما رونالدو إذا لم يكن مارسيلو وإيسكو فى حالتيهما، فلن يجد من يضعه بالمواجهة المباشرة أمام المرمى ليقوم بمهمته الوحيدة وهى التسجيل.
شىء أتخوف على صلاح منه فى مدريد وأخشاه بشدة، هو العمل تحت قيادة مدرب لا يطور لاعبيه.. نعم يا صلاح سر ما وصلت إليه إلى جانب نضجك وتركيزك ووعيك، هو يورجن كلوب، فهو مدرسة فى تطوير اللاعبين، ومعلم فى إكساب من يتدربون على يده أمورًا جديدة.
فانظر مثلًا إلى راشفورد وبوجبا، كموهبتين ماذا أضاف لهما مدرب براجماتى، هدفه الوحيد حصد النقاط الثلاث بأى وسيلة، إلا التراجع بل وتدهور أدائهما وابتعادهما عن التألق الذى كان عليه كلاهما قبل التدرب على يديه، وانظر مثلًا إلى موهبتين شابتين مثل ستيرلينج وليروى سانى، ومدى حجم التطور الذى لحق بهما على يد بيب جوارديولا.
هكذا أنت جئت من روما، وتحولت مع كلوب الذى أطلق سراحك ومنحك حرية كاملة فى التحرك بالثلث الأخير، وأكسبك مهارات التصرف داخل منطقة الجزاء وكيفية فك التكتلات الدفاعية.
هذا ما يجب أن تضعه فى حساباتك عند الرحيل إلى مدريد، فمع زين الدين زيدان لن تقدم جديدًا، أما فى حالة رحيل الفرنسى وربما يكون هذا الأقرب سيتبدل الوضع، وليت كلوب يذهب معك إلى هناك فى العاصمة الإسبانية.