رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د. فؤاد زكريا.. فيلسوف العقل


وُلد د. فؤاد حسن زكريا فى مدينة بورسعيد فى ٢٥ ديسمبر ١٩٢٧. تخرج فى قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول (حاليًا القاهرة) عام ١٩٤٩. حصل على درجة الماجستير عام ١٩٥٢ والدكتوراه عام ١٩٥٦ فى الفلسفة جامعة عين شمس. عمل أستاذًا ورئيسًا لقسم الفلسفة بجامعة عين شمس حتى عام ١٩٧٤، كما عمل أستاذًا للفلسفة ورئيسًا لقسمها فى جامعة الكويت فى الفترة (١٩٧٤ - ١٩٩١). ترأس تحرير مجلتى «الفكر المعاصر» و«تراث الإنسانية» فى مصر.
قدم د. فؤاد زكريا للمكتبة العربية العديد من الأعمال الفلسفية والفكرية المؤلفة والمُترجمة، بالإضافة إلى مقالات ودراسات فى الصحف والمجلات مرتبطة بمشاكل فكرية واجتماعية ونقد السائد فى الفكر العربى والواقع المصرى. فى الدراسات والكتابات الفلسفية التى سجلها قدم لغة فلسفية رصينة وقدرة فذة على التحليل والنقد البناء وفهم دقيق للمصطلح الفلسفى.
من أشهر مقالاته «العلمانية هى الحل»، كما أنه صاحب نظرية «الغزو الثقافى الغربى خرافة لا وجود لها». خاض العديد من المعارك الفكرية دفاعًا عن العقل العربى، وكانت أبرز معاركه الفكرية عقب نشره مقالته الشهيرة «معركتنا.. والتفكير اللاعقلى» التى صدرت فى أكتوبر ١٩٧٣ - إذ كتب يقول: «إنه من الظلم البيّن أن ننسب الانتصار العسكرى الوحيد الذى أحرزناه فى العصر الحديث على الأعداء إلى الملائكة!!، وننكر الجهد الشاق الذى بذلته القوات المسلحة فى التدريب والإعداد والاستعداد الشاق». فور ذلك هاجمته بعض الصحف - فى ذلك الوقت - كما هاجمه بعض المنابر الدينية.
وفسر د. فؤاد زكريا مشكلة العقل العربى بقوله: «إن التحليل الدقيق لمشكلة العقل العربى يؤكد استمرار أو سيادة نمط واحد محدد من أنماط التفكير، أو شيوع التفكير اللاعقلانى وغياب المنطق وحضور الخرافة»، وأضاف: «كل هذا يؤدى فى النهاية إلى تكريس وتثبيت الأوضاع الصعبة التى تعانيها الشعوب العربية. وبقاء هذه الأوضاع حتى الآن يعنى أن التفكير العلمى السليم مازال بعيدًا عن التغلغل فى أذهان الناس وحياتهم العامة على المستويات والطبقات كافة».

وأوضح: «إن العقول لا تتغير من فراغ، فلا معنى لدعوة تغيير طرق التفكير عند الناس أولًا، ثم بعد ذلك تغيير الظروف والأوضاع، لأن الدعوة بهذا الشكل دعوة معكوسة، فالعقول لا يُعاد تشكيلها بقرار فوقى أو خطة طويلة المدى، العقول لا تبدأ التغيير إلا بعد أن تتغير الأوضاع من حولها». وفى ١١ مارس ٢٠١٠ رحل د. فؤاد زكريا عن عالمنا، وبرحيله فقدت الإنسانية شخصًا عظيمًا حاول أن يعيد إلى الإنسان أثمن شىء سلبته منه الخزعبلات، وهو عقله.